الانباء:البورصة الحكومية والمعطيات الرقمية السياسية

على الرغم من التقدم أو الاختراق المتواضع الذي حدث في عملية تشكيل الحكومة بأن جرى تحديد هيكلها وإطارها وتم الانتقال من مرحلة «الحصص والأحجام» الى «مرحلة الحقائب والأسماء»، الا ان ولادة الحكومة ليست وشيكة وستظل عملية التأليف تراوح مكانها أياما وأسابيع.. وتلخص مصادر سياسية واسعة الاطلاع آخر المعطيات الحكومية والسياسية في النقاط التالية:

1-الرئيس ميشال سليمان أكد مجددا أمام مقربين منه انه متمسك بوزارتي الدفاع والداخلية، وخصوصا «الداخلية» التي يرشح لها مجددا الوزير زياد بارود، وانه يريد «حصة وازنة» في الحكومة لا تقل عن أربع وزراء ولن يوقع على مرسوم حكومة لا ترضيه ولا تقنعه.

2- الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ليس في وارد الاعتذار في مطلق الأحوال وكل الانتقادات والتلميحات لن تؤثر عليه وتدفعه الى سلوك هذا الاتجاه التراجعي.. فلا مهلة دستورية ولا سقف زمنيا للتأليف وعامل الوقت يلعب في مصلحته، وما كان صعب المنال في بدايات التأليف أصبح سهلا، وما كان مرفوضا عند فريق 8 آذار ومازال سيصبح مع الوقت مقبولا.

الرئيس ميقاتي أنهى الجولة الأولى من المفاوضات المتعلقة بالأحجام والتوازنات بنجاح بعدما كان فاوض على (صيغة حكومية تقوم على كتلتين أساسيتين (كتلة 8 آذار والكتلة الوسطية) وتتحرك بين حدين: حد أقصى (13 ـ 17) وحد أدنى (11 ـ 19).

وقد تم التوافق فعلا على الصيغة الثانية وفق التوزيع السياسي التالي: 10 تكتل الاصلاح والتغيير (ضمنا المردة والطاشناق)/ 3 (أمل) 2 (حزب الله) 1 (قومي) 1 (ارسلان) 1 (معارضة سنية) 1 (فتوش)/ 5 (ميقاتي) 3 (سليمان) 3 (جنبلاط)، ولكن ثمة تجاذب وتنازع كبير حول الحقائب.

3-العماد ميشال عون أنهى الجولة الأولى بتنازل يعد وهميا أكثر منه فعليا عندما وافق على عشرة وزراء لتكتله بدلا من 12 وزيرا، وهو ما اعتبر في حينه رفعا متعمدا للسقف الوزاري لخفضه لاحقا. في الشكل ينتظر عون من ميقاتي: عرضا بالحقائب العائدة له ليحدد في ضوئها الأسماء (وليس العكس)، وزيارة من ميقاتي الى الرابية للتفاوض المباشر وبت الأمور، وعندما تحصل هذه الزيارة سيكون المؤشر الحاسم الى قرب ولادة الحكومة. أما في المضمون فإن عون يريد في حصته الصافية له وهي ست وزراء (بعد اقتطاع حصتي فرنجية والطاشناق) ان تكون مشكلة من 4 وزراء موارنة وأرثوذكسي وكاثوليكي، وان يعطى خمس حقائب ووزارة دولة، وان يكون بين هذه الحقائب وزارة سيادية (الداخلية أو المالية)، اضافة الى وزارتين خدماتيتين أساسيتين (الاتصالات أو التربية/ الطاقة أو الصحة).

4- الأسماء «المحسومة» لوزراء الحكومة العتيدة هي:

٭ عند السنة (4 من 6): نجيب ميقاتي، محمد الصفدي، علاء ترو، وليد الداعوق يبقى وزيران: رابع لـ «ميقاتي» وخامس لـ «المعارضة السنية» يوافق عليه ميقاتي.

٭ عند الشيعة (1 من 6): علي قانصوه (لم يحدد بري وحزب الله أسماء وزرائهم، واللائحة المتداولة لم تتغير وتحمل أسماء، محمد جواد خليفة، ياسير جابر، محمود بري، حسين الحاج حسن ومحمد فنيش).

٭ الدروز (2 من 3): غازي العريضي ووائل أبو فاعور.

الاسم الثالث بين طلال ارسلان اذا أعطي وزارة أساسية أو من يمثله (مروان خيرالدين) اذا أعطي وزارة دولة..

