كتبت صحيفة “النهار ” تقول : مع ان الأجواء السياسية المتصلة بانجاز الموازنة ومعالجة التداعيات الخطيرة للملف المالي والاقتصادي لم تكن مشرقة قبل عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، فانها كادت تنزلق خلال العطلة وبعدها الى مناخ أشد سوءاً بما يعزز احتمال تعقيد المساعي لاستعجال احالة الموازنة على مجلس الوزراء واقرارها. ولن يكون ممكناً رسم الاتجاهات الواضحة والحاسمة لسلوك الموازنة في اتجاهاتها النهائية قبل بت التوافق السياسي العريض بين جميع مكونات الحكومة على الخفوضات التي ستتبع في معظم بنودها بما يعني ضمناً تشكيل مظلة سياسية متينة ومتماسكة الى حدود قصوى لرزمة الاجراءات التقشفية التي ستعتمد في الموازنة، وهو أمر يفترض ان يتضح في الساعات المقبلة. ذلك ان المشاورات التي تجددت بين القوى المعنية عقب عودة رئيس الوزراء سعد الحريري من زيارة عائلية خاصة للرياض يفترض ان تؤدي الى انعقاد الاجتماع المالي الثاني لممثلي المكونات الحكومية في “بيت الوسط” مساء اليوم على الارجح، علما ان على هذا الاجتماع يتوقف أيضاً موضوع ادراج المشروع النهائي المعدل لموازنة 2019 في جدول اعمال مجلس الوزراء.
واذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فاجأ كثيرين يوم عيد الفصح عقب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بتوجيهه انتقادات مبطنة الى الرئيس الحريري ووزير المال علي حسن خليل أولاً ومن خلالهما الى القوى السياسية لاستعجال احالة الموازنة على مجلس الوزراء بدءا من جلسته الخميس المقبل، فان محاذير الرسائل العونية كادت تتسبب بازمة ساخنة لولا لم يتجاوز الرئيس الحريري الشق الذي يبدو انه كان موجها اليه ولو لم تغب معالم البرودة والجفاء الناشئ بين عون والحريري عن المشهد.
رسائل عون
وكان الرئيس عون قال في بكركي إن “لبنان يمر بأزمة تتم معالجتها، وعلى الجميع العمل ليل نهار للانتهاء منها في أسرع وقت، لأن الوضع لا يسمح بالتمادي بالوقت”، داعياً “من ليس لديه الخبرة لإنهائها بسرعة ليتفضل إلى بعبدا ونحن نقوم بإنهائها له”.
وأبلغ مطلعون على موقف رئيس الجمهورية “النهار” ان “المماطلة التي حصلت في ملف الموازنة هي التي أثارت انزعاجه، خصوصاً ان وزير المال اعلن مراراً ان مشروع الموازنة جاهز منذ آب الماضي، وحتى اليوم لم تأتِ الى مجلس الوزراء، وكل يوم تُسحب وتدخل تعديلات عليها وكأن شيئاً لم يجهز فيها بعد”. واوضح هؤلاء المطلعون ان عون قصد ضرورة العودة الى مجلس الوزراء في جلسة تعقد في القصر الجمهوري برئاسته لتُدرس الموازنة كما ينبغي، وكي تبت النقاط العالقة أو المختلف عليها فيها، بحيث تذلل كل هذه العقبات وتُتخذ الاجراءات الضرورية بإجماع الكتل السياسية المكونة للحكومة، فيكون القرار توافقياً وبعيداً من بذور التفجير والمواجهة مع الاعلام والرأي العام.