إسرائيل تتجاسر على «الحرب الرابحة».. و«حزب الله» يتجرع «الكأس الخاسرة»!

يدخل لبنان في نفق الحرب الإسرائيلية "المقنعة"، وان كان "حزب الله" لا يزال حتى الآن، يُلبسها لبوس "المشاغلة العقيمة"، ويتكبد خسائر بشرية فادحة من الجنوب الى البقاع، بفعل تمكن إسرائيل الى حد بعيد، من إسقاط منظومة الردع التي لطالما تغنى بها الحزب، وتكاد تمسك منفردة بقرار التوغل والتوسع بالحرب، التي تعمل عليها بجدية، تدريجيا، بعد إعادة إنتاح قواعد إشتباك على قياسها، مستفيدة من ردود الفعل "المتواضعة" للحزب، التي تؤشر الى مأزوميته وتجرعه "كأس الخسارة"!

تستمر عمليات القصف الجوي الاسرائيلي، في مختلف القرى الحدودية في الجنوب، تستهدف من خلالها عناصر حزبية ومراكز ومنشآت عسكرية، ويتم ذلك مع تسريب اخبار وخطط اسرائيلية، عن استعدادات جارية للقيام بحرب شاملة في لبنان.

التسريبات عن مناورات عسكرية تستحضر عمليات توغل داخل لبنان، الى جانب استعدادات للبحث عن بدائل لميناء حيفا، من خلال انشاء مرفأ في قبرص، كبديل عن ايقاف متوقع لعمل ميناء حيفا في حال نشبت الحرب الشاملة مع “حزب الله”.

تُقدم اسرائيل بشكل متدرج، على الانتقال في الحرب الجارية مع “حزب الله”، من المواجهة المباشرة على طول الحدود وفي عمق ثلاثة كليومترات، الى التمدد نحو مناطق عدة في العمق الجنوبي

في ظل هذه الضوضاء الاسرائيلية، تُقدم اسرائيل بشكل متدرج، على الانتقال في الحرب الجارية مع “حزب الله”، من المواجهة المباشرة على طول الحدود وفي عمق ثلاثة كليومترات، الى التمدد نحو مناطق عدة في العمق الجنوبي، بما يتجاوز هذه المسافة، وصولا الى ضربات في العمق اللبناني، كان آخرها جولتي القصف الجوي امس واليوم (الثلاثاء)، الذي طال محيط مدينة بعلبك، مستهدفا مراكز تابعة ل”حزب الله” واخرى طالت مراكز مدنية.
هذه الاستهدافات التي رد عليها “حزب الله” بقصف مواقع عسكرية على الحدود وفي الداخل الاسرائيلي، لم تعلن اسرائيل عن سقوط ضحايا او اضرار تذكر، الى جانب سقوط قذيفة اسرائيلية لم تنفجر في بلدة حراجل الكسروانيةاليوم.

وأبرز ما يمكن استخلاصه من هذا التطور هو التالي:
١- ان اسرائيل ترسخ في الميدان، نهاية ما يسمى قواعد الاشتباك، التي لطالما كان “حزب الله”، يحدد على اساسها سياسة الرد على اي عدوان اسرائيلي، وبدأ يتحدث عن معادلة الردع، التي لم تتضح شروطها ومعالمها بعد.

اظهر التصعيد الاسرائيلي لجهة تجاوز قواعد الاشتباك، ان “حزب الله” لم يزل في مرحلة امتصاص الضربات الاسرائيلية

٢- اظهر التصعيد الاسرائيلي لجهة تجاوز قواعد الاشتباك، ان “حزب الله” لم يزل في مرحلة امتصاص الضربات الاسرائيلية، بما يؤشر الى ان فكرة مساندة غزة، بمشاغلة الجيش الاسرائيلي قد سقطت، طالما ان المبادرة باتت في يد الجيش الاسرائيلي، الذي بات يضع شروطا تعجيزية لوقف الحرب في لبنان، وغير مهتم بهدنة في غزة.

٣- بعد دخول الحرب واللاحرب مع لبنان شهرها السادس، تبدو اسرائيل في موقع جعلت فيه لبنان كسوريا، بمعنى ان اسرائيل التي تستمر في عملياتها العسكرية في سوريا، من دون توقف منذ اكثر من عشر سنوات، وعلى امتداد الاراضي السورية، بدأت في تحويل لبنان وكل لبنان، الى اماكن مستهدفة وهذا ما كانت تحاذر منه في السابق، كما كان يعبر مسؤولو “حزب الله” عن قدرة الحزب، على منع اسرائيل من القيام بعدوان على لبنان.

٤- اظهرت الوقائع طيلة الاشهر الخمسة الاخيرة، ان الكلفة التي تتكلفها اسرائيل بهذه الحرب الجارية، تبقى محمولة لجهة الخسائر البشرية او العسكرية، وتتيح لها ان تطيل امد المواجهة، وتنفيذ عمليات امنية وعسكرية تضعف قدرات “حزب الله”، وتحرجه في آن، من دون ان يستطيع “حزب الله” لجم اسرائيل او الحدّ من تمدد عدوانها.

تبدو واشنطن على موقفها من رفض تمدد الحرب

٥- تبدو واشنطن على موقفها من رفض تمدد الحرب، والسلوك الاسرائيلي يؤكد هذه الحقيقة في لبنان، لجهة تركيز عملياته ضد “حزب الله”، والذي لا يثير حفيظة احد دوليا واقليميا، وتدرك اسرائيل ان حربا شاملة في لبنان، تتطلب في الحد الأدنى، موافقة البنتاغون الاميركي، لتوفير شروط حرب ناجحة لها، وهو ما ليس متوفرا الا اذا بادر “حزب الله” الى توجيه ضربة عسكرية محرجة لاسرائيل، وهذا ما يبدو مستبعدا حتى الآن، بما يزيد من توسع اسرائيل في استهداف الحزب، ويفاقم من ارباك “حزب الله” وخسائره.

في غارات الطيران الحربي الاسرائيلي على بعلبك ومحيطها، ثمة ما يفتح شهية اسرائيل، على تنفيذ عمليات عسكرية قد تطال الضاحية الجنوبية، او غيرها من مناطق تخضع لسيطرة “حزب الله”، او تحوي مسؤولين عسكريين وامنيين، تعتبرهم اسرائيل اهدافا مشروعة في حربها، على ان يقرر ذلك أويحول دونه، طبيعة ردود “حزب الله” الذي يبدو حتى الآن في موقع المقيّد او العاجز او المتردد، وهو ما توغل اسرائيل في استثماره من دون توقف.

السابق
استغل الحرب لينهب البيوت.. سارق عيتا الشعب بقبضة الجيش!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 13 آذار 2024