الانباء: الصراع العربي ـ الإيراني يبدّد الأمل بتشكيل الحكومة وميقاتي ينتقد خطاب الحريري ضد طهران

التصعيد السياسي والاعلامي الذي يشهده لبنان، من زاوية الصراع العربي مع ايران، اضاف عنصرا آخر معرقلا لتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي انتقل الى طرابلس يوم الخميس لتمضية نهاية اسبوع بعيدا عن التجاذبات السياسية والحكومية القائمة.

الحرارة الزائدة في الجو السياسي، مستمدة من الخطاب الناري لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، الذي اعلن فيه رفض لبنان ان يكون «محمية ايرانية».

وبادر حزب الله الى الرد على موقف الحريري دفاعا عن الخيار الايراني، مؤكدا في بيان ان «بعض من في لبنان الذي يثير غبار معارك غب الطلب ويستدرج عروضا بأزمات خارجية الى لبنان».

وأضاف بيان الحزب: ان رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الذي لم تنته بعد تداعيات «تورط» حزبه في الشأن السوري الداخلي طرح نفسه بمواجهة خطر ما وصفه بخطف ايران للمجتمعات العربية.

وتساءل حزب الله: هل يحول الحريري لبنان ساحة مواجهة بالوكالة عن الادارة الاميركية ومن يدور في فلكها ضد ايران؟ وباسم من ينطق، بصفته الرسمية ام الحزبية؟ وبأي لهجة باللبنانية او غيرها او بالانجليزية، عندما يستعدي دولة وصفها بالصديقة، واصفا الحريري وحلفاءه «بالمخبرين» عند الاميركيين.

ورد تيار المستقبل على رد حزب الله شاكرا الحزب على بيانه، «الذي يثبت للبنانيين ان هذا الحزب انما هو الناطق الرسمي باسم ايران في لبنان، وان ما استثار الحزب ليس كلام اللبنانيين حول سلاح الحزب ودوره في الاعتداء على الدستور والقانون، انما الكلام الموجه للقيادة الايرانية، وقال ان اكثر ما يثير اعجابنا هو استناد الحزب المعادي الى اميركا التي يصفها بكل الموبقات الى وثائق اميركية مسربة باعتبار انها مقدسة، ولا يسعنا في هذا المجال سوى احالته الى بيان حليفه في حركة امل، ولقد صدق من قال: لقد مل التخوين منكم.

اما الرئيس المكلف نجيب ميقاتي فقد امل أن «تنتهي المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الى ما يتمناه اللبنانيون في وقت قريب وتتشكل الحكومة، لاسيما أني أحترم تعلق اللبنانيين بمؤسساتهم الدستورية وأقدر تقديرا عميقا صبرهم وانتظارهم».

ورأى «اننا أمام فرصة جدية للاستفادة من الظروف في المنطقة العربية لتأتي الانعكاسات ايجابية على لبنان، لكن ذلك يستدعي من كل القوى السياسية على اختلافها تهدئة الخطاب السياسي وتفادي الانزلاق الى ما يؤجج التوتر أو محاولة استثمار شعارات سياسية لا أرى أنها تخدم لبنان أو تفيد أبناءه، الى أي فئة أو حزب أو تيار أو تجمع انتموا، فضلا عن أنها تؤذي اللبنانيين لأنها تقحمهم في خلافات مع دول شقيقة وصديقة وقفت الى جانب لبنان ومساعدة أبنائه في ظروف قاسية مر بها وطنهم.

وفي هذا السياق وجه ميقاتي كلامه الى الحريري دون أن يسميه قائلا: «من غير المفيد إعلان مواقف من مسؤولين لا تعكس موقفا لبنانيا واحدا ولا هي تعبر فعلا عن إرادة لبنانية جامعة، خصوصا اذا كانت هذه المواقف التي تعلن اليوم تختلف عما سبق أن أعلنه المسؤولون أنفسهم في مناسبات سابقة، وليست بالتالي موقف الدولة اللبنانية».