٭ الموارنة (2 من 6): جبران باسيل، سليم كرم، وهناك ثلاثة أسماء مطروحة عند عون (شكيب قرطباوي لـ «العدل» وسليم عون لـ «الداخلية» وفادي عبود لـ «السياحة»).

٭ الأرثوذكس (2 من 4): نقولا نحاس (ميقاتي)، فايز غصن (فرنجية). يبقى وزيران الأول في خانة الرئيس سليمان والثاني في خانة عون حزب الله (يعقوب الصراف).

٭ الكاثوليك (1 من 3): نقولا فتوش.. شربل نحاس يتعلق مصيره بوزارة الاتصالات.. والثالث تبعا لما ستكون عليه حصة الرئيس وما اذا وزيره الثالث أرثوذكسيا أو كاثوليكيا.

٭ الأرمن (الطاشناق لم يحدد اسمي وزيريه).

5- العقد الأساسية الكامنة في التشكيلة الحكومية هي:

٭ وزارة الداخلية التي يريدها سليمان مدعوما من ميقاتي ويطالب بها عون من دون دعم واضح من حلفائه. (ما تردد عن «وزير توافقي» سمي «وزير ملك» لوزارة الداخلية واحتمال ان يكون سفير لبنان في الفاتيكان العميد جورج خوري، تبين انه غير صحيح أو احتمال ان يكون الوزير السابق جان عبيد الذي يفضله كثيرون وزيرا للخارجية ويرونه «ملكا» فيها).

٭ وزارة الاتصالات التي يريد ميقاتي تغييرا فيها، فإما ان تخرج من حصة عون واما ان يسمي عون وزيرا آخر غير شربل نحاس. ويبدو ان للرئيس المكلف ملاحظات على الطريقة التي يدير بها نحاس وزارة الاتصالات، وهذه الملاحظات تتوزع في اتجاهين: الإدارة المالية والإدارة «الكيدية» ضد مسؤولين محسوبين على تيار المستقبل، وهو ما يخشاه ميقاتي مستقبلا من وزارة الداخلية اذا حصل تغيير فيها.

٭ وزارة الدفاع التي يريدها كل من فرنجية وارسلان. ويبدو انها ستؤول الى فرنجية لأن لديه مرشحا أرثوذكسيا لها.. وتبقى مشكلة ان فرنجية يريد لوزير الدفاع الجديد (فايز غصن) ان يكون نائبا لرئيس مجلس الوزراء، فيما يفضل ميقاتي فصل نيابة الرئاسة عن وزارة الدفاع وان تكون لأحد وزرائه (نقولا نحاس) اذا وزعت وزارات الدولة على الجميع.

٭ وزير «المعارضة السنية» حيث لايزال ميقاتي متمسكا بموقفه بعدم توزير فيصل عمر آرامي، فيما يرفض الرئيس عمر كرامي تسمية آخر من عكار أو الضنية. ولكن المهم هنا ان مبدأ توزير المعارضة السنية قد أقر ولم تعد لميقاتي تحفظات في هذا الشأن.

6- في السياسة ثمة ملاحظة وانطباع:

الملاحظة تكمن في تحول الصدام الحكومي صداما بين ميقاتي وعون مع ان معركة ميقاتي الفعلية هي مع الحريري ومعركة عون الفعلية هي مع سليمان، وفي هذا الصدام ميقاتي حتى الآن هو الرابح وأفاده هجوم عون المركز عليه في تعزيز وضعه السني، فيما ربح عون يتوقف على مدى قدرته على الصمود والاستمرار في موقفه وعلى من يتنازل ومن يقول آخ أولا.

عون الذي يعتبر ان على ميقاتي ان يستقوي به لا عليه يقول عنه قريبون من ميقاتي انه يحق له طرح مطالبه ولكنه يخطئ في طريقة طرحها، كما انه يخطئ في قراءته السياسية عندما يعتبر ان ما صح مع الحريري في الحكومة السابقة (حكومة تصريف الأعمال حاليا) يصح مع ميقاتي في الحكومة الجديدة، فالظروف مختلفة وموقع ميقاتي عند حلفاء عون مختلف أيضا.

أما الانطباع، فهو ان «قطبة مخفية» تؤخر ولادة حكومة ميقاتي، ولا يعقل ان يكون التأخير لأسباب محض داخلية.

السابق
استمرار وصول اللبنانيين من ابيدجان والشركة الايرانية نقلت 201 راكبا
التالي
شمعون:خلافات 8 آذار تعيق التشكيل