المدّ «الفارسي» يبدل حقيقة معاني عاشوراء لدى الشيعة..وهكذا يتعاطف السُنة مع الحسين!

هريسة عاشوراء

ذكرى عاشوراء. هو الجدل ذاته يعود في كل عام ليطرح نفسه على طاولات البحث، فيتحوّل إلى مادة مُشبّعة بالأفكار المتناقضة، وتتحوّل معها الذكرى إلى نُقطة خلاف و جدل سواء بين السُنّة والشيعية أو بين المُسلمين بشكل عام، أو حتّى بين الشيعة أنفسهم، وذلك على خلفيّة ما يُسمّى بـ”السيرة الحُسينيّة”، وحقيقة الأحداث التي حصلت في تلك الحقبة، بالإضافة إلى العديد من الروايات التي تُنسج حول كيفية مقتل الحسين بن علي، والتي تُشكّل بدورها عامل استفزاز بين السواد الأعظم من الطائفتين الشيعيّة والسُنيّة في العالم العربي، أيضاً لجهة الشعارات التي تُرفع والتي تُطالب بالثأر من فئة من الناس، والتي لها فلسفتها الخاصّة حول الذكرى وطبيعة أحداثها والأسباب التي أدّت إلى حصولها.

في لبنان وبما يتعلّق بمُناسبة “عاشوراء”، فهناك اختلافات كثيرة لجهة الإعتقاد بصحّة هذه الرواية أو تلك حتّى داخل البيت الواحد، وبالتالي فإن الإختلافات هذه تسمح لبعض الغلاة والجهلة، بتحويل المُناسبة من يوم وجداني، الى يوم يسعون فيه الى تكريس الانقسام المذهبي، إن بشعارات مزيفة أو من خلال اتهام فئة حالية من الناس بكرهها لآل بيت النبي، وتحديداً للحسين بن علي.

اختلافات كثيرة في عاشواء بصحّة هذه الرواية أو تلك حتّى داخل البيت الواحد وهذه الاختلافات تسمح لبعض الغلاة والجهلة، بتحويل المُناسبة من يوم وجداني الى يوم لتكريس الانقسام المذهبي

من هنا تبدأ عملية حرف ذكرى عاشوراء عن معناها الحقيقي، وتحويلها من مُناسبة وجدانية، إلى مُناسبة لتصفية حسابات سياسية ومذهبية، عمرها أكثر من ألف وخمسمائة عام.

وفي السياق، أكد مرجع ديني شيعي عبر “جنوبيّة” انه “قبل أن يصل المدّ الفارسي إلى لبنان ودول المنطقة، لم تكن حالات شاذة تُمارس في ذكرى “عاشوراء” من بينها ما يُعرف اليوم بـ”التطبير” أي شج الرأس بالسيوف وفرض اللباس الأسود، بالإضافة إلى إطلاق العنان للمنابر لتشتم هذه الفئة أو تلعن تلك الجهة”.

ولفت الى أن اللون الأسود، كما هو معروف، هو من بين مجموعة ألوان موجودة يرتبط بمُناسبات حزينة. وكان والعباسيون اول من روّجوه كلباس تحت شعار يا “لثارات الحسين”. أما اليوم فثمة استخدام عاطفي لهذا اللون، إذ أن اعتماده يأتي ضمن برنامج ديني، بحيث تصبح جهات مُحددة، هي من تُسيّر الإنسان وتمتلكه، ومن بعدها تأخذه في الولاء الى المكان الذي تريده ودائماً عن طريق سرد الروايات والاساطير، التي لم يفرد لها التاريخ سوى جزء يسير منها، اما ما تبقّى فقد أفرغته عقول بشرية لأسباب متعددة، منها مادي ومنها معنوي، وفي بعضها الاخر مذهبي.”

