الفنانة الفلسطينية ضياء البطل تنطفىء في ريعان شبابها وابداعها!

فاجأها الموت وأخذها الى “واحته الواسعة”. ورغم أنها موعودة بالغياب، بسبب مرضها، لكنها لم تتوقع هذا الغياب المفاجىء في زمن الموت المفتوح على مداه في أرض فلسطين أرض العرب الواسعة.

رحلت، الأحد الماضي، الفنانة التشكيلية والمصممة الفلسطينية ضياء البطل، المتخصصة في التصميم المكاني وجمالية الخط العربي والفن البصري المتنوع.
أعمالها وتصاميمها، عُرفت في معارض فنية في بيروت، والمنامة، وعمان، وباريس، وليفربول، ولندن، وغيرها.

الراحلة ضيا هي ابنة الصحافي الفلسطيني الراحل حسن البطل، والنحاتة الشهيرة الراحلة منى السعودي.
برزت موهبتها منذ طفولتها، وكان أول عمل بارز لها مشاركتها عام 2010، في رسومات كتاب “قول يا طير” بنسخته المخصصة للأطفال. وكتب عنها والدها : “ثلاث فتيات موهوبات من ثلاثة بلدان عربية ، فلسطين وسورية ولبنان أنجزن، تحديثاً جميلاً مصوّراً برسوم، لإحدى دُرَر “الخرافيّات” الشعبية الـموروثة بين دفّتي كتاب “قول يا طير”، وهن: ضياء حسن البطل، وجنى فواز الطرابلسي، وصفاء نذير نبعة، فيما الإخراج للفنانة التشكيلية والنحاتة منى السعودي، فيما تصدرت إحدى القصص صورةُ والدة حسن وجدة ضياء، كانت التقطت في العام 1949، لاستصدار بيان للأحوال الشخصية للاجئين”.

في العام 2013، شاركت ضياء والدتها في معرض مشترك تكريماً للشاعر الراحل محمود درويش.

ضياء المولودة في العام 1978، قدمت العديد من الاعمال والمعارض الفنية كمعرضها اللافت، أسماء شهداء من أطفال غزة ممن استهدفهم العدوان الإسرائيلي على القطاع في صيف 2014 وهم يلعبون على الشاطئ، وذلك في عمل تركيبي على قماش أبيض سمته “المشربية”، حيث أسماؤهم مطرزة بأحرف عربية، وحيث لكل اسم لون. وهو مما اعتبر بمثابة نصب تذكاري للأطفال الفلسطينيين الشهداء عامة، وأطفال غزة خاصة.

حققت الراحلة مشاهد لونية مرئية مبتكرة، فمزجت عصارة معرفتها وإدراكها الفني، وقدمت تجربة فنية مميزة تستلهم الحرف العربي والقصائد العربية.

في العام 2018، قدمت البطل معرض “بين الأراضي والبحار”، تستكشف فيه مفاهيم الانتماء والهوية وما يشكل معنى الوطن، عبر ما يمكن وصفه بتحقيق فني في نصوص من الشعر والأدب، وروايات من تاريخ عائلتها باستخدام مواد متعددة بينها الورق والمعدن، علاوة على تناولها معنى البيت وماهيته، والرحيل القسري عن الوطن، وماذا يتبقى مع الراحلين في رحلتهم نحو العذاب.

أما آخر أعمالها فكان “كولاج” مستوحى من قصة “القارب المتروك للموت”، حيث في آذار 2011، واجه قارب يحمل 72 راكباً، بينهم العديد من النساء والأطفال الصغار واللاجئين السياسيين الموت بعد مغادرة طرابلس إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، فعلى الرغم من التحذيرات التي وصلت إلى خفر السواحل الإيطالي، واتصال القارب بمروحية عسكرية وسفينة حربية، لم تتم أي محاولة إنقاذ.

كأنها،بموتها، أرادت الفنانة البطل، التضامن مع قضية وطنها الجريح، عبر أعمالها الفنية حتى وصل التضامن إلى ذروته برحيلها الصادم اول أمس الاحد في العاصمة البريطانية لندن عن عمرٍ ناهز 45 عاماً، لتُحلق روحها مع أبطال إحدى أعمالها من أطفال غزة الذين قُتلوا في العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2014.

ولدت ضياء البطل في بيروت عام 1978، ودرست الفن التشكيلي في الجامعة الأميركية (لبنان)، ثم أكملت تخصصها الفني في كلية غولد سميث بلندن، وهناك عاشت سنواتها الأخيرة، وحققت خلالها حضوراً فنياً مُلفتاً، عبر انفتاحها على مختلف التيارات الفنية، ومشاركتها المستمرة في المعارض الفنية، وقبل ذلك تجربتها الفنية المتميزة في التصميم المكاني، التي جمعت فيها بين الحداثة والأصالة.

لقد استفادت ضياء من تيارات ومدارس الفن الحديث، وكذلك من تراثها العربي، وقد تجلى ذلك بوضوح في استلهامها للخطوط والقصائد العربية في معظم أعمالها الفنية.

السابق
بالصور: «جنوبية» يجول في القطاع الغربي.. نزوح و«صمود»!
التالي
أبو عبيدة يكشف عن طوربيد «العاصف».. استُخدم خلال عنلية طوفان الأقصى!