إسرائيل تستعد لحرب حتمية بعد دروس “تموز”

كشفت الإذاعة العبرية أمس، ان قوات الاحتلال ستنفذ في شهر حزيران المقبل واحدة من اكبر المناورات العسكرية التي تجريها منذ عدة سنوات، لاختبار مدى جهوزيتها لحرب متعددة الجبهات تتعرض مدنها خلالها لسقوط صواريخ من أكثر من جبهة.
ونقلت الاذاعة عن مصادر في جيش الاحتلال قولها: «ان هذه المناورة التي يطلق عليها اسم (نقطة تحول 5) ستستغرق خمسة أيام متواصلة وستتم بمشاركة وحدات من القوات الجوية والبرية والبحرية».
وأكدت المصادر «ان قيادة الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال ستعرض خلال اجتماع لها اليوم النقاط الرئيسية الخاصة بهذه المناورة والأهداف التي يراد تحقيقها من وراء تنفيذها»، موضحة أنه «ستشارك في هذه المناورة إضافة الى قوات الجيش جميع الدوائر الحكومية والأذرع الأمنية المختلفة وأكثر من 80 سلطة محلية يقطنها نحو 70 بالمئة من الإسرائيليين».

الجبهة الداخلية
كما سيتم خلال المناورة اختبار استعداد الجبهة الداخلية لسقوط صواريخ غير تقليدية في جميع أنحاء «إسرائيل» وتضرر البنى التحتية الوطنية وكيفية التعاطي مع سيناريوهات تتعرض فيها البنى التحتية كشبكتي الحواسيب والاتصالات لهجوم الكتروني.
ونفذت سلطات الاحتلال في السنوات الأربع الماضية مناورات مشابهة اختبرت خلالها التدرب على التعامل مع احتمال تعرض مدنها لإطلاق المئات من الصواريخ والقذائف الصاروخية من سورية ولبنان وقطاع غزة في آن واحد.
وتتهم «اسرائيل» حزب الله والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بامتلاك صواريخ متقدمة وبعيدة المدى ومتطورة قادرة على ضرب أهداف في وسط الكيان، وتسوغ اتهامها كتبرير للاستعدادات الحربية.

تداعيات عدوان 2006
ويسود الاعتقاد في الكيان الصهيوني ان هذه المناورات المقررة المسماة (نقطة تحول) تأتي كواحدة من تداعيات ونتائج الحرب الفاشلة التي شنها الجيش «الإسرائيلي» على لبنان في صيف العام 2006 .
ويسود شعور جديد في كيان العدو في ظل التحولات التي تشهدها بعض الدول العربية بوجود إشكالية حقيقية تتعلق بتغيير واضح في موازين القوى في المنطقة التي تتجه شعوبها نحو مزيد من العداء لها.
ولا يتردد الكثير من المسؤولين «الاسرائيليين» في التأكيد على الحاجة الى التعامل مع هذه التغييرات والتي تعتبر هذه المناورات وتنفيذها سنويا استجابة لما يحدث بسبب الخشية من العجز عن توفير حماية للجبهة الداخلية فيها اذا ما تعرضت لهجمات صاروخية مكثفة.
واعلن جيش الاحتلال سابقا انه اعد خططا لإخلاء مئات الآلاف من المستوطنين حال نشوب حرب تطلق خلالها صواريخ من دول مجاورة.

تحصين اسفلتي
في هذا الإطار، وعلى ضوء ضربات فصائل المقاومة في قطاع غزة قبل حوالى ثلاثة أسابيع التي استهدفت جنود الاحتلال، وأدت إحداها الى إصابة حافلة كانت تقف قرب دبابة من نوع مركافا بصاروخ من نوع كورنيت قرب كيبوتس ناحل عوز الواقع شرقي حي الشجاعية، قرر ما يسمى بـ«وزير حماية الجبهة الداخلية» متان فلنائي بناء طريق إسفلتي جديد شرقي الكيبوتس لتفادي رصد التحركات عليه من قبل عناصر المقاومة.
وبحسب القناة العاشرة في تلفزيون الاحتلال، فقد بدأ يوم الأول من أمس، بناء الطريق الإسفلتي الجديد الذي يمر وسط غابة أشجار وسيتم افتتاحه الأسبوع المقبل وتم التمويل من قبل وزارة الحرب والقيادة الجنوبية.

إشارات واضحة
يذكر أنه خلال الأعوام الماضية التي تلت اخفاق عدوان تموز على لبنان، والعدوان على غزة، عملت الحكومة «الاسرائيلية» على عدة استراتيجيات حربية وأمنية جديدة، ووضعت الحدود مع غزة كهم اساسي رصدت لأجله عدة منظومات متخصصة، «القبة الفولاذية»، «معطف الريح»، «الحزام الأمني» وأخيرا «الغابة الأمنية»، وهي منظومات عسكرية نصبتها «إسرائيل» جميعها لصد صواريخ فصائل المقاومة الفلسطينية على البلدات وآليات الجيش المتمركزة على الحدود مع القطاع.

