حوار مع سقراط حول السؤال والسعادة

غسان صليبي
  • سبق واعترفت لي يا سقراط، انك اكتفيت بطرح الأسئلة ولم تكتب شيئا، لأنه لم يكن لديك أجوبة. لم أسألك في حينه اذا كان هذا يزعجك، فالبشر يفتشون عن أجوبة ليطمئنوا الى وجودهم.
  • لم يزعجني، لأني كلما كنت اقترب من ايجاد أجوبة، كنت أشعر بأنني اقترب مما يشبه الموت، فالموت هو الجواب الوحيد الثابت، بحسب ظني. اما عندما أطرح اسئلة، أشعر بأنني لا زلت حيا.
  • كيف تعرف ان الموت هو الجواب الوحيد الثابت؟
  • اعتقد انه طالما هناك حياة هناك حركة، وطالما هناك حركة لا جواب نهائي بل أسئلة. يبدو لي، ان الجواب الثابت يصح فقط على الأشياء التي توقفت عن الحركة.
  • لكن الناس يا سقراط تشعر بالسعادة عندما تعثر على أجوبة نهائية على اسئلتها، وتقلق عندما لا تجدها.
  • هل انت متأكد انها تشعر بالسعادة ام انها الاستكانة؟ لغتكم العربية اكتشفت مفتاح السعادة، وانت استخدمته في نصك عن السعادة المنشور في كتابك “زهرة في حائط”. فقلت ان كلمة “سعادة” تبدأ بال”سعي” والسؤال هو محرك السعي الذي هو مفتاح السعادة.
  • هل يعني هذا انك اذا حصلت على ما تسعى اليه، تتوقف سعادتك، كما يلاحظ بعض البشر؟
  • ليس بالضرورة، فربما ان السعادة لم تتوقف لأنك حصلت على ما تسعى اليه، بل لأنك توقفت عن سؤال ما توصلت اليه، أكان حبا او عملا او معرفة. ألم تشر أيضا في مقالك أن كلمة “سعادة” تحمل في طياتها كلمة “عادة”، وان السعادة تحتاج في بداياتها، الى شيء من التكرار حتى تتعمق وتكتمل. لكن “العادة” للاسف، تعود وتنقلب على السعادة، لأن صاحبها استسلم للواقع الذي تعوّد عليه ولم يعد يطرح عليه الأسئلة التي تجدد فيه او تغيّره.
  • افهم منك ان السعادة بحاجة دائمة الى التغيير او التجديد، حتى تستمر.
  • اعتقد ذلك، لأن السعادة هي شعور مرتبط بالواقع، والواقع يتغيّر باستمرار.
  • لا زالت لدي أسئلة يا سقراط فأنا لم اقتنع بعد بما قلته لي.
  • ارحتني، كنت قلقت لو انك اكتفيت بما سمعته مني، ولم يعد لديك أسئلة.

السابق
بالصورة :إنقطاع الكهرباء في «عدلية بيروت» يعطّل التحقيق في ملف سلامة.. وبوسمرا يستدعيه من جديد!
التالي
عامل تفتتح مركز مهدي عيدي مشغرة بحلة جديدة.. ويوم صحي مجاني