ذكرى 13 نيسان..في مديح الدولة والحوار والتسوية ورفض العودة الى الحرب!

قاسم قصير

التهديدات بالعودة الى الحرب والتقسيم، والمطالبة بالفيدرالية والدعوة للمواجهة والقتال والحرب، ازددات مؤخرا في ظل التوترات الامنية والحوداث المتفرقة، والخلافات حول دور المقاومة والحرب على غزة، وأزمة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والخلاف حول دور الحكومة الحالية، والصراع على المواقع والوظائف في الدولة.
ومن اجل المساهمة في الدعوة لرفض الحرب مجددا، اكتب هذه الكلمات، لكل من لم يتعلم من خطر الحروب الاهلية، وما جرى فيها من قتل وخطف ودمار ومآس، ولا زلنا ندفع الثمن الى اليوم، رغم توقف الحرب وتوقيع اتفاق الطائف عام 1989.

نحن من جيل عاش بدايات الحرب الاهلية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، منذ بدء الخلاف على دور القوى الفلسطينية في لبنان، والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان في نيسان عام 1969 واتفاق القاهرة، ولاحقا الاعتداءات على القرى الجنوبية، وصولا للصراع بين الجيش اللبناني والمخيمات الفلسطينية، والتي كانت تلقى دعما من الأحزاب اليسارية والقومية والوطنية، وقوى وشخصيات لبنانية.

وقد شهدت شخصيا، اولى اشتباكات الجيش اللبناني، والمخيمات الفلسطينية وطلاب جامعة بيروت العربية في العام 1973، وكادت الرصاصات تقتلني، لاننا كنا نسكن في منطقة وطى المصيطبة المواجهة لجامعة بيروت العربية، والقريبة من الكولا.

كل القيادات اللبنانية الدينية او السياسية او الحزبية سواء شاركت في الحرب او لم تشارك تؤكد في مذكراتها على ذم الحروب الاهلية

ولاحقا، بدأنا نشهد ايام الحرب الاهلية يوما بيوم، في ظل صراع سياسي كبير على مختلف القضايا، وكانت الشرارة في 13نيسان 1975 عبر اطلاق النار على بوسطة تقل فلسطينيين في عين الرمانة، وسبق ذلك احداث وتوترات مختلفة.
وعشنا الحرب واهوالها، من خطف على الهوية وقتل وتفجيرات واشتباكات وقصف بالمدافع، وقتل عشرات الالاف، والصراعات بين الأحزاب كل في منطقته، وانقسم الجيش اللبناني واستغل العدو الإسرائيلي ذلك، واحتل قسما من الأراضي اللبنانية عام 1978، ولاحقا في العام 1982، وكانت القوى الوطنية تسيطر على مناطق لبنانية كبيرة، بدعم من الفلسطينيين، لولا التدخل السوري بطلب من الأحزاب المسيحية، وبدعم عربي ودولي، ولاحقا استعانت بعض هذه الاحزاب بالجيش الإسرائيلي، ولكن إسرائيل تركت القوى اللبنانية تتقاتل في الجبل، ودفع اللبنانيون اثمانا غالية لكل الحروب، وجرت محاولات عديدة للوصول الى اتفاقات سياسية، وكلها فشلت بسبب الخلافات الداخلية.

شهدت شخصيا اولى اشتباكات الجيش اللبناني والمخيمات الفلسطينية وطلاب جامعة بيروت العربية في العام 1973 وكادت الرصاصات تقتلني

ونظرا لحجم الماسي الناتجة عن الحروب المتعددة، كتب الشاعر والكاتب اليساري حسن عبد الله، والذي رحل قبل عدة سنوات، كتابه الشهير : حبيبتي الدولة .

إقرأ أيضاً: ترك الصحافي رامي نعيم..بماذا تعهّد؟

وعاد الكثيرون من الذين ساهموا في الحرب، او دعموا القوى الفلسطينية عن خيار الحرب، وعمدوا لفتح ابواب الحوار بين القوى اللبنانية، ومنهم النائب الراحل سمير فرنجية الذي ناضل في صفوف اليسار، وكان مؤيدا لحركة فتح، وكان ينقل للفلسطينيين السلاح يسيارة والده الوزير حميد فرنجية، حسب بعض الروايات، ولاحقا تحول الى وسيط للحوار بين بشير الجميل ووليد جنبلاط، قبل الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وبعد اتفاق الطائف اسس المؤتمر اللبناني الدائم للحوار، مع الدكتور سعود المولى والنائب السابق الدكتور فارس سعيد، والعلامة الراحل السيد هاني فحص وشخصيات اخرى، وشارك ايضا في اللقاء اللبناني للحوار، والذي اطلقه القسيس الدكتور رياض جرجور، بالتعاون مع الوزير عباس الحلبي، والاستاذ محمد السماك، والدكتور رضوان السيد، وحارث شهاب، وشخصيات لبنانية متنوعة .

وكان سمير فرنجية يكرر في مواقفه: ان التسوية في لبنان ضرورة وطنية، وكان يمدح التوافق والتسويات لانه لا بديل عن ذلك .
واما الاسناذ محمد السماك فكان يجيب على سؤال عن جدوى الحوار، بانه لاخيار الا الحوار او الحرب.
ولكل من هذه الشخصيات تجاربها الحوارية، وقد نشر الوزير عباس الحلبي كتابا عن تجربته الحوارية، اعده الدكتور انطوان افرام سلامة، واقيم له احتفال في جامعة القديس يوسف قبل اشهر عديدة .
وكل القيادات اللبنانية الدينية او السياسية او الحزبية، سواء شاركت في الحرب او لم تشارك تؤكد في مذكراتها، على ذم الحروب الاهلية، ويمكن العودة الى كتاب غسان شربل عن القيادات اللبنانية، التي شاركت في الحروب، ومنها الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون، ووليد جنبلاط، وايلي حبيقة، وغيرهم .

اليوم ونحن نعيش اجواء تذكرنا بالحرب الأهلية والصراعات المختلفة وتؤكد على الدعوة الى المواجهة والقتال وتدعو للقضاء على بعض الأطراف اللبنانية واخضاعها بالقوة

واليوم ونحن نعيش اجواء تذكرنا بالحرب الأهلية، والصراعات المختلفة وتؤكد على الدعوة الى المواجهة والقتال، وتدعو للقضاء على بعض الأطراف اللبنانية واخضاعها بالقوة، اعيد التذكير بما اوصلتنا اليه الحروب الاهلية من نتائج كارثية، وستكون النتائج اخطر اليوم على الجميع.
فهل من يتعظ، واين رواد الحوار، اين المؤسسات الحوارية، اين اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي، اين المرجعيات الدينية والقمم الروحية الاسلامية المسيحية، اين دعاة التسويات والتوافق وحماية الميثاق الوطني،
اين لجنة المخطوفين والمفقودين؟
الى كل هؤلاء.. ارفعوا أصواتكم ضد الحرب الاهلية، وضد عودة الحروب والمواجهات الداخلية، وتعالوا الى كلمة سواء او الحوار الوطني والتسويات الوطني.

السابق
بالفيديو: يوم جنوبي ساخن من الريحان الى بيت ليف وعلما الشعب!
التالي
ترك الصحافي رامي نعيم..بماذا تعهّد؟