صليبي: عندما يحمل موقف البابا من المثلية موقفا من الله والانسان

البابا فرنسيس

علق الكاتب غسان صليبي على موقف البابا فرنسيس من المثلية الجنسية عبر حسابه على فيسبوك وكتب التالي: عندما يحمل موقف البابا من المثلية الجنسية موقفا من الله والانسان والمسيحية

اعرف ان معظم شعبي
بمسيحييه ومسلميه،
لا يأبه كثيرا اليوم
لأخبار ومواقف
حول الحب والجنس،
حتى ولو أتت
على لسان مراجع دينية عليا
تعوّدوا أن يلتزموا بتوجيهاتها،
فهم غارقون في البؤس واليأس والتعاسة،
ولم يعودوا يجدون
في روحهم وفي جسدهم
ما يعينهم على السعي
من أجل اللذة والسعادة.

واعرف أيضا
أن موقف البابا فرنسيس
من المثلية الجنسية
منذ يومين،
مر مرور الكرام
في الإعلام المكتوب،
ولا أعتقد بأنه
لاقى اهتماما
من الاعلام المرئي والمسموع
الذي يستقي منه
معظم الشعب اللبناني
معلوماته.

أحببت أن اتشارك
مع أصدقائي
موقف البابا،
ليس فقط لأهميته
بالنسبة لعلاقة الكنيسة الكاثوليكية
بالمثليين،
بل للتأمل بالمبررات
التي يعطيها البابا
لموقفه،
والتي تحمل برأيي
موقفا جذريا،
من الانسان والله والمسيحية
على حد سواء.

اعتَبرَ البابا القوانين
التي تجرّم المثلية الجنسية
“غير عادلة”،
وان “الله يحب جميع أبنائه
تماما كما هم”،
ف”ان تكون مثليا
ليس جريمة”،
مؤكدا أن الاساقفة الكاثوليك
الذين يؤيدون القوانين
التي تجرّم المثلية،
“يجب أن يخضعوا
لعملية اهتداء
وان يتعاملوا مع الآخر بحنان
كما فعل الله
لكل واحد منا”.

ليس الجديد
في موقف البابا،
تقبله للمثلية الجنسية،
فقد سبق ان عبّر عن ذلك مرارا،
لكن الجديد
هو في وضوح المبررات
التي يعطيها لموقفه،
وترجمته لهذا الموقف
في الدعوة
إلى توعية الاساقفة،
اي في محاولته
تغيير موقف الكنيسة ككل
من هذا الموضوع،
داعيا الاساقفة الكاثوليك
“إلى الترحيب بافراد
مجتمع الميم
في الكنيسة”.

وبهذا
يؤكد البابا فرنسيس
انه يمكن للمثلي
أن يكون مسيحيا،
وان لا تعارض بين المثلية
والمسيحية.

في تبريره لهذا الموقف،
يتخذ البابا
موقفا جذريا
من الله والانسان والمسيحية.

فالله “يحب جميع ابنائه”،
ولا فرق بين مسيحي وآخر
او بين انسان وآخر،
ويحبهم “كما هم”،
وليس كما يريدهم هو
أن يكونوا،
او كما يريدهم الناس
أن يكونوا”.

الله يحبهم “كما هم”
اي بتنوعهم،
بآرائهم المتعددة وباختلافاتهم،
بضعفهم وقوتهم،
بأخطائهم وصوابهم،
بشرّهم وخيرهم.

الموقف هنا
يتجاوز “مسامحة الآخر”
إلى “قبول الآخر”،
فلا إدانة ولا دينونة،
بل تأكيد أن الله
يتعامل مع “كل واحد منا”
بحنان
وليس بعطف،
وهكذا يجب أن نتعامل
نحن والاساقفة
مع الآخر.

لا أعرف
ما يمكن ان يكون عليه
موقف معظم المسيحيين
في العالم وفي لبنان،
تجاه ما قاله البابا،
هل يتبنون “اجتهاده”
الإنساني واللاهوتي،
ام يعتبرونه هرطقة جديدة يرتكبها،
كما سبق ان حكم عليه
لاهوتيون واساقفة ومؤمنون،
بالنظر إلى مواقف أخرى اطلقها؟

هل يكون
تجذر الموقف المعادي
للمثلية الجنسية
عند كثيرين،
في الفكر والجسد،
أقوى من الثقة
برأي رأس الكنيسة الكاثوليكية
الذي يعتبره الكاثوليك
ممثل الله على الارض؟

لم يلجأ البابا
إلى العلوم الجينية
والنفسية والاجتماعية،
لتبرير موقفه
المتقبل
للمثلية الجنسية،
بل اعتمد
على نظرة إنسانوية
لله.

بالنسبة لي
يتلاءم موقف البابا
مع مفهومي
ل”إنسانية يسوع”
كما فهمتها وعالجتها
في كتابي الذي يحمل
العنوان نفسه،
والتي اختصرها يسوع
بإن “الانسان سيد السبت”
اي سيد الشريعة،
و”من منكم بلا خطيئة
فليرجمها بحجر”،
اي لا تمييز
بين خطيئة الزنا
والخطايا الاخرى،
ويسوع يفترض
انه لا يوجد بين البشر
من هو بلا خطيئة،
فلا تجربة انسانية بدون أخطاء،
وانسانية يسوع لا تتنكر لصعوبة
التجربة البشرية وقساوتها،
ولا تحكم عليها مثاليا
وبالاستناد إلى ما تنص عليه الشريعة،
بل تواجهها بالمحبة
وبالحنان.

بعد تصريح البابا فرنسيس،
أصبح الموقف
من المثلية الجنسية،
وثيق الصلة بالموقف
من الله والانسان والمسيحية،
ومن هنا خطورته
واهميته.

السابق
الدولار «الاسود» يتقلب على مشارف الـ60 الفاً..و«يُسوّد» حياة اللبنانيين!
التالي
بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء.. هذا ما جاء فيه