الحرب على برّي

(خاص الموقع)

بعدما وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة "أمل" بأنّهما تابعان لحزب الله، كان ينزعج ويمتعض ويسخر أحيانا، لأنّه حافظ على مواقعه وعلى حصته في الكعكة الشيعية، طوال عشرين عاما، منذ اتفاق الطائف.
فهو ما زال يملك ثلاثة عشر نائبا، تماما مثل حزب الله، الذي تصاعد عدد نوابه تدريجا، من ثمانية نواب في انتخابات العام 1996، إلى تسعة في العام 2000 إلى 11 في 2005 وصولا إلى التساوي مع بري اليوم، تمهيدا لتخطيه ربما في الانتخابات الآتية. والسيناريو نفسه شهدته مجال السجنوب والبقاع البلدية.

وفي مجلس الوزارء يحصل على حصة الأسد، خصوصا حين يتنازل الحزب لحلفائه السنة أو الدروز أو المسيحيين، وهو يمسك بالحقيبة السيادية الشيعية، وزارة الخارجية، كما يحصل على معظم الحصص الشيعية في الوظائف العامة.
رغم ذلك يعرف الجميع أنّ شعيبة "أمل" تغرق في شعبية "حزب الله" يوما بعد يوم.
وصباح الخميس الفائت بدا أنّ برّي تلقّى ضربة موجعة من الجريدة الأقرب إلى حزب الله، جريدة الأخبار، وثائق منتقاة من ويكيليكس، تنقل عن ألسنة مقربين من بري كلاما يرقى إلى "الخيانة" بالنسبة للتحالف، وإلى العمالة، في ميزان أوصاف "حزب الله" لمن لا يدافعون عنه أمام الأميركيين.

الأخبار عنونت بأنّها تنقل أخبار مطاردات بين بري والسفير الأميركي السابق في لبنان، جيفري فيلتمان.
ونقلت أنّ وزير الصحة محمد جواد خليفة، أحد ثوابت بري الوزارية، قال إنّ حزب الله سيحول حياة اللبنانيين والشيعة إلى جحيم بسبب توسّعه في المناطق السنية، وبحسب الوثيقة المنشورة إعتبر خليفة أنّ حزب الله لا بدّ سيقتنع بالتغير وبنزع سلاحه كما نزع سلاح الميليشيات اللبنانية بعد الحرب الأهلية، وأعطى معلومات عن أن الحزب يمكك 5 آلاف مقاتل بدوام كامل.
ونقلت الأخبار عن الوزير ياسين جابر، أحد المقربين جدا من بري، أنّه دعا الأميركيين والمجتمع الدولي مساعدة القوات الرسمية والحكومة من أجل مواجهة حزب الله، وأن بري طلب من حزب الله عدم دفع تعويضات لمناصريه كي يدفع لهم ويحافظ على ولائهم له.

ونقلت الأخبار عن النائب علي عسيران قوله للأميركيين إن حزب الله سيخدم رعاته الإيرانيية بإخلاص للحفاظ على سلاحه أطول فترة ممكنة، وقوله إنّ الحزب حول الطائفة الشيعية إلى قوة إقليمية.
ونقلت الأخبار عن وزير الخارجية فوزي صلوخ قوله لفيلتمان إنّه يريد أن يفهم الشيعة الولايات المتحدة الأميركية وأن يفهموا أنها لا تريد عزلهم كطائفة.

ليلا ردّت "أمل" ببيان غاضب على وثائق ويكيليكس، فاعتبرت أنّ ما نشرته "الأخبار" جزء من "حملة سياسية إعلامية منسقة في مطبخ سياسي تآمري هدفه محاولة شطب حركة أمل والبيئة المقاومة وخطها".
واللافت أنّ "أمل" التي تدرك علاقة الحزب بجريدة الأخبار خاطبته مباشرة قائلة إنّه أُكل حيث أكلت الحركة، كما لو أنّه اتهام ضمنيّ او استنجاد مرمّز بما تعتقد أمل أنه مونة للحزب على الجريدة.
هكذا بدا أنّ ثمة معركة داخلية بدأت تلوح في أفق التحالف الشيعي المتين، في لحظة إقليمية حساسة يعيشها النظامان الراعيان للحركة والحزب، سوريا وإيران، وفي ما يبدو أنّه رأس جبل جليد ما يزال سفحه غامضا.

السابق
جنبلاط: الحملة على السلاح لن تنفع
التالي
الجزيرة: العثور على أكثر من مئة جثة في الساعات الـ24 الأخيرة بساحل العاج