اليوم فثمة استخدام عاطفي للون الاسود إذ أن اعتماده يأتي ضمن برنامج ديني بحيث تصبح جهات مُحددة هي من تُسيّر الإنسان وتمتلكه

وأشار المرجع الى ان “اللطم” و”التطبير”، فهما لم يكونا في الأصل موجودين في معتقدات اهل الشيعة ولا حتى خلال الممارسات العاشورائية، قبل تصدير “الثورة” الإسلامية الإيرانية الى لبنان، وقد أدت هذه الممارسات الى احداث غلوّ من قبل البعض أثناء ممارستها، والله يقول “يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم”.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: الدولار يُحلّق..خلق أسواق وهمية لرفع سعر الصرف!

وأوضح انه بالنسبة الى “ضرب النفس في مناسبات عاشوراء، فهذا يعود إلى زمن السيد المسيح داخل المجتمع اليهودي، الذي كان يبالغ في اعلانه للتوبة لدرجة ان الافراد او الجماعات داخل هذا المجتمع، كانوا يمزقون ثيابهم ظناً منهم، أن هذا الفعل قد يقرّبهم الى الله، وفي احدى حفلات الجنون هذه، خاطبهم السيد المسيح قائلاً: ما ذنب الثياب حتى تقطعوها إذهبوا الى القلوب فطهروها.”

أما بالنسبة إلى الطائفة السُنيّة وتحديداً دار الفتوى فتؤكد مصادرها ل “جنوبية”، أن “للمسلمين جميعاً نظرة واحدة إلى أصل حادثة كربلاء، وهي نظرتهم إلى صاحب الحادثة سيدنا الإمام الحسين، فهو مكان تقدير بل تقديس من السنة كما الشيعة، باعتبار أن ما حدث في كربلاء فاجعة أصابت الإمة الاسلامية في قلبها، لمكانة الإمام الحسين من نبي هذه الأمة، فهو جده وليس فقط جده بالنسب بل هو حبيبه حيث كانت له مكانة خاصة في عاطفة النبي وقلبه ووجدانه.”

وشددت المصادر عينها قائلة: “لذلك نحن كسُنّة نعتبر أن كل هذه المعاني السامية والراقية، المرتبطة بالنبوة قد أُصيبت في يوم عاشوراء وفي يوم كربلاء، لكن يبقى هناك فارق وحيد، هو في كيفية احياء هذ المناسبة”.

مصادر دار الفتوى: للمسلمين جميعاً نظرة واحدة إلى أصل حادثة كربلاء وهي نظرتهم إلى صاحب الحادثة سيدنا الإمام الحسين فهو مكان تقدير بل تقديس من السنة

وجزمت بالقول “: نحن مجمعون على الألم، و على أنها حادثة مرفوضة، على أن من قام بقتل الإمام الحسين هو انسان مجرم لا تبرير لفعله، وهو ضال عن طريق الإيمان، فلو كان لديه ذرة إيمان لما مسّ حفيد رسول الله.

وقالت المصادر عينها، ” الشيعة يحيون الذكرى مجسدين الألم في كل مرة، ولهم تبريرهم في ذلك، نحن نحييها بذكر ما وقع فيها، لنستفيد من العِبر والدروس، لننتقل من الألم الذي حدث إلى عبر، نستفيد منها كضرورة الوحدة بين المسلمين، كضرورة أن يكون الانسان مصلحا وألا يكون متخاذلا كما فُعل بالإمام الحسين، ولكن بعقل وحكمة ووعي، من غير استثارة جروح الماضي، وإن كانوا هم يرون أن هذا الأمر يجدد حركة الإمام الحسين ويجدد التعلق به فهذه وجهة نظرهم”.

وخلصت الى أنه “يجمع الشيعة على أن بعض الممارسات التي يقوم بها بعض العوام منهم في الذكرى مرفوضة، وأفتت مراجع كبيرة لديهم بحرمة هذه الأفعال كضرب السيوف وتعذيب النفس، فإذا انتهت هذه المظاهر يصبح الواقع واحدا، في معاني ذكرى كربلاء لدى جميع المسلمين.”

السابق
يوم لبناني حزين..ضحية ثانية سقوطاً من مبنى!
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم السبت 22 تموز 2023