«غزوة غزة».. العرب «حائرون يفكرون»!

علي الامين
أحدثت "غزوة غزة"، تخبطاً غير مسبوق في الإقليم، جعل من الدول العربية والأجنبية +إيران و"حزب الله"، في حيرة من امرهم، يسيرون على درب "الخطى والفرص الضائعة"، في محاولات حثيثة لإلتقاطها، معطوفة على حراك وتقارب ونظام مصالح مستجد، وتقاطع إيجابي بين "حماس" و"فتح"، والذي يؤمل منهم جميعاً، إنقاذ ما يمكن إنقاذه فلسطينياً، من براثن آلة القتل والدمار الإسرائيلية.

وسط التدمير الممنهج والقتل للمدنيين في غزة، وإزاء مخاطر جدية لتهجير الفلسطينيين مجددا من ارضهم، ثمة ملامح سياسية فلسطينية وعربية، يمكن البناء عليها في محاولة ردع الاحتلال، ولجم المواقف الدولية الداعمة للعدوان الاسرائيلي، من واشنطن الى معظم العواصم الاوروبية.

قدرة “حماس” العسكرية، ليست على حالها بعد اكثر من اسبوع

وفي موازاة ذلك، اعادة الاعتبار للحاضنة العربية للقضية الفلسطينية، ومن باب المصالح الوطنية اولاً، قبل الحديث عن المبادئ والايديولوجيا والقيم الاخلاقية.
اولا، في البعد الداخلي في فلسطين، يمكن ملاحظة ان المطالب الفلسطينية في معركة غزة، بدت متقاربة اكثر من اي وقت مضى، سواء من قبل “حركة حماس” او السلطة الوطنية و”حركة فتح”، فحماس تطالب اليوم بحماية دولية لغزة، ووقف اطلاق النار، وفتح المعابر الانسانية. هو ما تعمل عليه السلطة الفلسطينية، واصبح اليوم مطلب مباشر “حمساوياً” من الحماية الدولية الى فك الحصار.

ثانيا، بعد العملية الاستثنائية، التي نفذتها “حماس” في السابع من الشهر الجاري، يمكن القول، ان قدرة “حماس” العسكرية، ليست على حالها بعد اكثر من اسبوع، في ظل مخاطر استفرادها، وامكان نجاح اسرائيل، في تحقيق اهدافها التي اعلنتها، ما استنفر دولة مصر والمملكة الاردنية، ودفعتهما الى اتخاذ مواقف نابعة، من تلمس مخاطر على أمنهما، ليس ذلك فحسب، بل على نظامي الدولتين، فغزة مسألة امن وطني لمصر، وهذا ما يفسر التشدد المصري حيال ادخال المساعدات الى غزة، والدعوة الاخيرة الى عقد مؤتمر اقليمي دولي حول القضية الفلسطينية، فضلا عن رفض مصر اي نزوح فلسطيني نحو سيناء.

المملكة تنظر الى ما يجري على انه ابعد من “حماس”، بل يطال القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها

ثالثاً، انطلاقا من المصالح الوطنية هذه، برز تقاطع مصلحي مع السلطة الوطنية الفلسطينية، للحؤول دون انفراط السلطة وتداعيات ذلك على البلدين، وهو ما التقطته السعودية من خلال دبلوماسيتها، باعتبارها القوة الضاغطة على اميركا واسرائيل واوروبا، ولعل رفض السعودية لطلب اميركي ادانة “حماس”، يكشف ان المملكة تنظر الى ما يجري على انه ابعد من “حماس”، بل يطال القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها، اذ لا يخفى على المتابعين، ان موقف الرياض من :حماس” اقرب الى السيء ان لم يكن سيئاً.

جوهر الصراع بين الفلسطينيين واسرائيل، هو في جغرافيا الضفة، ولم تكن غزة ولا مرة، في موضوع المفاوضات مع اسرائيل

رابعاً، لا بد من التوقف عند البعد السياسي، هو الأهم اليوم، اي كيف يمكن استثمار انجاز “حماس” وحملة التدمير الجارية على غزة سياسيا، علما ان جوهر الصراع بين الفلسطينيين واسرائيل، هو في جغرافيا الضفة، ولم تكن غزة ولا مرة، في موضوع المفاوضات مع اسرائيل، وما يجري في الضفة الغربية اليوم، لا تقل مخاطره في البعد السياسي عما يجري في غزة. فاسرائيل اليوم، تعيد احتلال الضفة الغربية وتقطيع اوصالها، والقضاء على خيار الدولة، او ما بقي من السلطة.

خامساً، على اهمية الخطر الانساني على الفلسطينيين في غزة، وهو كبير جدا، فان الخطر السياسي يتجاوزه في الاهمية، اذ لا يحق لأي جهة فلسطينية، ان تسمح بتضييع التضحيات والانجازات في مهب العواطف والايديولوجيا، ولا يمكن توقع ان لا يكون هناك تنسيق بين “حماس” والسلطة الوطنية، خصوصا ان الجميع في دائرة الإستهداف، ما دفع الرئيس محمود عباس “ابومازن”، الى رفض ادانة “حماس”، وهو الجهة الاقدر على التواصل الدولي والاقليمي، ويمثل الشرعية التي تحتاجها اللحظة السياسية اليوم في الحد الادنى، وهذا ما يفرضه الانكفاء الايراني عن “وحدة الساحات”، الذي عبر عنه المرشد من جهة، وبروز نظام مصالح عربي تمثله الرباعية العربية، المتمثلة بمصر والاردن والسلطة الفلسطينية والسعودية.

إذ ان المخاطر التي تمس هذه الرباعية، على المستوى الوطني و الدور الاقليمي، يدفعها الى التنسيق انطلاقا من نظام المصالح الوطني، فكما تحدت السعودية واشنطن على اسس المصالح، سواء في ملف اسعار النفط، او الانفتاح على الصين، والتفاهم مع ايران، فان هذا المسار، يبدو امام فرصة تبلور على ايقاع ما يجري في غزة، الذي يبدو أنه ينذر بأن “الآتي أعظم”!

السابق
بالفيديو: طرد مراسلة الـmtv من الجنوب.. واتهام القناة بـ«الصهيونية»!
التالي
«اليونيفيل»: التصعيد العسكري مستمر!