لبنان «النازف» على «مذبح» التنافس الايراني-الاسرائيلي على واشنطن!

علي الامين
يسير لبنان فوق حقل ألغام مشترك، أميركي-إسرائيلي وإيراني- "حزب إلهي" يصعب نزع فتائله، بعد "طوفان الأقصى" و"حرب الإشغال" المتفرعة عنها، ما يُعقد التوصل الى حل في ظل نظام المصالح المستجد بين إيران وأميركا، والجنون الإسرائيلي المتصاعد، الذي ينذر بربط إستمرار إستنزاف لبنان، بنتائج الإنتخابات الاميركية.

تفرض اسرائيل ايقاعاً متدرجاً، نحو مزيد من العمليات العسكرية في لبنان، بما يرفع من عديد الضحايا في الجانب اللبناني، متجاوزا ايقاع التركيز على كوادر “حزب الله” ومقاره، الى استهداف امّا مسعفين او منتمين لفصائل أخرى، كحركة “أمل” و”الجماعة الاسلامية”، او من المدنيين كما لوحظ في هويّة من سقطوا نتيجة العدوان الاسرائيلي الاربعاء الماضي، بلغوا ١٦ شهيداً في الجنوب (الهبارية والناقورة وطيرحرفا) وهو العدد الاكبر الذي يسقط في يوم واحد في لبنان، منذ بدء “طوفان الأقصى”، والمشترك بين هذه القرى، انها تقع ضمن منطقة حدودية، لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الحدود الجنوبية.
وما عزّز من مخاوف التصعيد ايضاً، البيان الصادر عن قوات “اليونيفل” (الخميس) التي قالت، إنها ” تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد أعمال العنف، التي تحدث عبر الخط الأزرق في الوقت الحالي، حيث تسبب هذا التصعيد في مقتل عدد كبير من المدنيين، وتدمير المنازل وسبل العيش”.

الضغط الاميركي تجاه اسرائيل لمنع قواتها من دخول رفح قد يفتح الباب امام احتمال استمرار التصعيد في جنوب لبنان

وعلى رغم صدور موقف من البيت الابيض أول من امس، يعلن فيه اهتمامه الشديد بتحقيق الهدوء على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية، الّا أن الضغط الاميركي تجاه اسرائيل، لمنع قواتها من دخول رفح، قد يفتح الباب امام احتمال استمرار التصعيد في جنوب لبنان، وعلى قاعدة توفير عودة آمنة للاسرائيليين الى مناطق الشمال، وفي الوقت عينه، اعطاء جرعة اضافية لحكومة بنيامين نتنياهو، من اجل توفير ظروف بقائها.

المصادر الغربية عينها أشارت الى ان “المخاوف من التصعيد الاسرائيلي جدّية فنتنياهو منزعج من التنسيق الجاري بين واشنطن وطهران

في معلومات خاصة من مصادر دبلوماسية غربية، ان “واشنطن متشددة في موقفها، من منع اسرائيل اجتياح رفح لأسباب انسانية، على علاقة بالكلفة العالية بشرياً لهذا الاجتياح”، لافتة الى “ان دخول المساعدات الانسانية الى غزة من خلال المرفأ الأميركي المستحدث على بحر غزة، امر لا مفر منه”، مشيرة الى “ان رئيس حكومة الحرب الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، يمارس الابتزاز السياسي على الادارة الاميركية، من خلال هاتين الورقتين، اي رفح والمساعدات الى غزة، لفرض التزاماته على الاميركيين بشأن مستقبل حركة حماس وغزة”.

