لودريان يكشف عن سلسلة تحولات عالمية وإقليمية.. ما علاقة «حزب الله»؟

لودريان
تلفح رياح الحرب منطقة الشرق الأوسط من غزة الى لبنان كما سوريا والعراق، وهي تعيش على بركان انفجار يلجمها الى الحين مفاوضات بين الولايات المتحدة وايران التي تتحكم ببوصلة وكلائها في تلك البقعة، فيما يتواصل ايقاع الصراع الروسي الأوكراني في المقلب الآخر، حيث تدفع أوروبا مع أميركا الى رسم سياسة جديدة هناك لمواجهة التحالف الروسي الصيني، وبين المشهدين، يعيش العالم تحولات جيوسياسية يرسمها قادة الدول الكبرى بحسب مستجدات الميدان الذي بات ساحة للاحتكاك المباشر لكشف كل طرف أو دولة لرد فعل خصمها وحلفائه.

وسط هذه المجريات، تواكب الدول العربية، وبالتحديد تلك التي تمتلك نفوذ النفط والمال، الحراك المستجد عالمياً والذي بات قائماً اليوم على نظام متعدد الانحيازات، بدليل أن الامارات التي تُعد حليفة لواشنطن توطّد علاقاتها مع الدولة الروسية، فيما السعودية تتوسّع في علاقاتها الدولية بالتوازي مع تحالفها مع واشنطن، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على بقية دول آسيا، فالهند تجتمع مع “منافسها” الصيني في مجموعة البريكس، في لوحة تختصر صورة “ضبابية” عن العالم الجديد.

هذا الواقع نقله المحامي كارول سابا ضمن برنامج “مانشيت المساء” عبر “إذاعة صوت لبنان”، في قراءة تحليلية للمحاضرة التي القاها وزير الخارجية الفرنسي السابق جان لوي لودريان في باريس قبل ايام حول تحولات العالم الجيوسياسية.

فترة تتسم بمظاهر الخروج من نظام العولمة الى معالجة الازمات

شدد لودريان، الذي يتولى مسؤولية متابعة ملف الأزمة اللبنانية بتكليف رئاسي فرنسي، على ابرز السمات الاساسية لهذه التحولات في هذه المرحلة التي يعيشها العالم في علاقاته الدولية عبر النقاط التالية:
١- هي فترة تتسم بمظاهر الخروج من نظام العولمة في الاقتصاد والسياسة وفي الرؤى الى معالجة الازمات على المستوى الوطني والاقليمي.
٢- فترة تدحرج سريع نحو عالم جديد لم تتضح معالمه ولا قواعد تشكله بعد.
٣- انهيار المقاييس الاساسية في العلاقة التي تحكم الدول فيما بينها.
٤- الحوكمة الدولية تفقد قوتها وفاعليتها في حل النزاعات والامم المتحدة تفقد تأثيرها وباتت اشبه بنادي لا يسمع له احد.
٥- عودة نزاعات الحدود الى الظهور بشكل عنيف (اوكرانيا، غزة، لبنان وغيرها).
٦- عودة نوستالجيا الامبراطوريات، هذا الطموح بدأ يظهر فعليا من خلال الطموح الروسي باستعادة الامبراطورية الروسية وكذلك الصين والهند بالاضافة الى طموح ايران باستعادة الدور التاريخي للامبراطورية الفارسية.
٧- ظاهرة الخروج من منظومة الغرب وبحث الدول عن بدائل خارجها او بالاستقلال عنها.
٨- الانتقال الى نظام متعدد الانحيازات، وهو البديل عن عالم متعدد الأطراف، اذ من الممكن لدولة الامارات ان تكون حليفة لواشنطن لكنها تعد استقبالا استثنائيا لرئيس روسيا على اراضيها وتبني علاقات مميزة مع الدولة الروسية. والهند التي تنافس الصين هما في نفس الوقت يجتمعان في مجموعة البريكس. السعودية التي بدأت منذ سنوات بتنويع التحالفات والتموضعات في علاقاتها الدولية مع الاحتفاظ بتحالف مع واشنطن.

الحرب الجارية بين حزب الله واسرائيل هي عملية بحث بالنار عن قواعد ردع جديدة

ثم تحدث الأستاذ كارول سابا وقدم تحليله عن دينامية عالمية ناشئة في اطار عالمي واقليمي، مشيرا الى “أن معادلة جديدة برزت في هذا السياق هي “الاحتكاك الاستراتيجي، اي أن كل طرف يسعى الى استراتيجية القضم والاحتكاك المباشر لكشف ما في جوف الآخر من ردود فعل، الدخول الروسي الى اوكرانيا هو محاولة لاختبار حلف الناتو وردود فعله مثلا، او ضرب اسرائيل للقنصلية الايرانية هو ضمن هذه الاستراتيجية لكشف رد فعل ايران ولكن كل ضمن سقف عدم حصول حرب مباشرة”.

وتكلم المحامي كارول سابا أيضا عن مفهوم الردع التقليدي، بسبب التحولات التي تطال نوعية السلاح والتسلح وما يفرضه ذلك من سعي كل طرف لوضع قواعد جديدة للردع.

عالم اليوم بات ضبابياً والقرارات الدولية فقدت فعاليتها من خارج ارادة القوى الاقليمية والدولية

فإن قواعد الردع التي نشأت بعد العام ٢٠٠٦ في لبنان قد انتهت وان الحرب الجارية بين حزب الله واسرائيل هي عملية بحث بالنار عن قواعد ردع جديدة، واعتبر أن ” قيام حزب الله بالدخول في ما سماه المساندة لغزة، هي حرب استباقية في سياق الصراع على هذه القواعد”.

وفي الخلاصة، يرى المحامي سابا بأن العالم اليوم بات ضبابياً والقرارات الدولية فقدت فعاليتها من خارج ارادة القوى الاقليمية والدولية.

السابق
صواريخ ومسيرات إنقضاضية.. عملية مركّبة لحزب الله جنوبًا
التالي
ديوان أهل القلم يقيم ملتقى المبدعات العربيات الثالث في سلطنة عمان