«الغابة الأمنية»
أما مشروع «إسرائيل» الجديد وهو «الغابة الأمنية» الذي بدأت بتنفيذه مؤخراً، وهو عبارة عن زرع أشجار على حدود قطاع غزة بهدف حجب الرؤية أمام عناصر المقاومة الفلسطينية التي باتت تستخدم صواريخ مضادة للدبابات والتي ستستغرق (الخطة) أعواماً عدة حتى تنمو الأشجار بشكل كاف لتصبح فعّالة في حجب الرؤية والتي تبلغ تكلفتها نحو مليوني دولار.

مواجهة مقبلة حتماً
واعتبر الدكتور عدنان أبو عامر المختص بالشؤون «الإسرائيلية»، إن «إسرائيل» تحاول التجهيز بكل الإمكانيات والقدرات العسكرية والميدانية لمجابهة قدرات المقاومة الفلسطينية في غزة، وان الجيش «الإسرائيلي» على قناعة أن المواجهة مع الفلسطينيين مقبلة لا محالة، مؤكدا أن «إسرائيل» تريد أن تستعد بكل قوة للمواجهة المقبلة.
واضاف أبو عامر، أن «الإسرائيليين» على قناعة أن الفلسطينيين في حال تطوير لقدراتهم العسكرية، مشيراً الى أنهم يرون أن المنظومات الدفاعية وغيرها كلها وسائل ومحاولات لصد القذائف الفلسطينية.
ورأى أن كل هذه التجهيزات هي تحضيرات «إسرائيلية» لمواجهة عسكرية مقبلة لا محالة مع الفلسطينيين، موضحا أن الغابة الأمنية وغيرها قد لا تكون لها تبعات ونتائج ميدانية لحظية على مدار الساعة، خصوصاً أنها بحاجة الى سنوات لتكون جاهزة وتؤدي الوظيفة الأمنية المنوطة بها لمحاولة تشويش على رؤية المقاومة.
وأضاف: «أيضا تعطي إشارة واضحة الى أن «الإسرائيليين» يحاولون أن يهدئوا من روع مواطنيهم ويقدموا بعض الحلول المعنوية والضمنية لهم في ظل حال العجز «الإسرائيلي» الرسمي أمام الفلسطينيين وخاصة أن هناك بعض الأهداف الاستراتيجية جنوب وشرق القطاع تشكل أهدافاً مفضلة لقوى المقاومة في حال أي مواجهة بين الطرفين».
وأردف: «لا شك أن حمّى المواجهة بين الطرفين تجعل «الإسرائيليين» في حالة إنتاج لكل ما هو جديد في عالم الصناعات العسكرية والتقنية والأمنية لمجابهة الفلسطينيين، كما هم الفلسطينيون بالذات في هذه المرحلة»، مشيرا إلى حالة السجال الميداني على مدار الساعة بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين» ومحاولة كل منهم أن ينتج وسائل عسكرية مضادة في المقابل لمحاولة تسجيل نقاط إضافية في ساحة الميدان.
وتوقع إذا ما قدر للمواجهة العسكرية بين الطرفين، أن تأخذ أبعادا عسكرية ميدانية كبيرة طويلة المدى وسنكون على مشرفة رؤية انتاجات عسكرية، خاصة أن «الإسرائيليين» يتابعون كل الصناعات العسكرية والأميركية وغيرها ويحاولون أن ينقلوها أو يحاكوها بالواقع الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.

حالة إرباك
أبو عطايا الناطق العسكري باسم ألوية الناصر صلاح الدين اعتبر من جهته، ان شروع الاحتلال في إقامة «الغابة الامنية» على الحدود الشرقية لقطاع غزة يبرهن على مدى حالة الإرباك والخوف الشديدين التي يعيشها جنوده بعد تمكن المقاومة من استهداف حافلة للاحتلال قرب دوار سعد شرق قطاع غزة قبل أسابيع.
وأكد أبو عطايا أن فصائل المقاومة لن يمنعها أي من إجراءات الاحتلال، موضحا أن ألوية الناصر لديها طرقها وتكتيكاتها الخاصة للوصول إلى أهداف ومواقع الاحتلال سواء كانت بعيدة أم قريبة من حدود قطاع غزة، مستدركا بالقول: «تمكنا في كبير من العمليات من تحطيم ما يسمى «نظريات الأمن العسكرية»، حيث كان لنا السبق في تحطيم نظرية تحصين المركافاه التي تهاوت على أيدي مجاهدي ألوية الناصر صلاح الدين، وكذلك اختراق صفوف الاحتلال في عدد كبير من العمليات الاستشهادية التي نفذتها ألوية الناصر وعلى الاحتلال أن يفهم ذلك جيداً».
وكانت الحكومة «الاسرائيلية» قد صادقت على خطة تقضي بإقامة «حزام أمني» في شمال قطاع غزة، أي تحديد مساحة من الأراضي، على الأغلب تلك التي كانت مقامة عليها المستوطنات، والتي جرى أخلاؤها، بالإضافة إلى مساحة واسعة محيطة بها يحظر فيها أي نشاط أو تحركات فلسطينية، حيث تعتزم «إسرائيل» استخدام أسلحتها جوا وبرا وبحرا، لمنع الفلسطينيين من التواجد في هذه المنطقة، بحجة عدم السماح بإطلاق صواريخ.

السابق
تحركات للعدو وغارات وهمية فوق مناطق الجنوب
التالي
يوسف:موقف حزب الله من البحرين عقائدي