أسامة بعلبكي فنان «يمسرح» لوحته.. ويستدرج اللون!

يأنس زائر لوحات الفنان التشكيلي اسامة بعلبكي في معرضه الجديد (غاليري صالح بركات-الحمراء،ابتداء من 13حزيران،يونيو).

سهرة الأنس تبدأ مع لوحات ورسومات متنوعة الشكل والأحجام، من اللوحة الصغيرة الحجم الى الوسطية الى الكبيرة،وتبدو بمساحات مفتوحة،وكأنها غير معنية بإطار يحدد شكلها أو يحصر اتساعها.

ليست الواقعية التعبيرية في لوحته،وإن بدت تلك الواقعية متحركة ضمن أحادية اللون أو ثنائيته، وما يلي من تموجات داخل اللون نفسه.
المكان والزمان ، الطبيعة والكيان والهيكل، والكائن البشري بمختلف حضوره وغيابه ونظراته، تحضر في لوحة بعلبكي،الشكل الذي يستحضر حركة مسرحية صامتة جداً، كأن تتناول الألوان وإرشادتها التبليغية، دلالات مكتوبة بالشكل والحجم والصورة.إيماءات وافية تتكثف في ذاتيتها، لتقول وتحدد ماهية المكان المقصود،والزمان المتلاعب بحركيته ومواعيده، وصولاً الى بناء الهيكل وإنسانه، المتفوق وغير المتفوق،أو الكائن البشري المتخفي، بجهوزية فاضحة، فتتحرك وقائع المشهد الحسي، ويتبادر للخيال والذهن، فضاءً فنيا ممسرحا لواقع يربط الحقيقة بالوهم.

لوحات أخرى تخرج الى العين المراقِبة ظهور المرحِّب بضيفٍ “دَسِم” يتناول المضمون الداخلي للشكل المعروض،بحيث تضيف النظرة الفاحِصة، مشاهدها الباطنية لتساهم ،جيداً، في بناء جدلية الأحاسيس بين وقائع اللوحة ودلالاتها الواسعة وبين تحلّق وتشابك الأحاسيس المتبادلة من الفنان الى المتلقي،والعكس بالعكس.
التعبيرية المفتوحة على تأويلات شتى، تأخذ الشكل الى تحويلات توليدية تؤدي الى سؤال القصد التعبيري ، هل تقصد الفنان هذا التخاطب مع مرآة الحياة، بهذه الحدية في تصوير وقائع الزمن الذي يسلكه، أو أنه توقف جليا عند حدود الانطباعية المأخوذة من صورة الواقع.

إن مجمل أعمال بعلبكي تتشكل وفق سؤال الفن وقوة تأثيره في إعادة صوغ مشروع الحياة ، المرئي والمحسوس، حيث تستحضر لوحاته جماليات وجودية مبتكرة ، وتجمع أطياف الجغرافيا المتنامية داخل أحاسيس البصر ، وتفرّق، بتناغم،بين مناخات وطقوس وأحوال تغلّف المشهدية العامة .
غير أن تشكيل الوقت بدلالات زمنية ، زاد من وضوح الصورة، ورفع منسوب التعبير الصوري الفوتوغرافي التي تأسست عليه جوانية اللوحة وإشراقاتها الخارجية،بحيث تلتقط وتحفظ وتدوّن وقائع الحاضر والغائب والعابر.

تراكيب اللون في لوحة بعلبكي تعتمد على ذكاء أو على الموهبة في فن التركيب والمزج والاستخراج اللوني المستحدث. إذ يستدرج الألوان الى مقاربات مختلفة وأحيانا متناقضة،لكنها في نهاية الشكل تتعاكس داخل مشهدية لونية متجددة.

السابق
«لبنان سيتعرض لضربة قاصمة».. تهديد اسرائيلي مرعب لـ«الحزب»!
التالي
47 عامًا من الدم الفلسطيني على رحيل شريعتي