المصادر الغربية عينها، أشارت الى ان “المخاوف من التصعيد الاسرائيلي جدّية، فنتنياهو منزعج من التنسيق الجاري بين واشنطن وطهران، التي وجهت رسالة شكر الى الادارة الاميركية، عبر مكتب الاتصال المشترك بين العاصمتين في نيويورك، والناشط بقوة منذ “طوفان الأقصى”، على الجهود الأميركية في ضبط قواعد الاشتباك في المنطقة، التي تلحظ نفوذهم.
وعن هذا المكتب المشار اليه، أكدت المصادر المعنية والمطلعة الى انه “موجود منذ سنوات عديدة، وهو قناة اتصال مباشر بين واشنطن وطهران وضمن حدود، لكنه بعد حرب غزة، بات القناة الرئيسية بين الدولتين، الى حدّ الاستغناء تقريبا عن القنوات غير المباشرة، سواء كانت اوروبية او عبر سلطنة عمان”، كما لاحظت ان “ايقاع الحرب فرض على الطرفين نمطاً جديداً من العلاقات”.

المصادر الدبلوماسية الغربية عكست “ليونة ايرانية بشأن الترتيبات الامنية في جنوب لبنان

ليس كل ذلك خافياً على حكومة نتنياهو، الذي يتحيّن فرصة للانقضاض على التطور الايجابي في علاقات الدولتين، ولبنان يشكل نافذة على اي عمل نوعي، يفرض فيه ايقاعاً مختلفاً للمواجهة، يفترض من خلالها استدراج واشنطن وطهران اليها، ولعل مسارعة طهران قبل اسبوعين، الى النأي بنفسها عن الحرب الجارية في لبنان، كما اورد تقرير “رويترز” الشهير، يفسر جانبا من هذا الصراع الخفي، في الاروقة الدبلوماسية بين اسرائيل وايران، على الدور الاميركي، فطهران لا تريد مواجهة مع واشنطن، ونتنياهو طامح الى تعميق اي شرخ ايراني-اميركي.

المصادر الدبلوماسية الغربية عكست “ليونة ايرانية بشأن الترتيبات الامنية في جنوب لبنان”، ولفتت الى “وجود استعدادات لدى “حزب الله” لتوفيرها، بما يضمن عودة المستوطنين”، مؤكدة على “تطابق في النظرة الاستراتيجية الى مسألة انهاء دور “حزب الله” العسكري في لبنان واندماجه بالدولة، الا ان الخلاف، هو بين وجهة نظر ايرانية مقبولة من واشنطن، تقوم على التدرج الزمني في تحقيق هذه الخطوة، وبين نظرة نتنياهو التي تتشدد على هذا الصعيد، بالمطالبة بانهاء دور “حزب الله” العسكري بشكل كامل وعلني، في منطقة القرار ١٧٠١، قبل اي بحث آخر.

رهانات نتنياهو هذه تجعل من الجنوب ولبنان اما خيار السيء والاسوأ

هذه التصورات المتعارضة، الى حدّ ما، تُصعِّب من احتمال الوصول الى اتفاق في جنوب لبنان، قبل الانتخابات الاميركية، وبحسب المصادر أيضاً، فان “نتنياهو الذي يراهن على بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، يتطلع الى وصول دونالد ترامب الى الرئاسة، باعتبار ذلك سيزيد من اوراق قوته، داخليا وعلى مستوى الاقليم”.
رهانات نتنياهو هذه، تجعل من الجنوب ولبنان، اما خيار السيء والاسوأ، اما استنزاف مستمر للبنان و”حزب الله” حتى الانتخابات الاميركية، او حرب بديلة عن رفح، قد تفرضها الكوابح الاميركية والدولية في غزّة، فتزيد احتمالات الحرب الشاملة من النافذة اللبنانية، وبجرعة من الجنون الاسرائيلي، الذي لم يعد مستبعدا بعد غزة.

السابق
بالفيديو.. بينهم عناصر من حزب الله.. عشرات القتلى في غارة إسرائيلية قرب حلب
التالي
احمد بيضون: ما الممانعةُ وما أدراكَ ما الممانعة؟ عمادُها نظامانِ: الإيرانيُّ والسوريُّ!