وامام انشغال سورية بحرائقها الداخلية الصغيرة، واعتمار السعودية ومجلس التعاون الخليجي الخوذ الفولاذية، في مواجهة الهجمة الايرانية على المنطقة العربية، وبالذات لبنان والبحرين، فضلا عن الحرائق الليبية واليمنية، فإن التصعيد العسكري الاسرائيلي الخطير ضد غزة، المقترن بتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ للمرة الاولى، ان كل هذا لا يشجع المتأملين في حكومة ميقاتية قريبا على الاسراف في التفاؤل.

بيد ان هذه الصيغة شابها استمرار الاختلاف حول حقيبتي الداخلية والاتصالات، وحول توزيع الوزراء الموارنة حيث يصر الرئيس سليمان على وزيرين فيما يتمسك عون بخمسة وزراء موارنة من اصل الستة.

كما لم يحسم امر التفاهم على «الوزير» الجوكر ولا على وزير المعارضة السنية «فيصل عمر كرامي او سواه»، بالاضافة الى عدم كشف الفرقاء المعنيين اسماء مرشحين للوزارات التي لم يتفق عليها نهائيا بعد.

لكن هذا التطور المحدود، يبدده التأزم الاقليمي الكبير، المتصل بالهجوم السعودي ـ الخليجي المضاد على العبث الايراني المنطلق من البحرين، والذي تشارك فيه تركيا ضمنيا، فالمعارضة اللبنانية الجديدة ممثلة برئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الذي رفع درجة التحدي مع طهران الى الذروة، عندما اعلن في مؤتمر اقتصادي لرجال اعمال لبنانيين وسعوديين في بيروت رفض لبنان ان يصبح محمية ايرانية.

وأمام هذا الوضع، بات الحديث عن تشكيل حكومة في لبنان مجرد اضغاث احلام، فالرئيس المكلف نجيب ميقاتي لا يستطيع تجاوز الموقف الحريري، تجنبا للمواجهة مع الاكثرية السنية التي يمثلها رئيس تيار المستقبل وتشكيل حكومة في هذا الخضم، يتقدمها حزب الله وحلفاء سورية في لبنان، قبل وضوح المشهد الاقليمي، ليس ما يطمح اليه ميقاتي، ولا ما يرتضيه، قياسا على مصالحه السياسية والانتخابية في طرابلس، وكذا مصالحه الاقتصادية في العالم العربي الواسع، خصوصا رد حزب الله الذي لم يقل اهمية في دلالاته، التي تعكس حدة الاستقطاب والتشابك السياسي الاقليمي على ارض لبنان.

من جهة اخرى، لوحظ في هذا السياق انصراف حركة أمل، حليفة حزب الله، عن هذا التصعيد السياسي العالي الحرارة، الى الرد على الحملة السياسية الاعلامية المنسقة، التي استهدفت حركة امل ورئيسها «نبيه بري» بغرض شطب الحركة المقاومة وخطها.

وأضاف بيان امل «ان تلك الحملة استخدمت جملة عملاء مسعورين بهدف تشويه سمعة الحركة وامتداداتها النيابية والسياسية وتحالفاتها وشعاراتها معتمدة على ظرفيات وتقارير امنية وهمس وتلويح ونوايا، كما قال المكتتب الاعلامي لحركة أمل، والذي رأى في تلك الادوات جزءا من مطبخ سياسي متآمر مدسوس لخطط فاشلة.

وتابع البيان ان الهجوم على حركة أمل في تكتيك يهدف الى التعمية معتقدين ان حزب الله لن ينتبه الى انه أكل، متى أكلت حركة أمل «عن قصة الثور الابيض والثور الاسود في كليلة ودمنة».

السابق
مستشفى جزين:في دوامة الصراع
التالي
عائدون من أبيدجان: جنى العمر ذهب.. هل سنكرر المغامرة؟