«إنتفاضة» التغيريين لإنقاذ «رأس الدولة».. و«إستنقاذ» الرئيس!

علي الامين
يرتفع منسوب خوف اللبنانيين على مصيرهم، في ظل مسلسل "الرعب" الامني والإقتصادي، معطوفاً على إنسداد الأفق السياسي، المتمثل ب"النية العاطلة" للطغمة الحاكمة في قطع "رأس البلاد"، عبر الإمعان في الشغور الرئاسي. وتأتي "إنتفاضة" النائبين التغيريين ملحم خلف ونجاة صليبا عون، وإعتصامهما في المجلس النيابي، مع رفاق لهما، "حتى إنتخاب رئيس"، على رمزيتها، بمثابة "بقعة ضوء" تكسر زمن العتمة والخنوع.

لا يبدو أن احداً في السلطة الحاكمة أو المتحكمة بلبنان، في وارد القيام بأيّ عمل سياسي أو اقتصادي، يصب في مشروع وقف إنهيار دولة لبنان، بل ثمة سياسة المزيد من الشيء نفسه المعتمدة لدى “المنظومة”، والتي تفاقم الأزمات وتعمق الجروح الوطنية، وتفقد لبنان المناعة اللازمة في مواجهة تداعيات الانهيار.

ليس من باب الصدفة أن يشهد البلد تراجعا مستمراً في قدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية، على ضبط مظاهر التفلت العام من الالتزام بالقانون، بل يلمس المواطنون تقهقراً في هيبة الدولة واجهزتها، وتناميا مضطردا لأدوار حزبية وميليشيوية في اكثر من منطقة.

ولعل ما طال بعض المؤسسات الاعلامية من اعتداءات بالسلاح، كما جرى امس مع المؤسسة اللبنانية للارسال وقبلها محطة الجديد، هو مشهد من مشاهد عدة لظاهرة خطيرة، مرشحة لأن تتنامى في سعي ممنهج، لترسيخ مفهوم الميليشيوية ونهاية الدولة، وبالتالي محاولة ترسيخ ديمومة غياب دولة القانون، في وعي اللبنانيين.

بهذه “العدة التخريبية” للدولة، تتم مقاربة “المنظومة” لاستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، اي بتحويل الاستحقاق من محطة دستورية، لتعزيز الدولة ومؤسساتها وتجديد النخبة الحاكمة، الى “صرف” الاستحقاق في مجاري “الدويلة”، كرمزية لكل ما هو تقويض للدستور والقانون وللدولة.

بهذه “العدة التخريبية” للدولة، تتم مقاربة “المنظومة” لاستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية

ويتم ذلك ولا يزال في عدم انتخاب رئيس، عبر قلب المعايير الدستورية، بجعل نص الدستور سبيلا لتزوير اهدافه وغاياته. منطقياً، كيف يمكن ان يعطل النص عملية انتخاب رئيس للجمهورية، و سير المؤسسات في الدولة، و يتحول والقانون الى عناصر لتقويض الدولة، وكيف يمكن لهذا الدستور نفسه أن يشرعن ما هو نقيضه؟!

ومن يصدق ان القوانين في الدولة اللبنانية وُضعت وأقرّت لترسيخ نقيضها، أم أن القيمين عليها، غايتهم تقويضها وترسيخ كل ما هو نقيض لها.

وبالتالي، ونتيجة لكل ذلك، الدويلة بديلا من الدولة، والميليشيوية بديلة عن الأحزاب السياسية، ونظام المافياوية يتحول الر بديل عن الأعمال القانونية والشرعية، والتهريب بأوجهه المتنوعة مقابل حماية موارد الدولة، وصولا الى الولاء الفئوي مقابل الولاء للدولة.

من يصدق ان القوانين في الدولة اللبنانية وُضعت وأقرّت لترسيخ نقيضها، أم أن القيمين عليها، غايتهم تقويضها

هذا المسار التدميري لكل ما هو لبناني، لن تكون نتيجته في منطق الأشياء، الا الدمار والمزيد من الانحلال، الذي يعبر عن نفسه بمسار تصاعدي، وتشكل الفوضى ابرز معالم نظام العلاقات بين السلطة والشعب، وبين مكونات الشعب افرادا وجماعات، وبين لبنان ومحيطه.

فما يشهده لبنان منذ سنوات، هو ما يدفع في اتجاه الانفجار الاجتماعي، في ظل الاختلال السياسي، وغياب القدرة أو الرغبة للخروج من مسارات التدمير والفوضى، وفي ظل غياب اي حاضنة اقليمية ودولية، يمكن أن تخفف من حدّة الانهيار، وتحدّ من الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية.

إقرأ أيضاً: بالفيديو.. علي الأمين: التعطيل يشي بتوتر أمني و«حزب الله» يستدرج صفقة!

حقيقة الانهيار هي التي لا جدال حولها، لكن الرهان عليها يبقى محل جدل، بين من ينفيها او يؤكدها، لكن ذلك لا يخل بحقيقة، أن الوقائع الاقتصادية والمعيشية والسياسية في لبنان اليوم، باتت هشة وعرضة لانفجارات اجتماعية وأمنية وسياسية ايضاً، لكن لن يستطيع أحد، تقدير نتائجها أو تداعياتها على ما تبقى من دولة ومجتمعات وعلى الدويلة، وما يندرج ضمن نظام مصالحها.

من هنا تأتي اهمية الخطوة، التي قام بها النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا عون، بما يمتلكانه من قدرة وصلاحيات، عبر التزامهما البقاء في مبنى مجلس النواب، الى حين انتخاب رئيس للجمهورية.

من هنا تأتي اهمية الخطوة، التي قام بها النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا عون، بما يمتلكانه من قدرة وصلاحيات

وتستمد هذه الخطوة قوتها من رمزيتها، وفي تأثيرها على من يعطل انتخاب الرئيس باسم الدستور، فالنائبان وغيرهما من المؤيدين والمتضامنين من زملائها، لن يستطيعوا جميعاً، الزام الرئيس نبيه بري بفك اسر البرلمان، ولن يلزموا فريق المعطلين بالعودة عن قراره، الا أنّ ما قام به النائبان المعتصمان ولا يزالان، هو موقف جريء، وينطوي على قدر كبير من التحدي للمنظومة الحاكمة، بما يجعلها اكثر فاكثر في واجهة التعطيل من دون مواربة.

ويبقى ان صمود النائبين المنتفضين بشكل أساس ومن معهما، وثباتهما على موقفهما، من شانه يشكل كرة ثلج، مرشحة لأن تتدحرج وتكبر، وتساهم في فك أسر الاستحقاق الرئاسي

ويبقى ان صمود النائبين المنتفضين ومن معهما، وثباتهما على موقفهما، من شانه ان يشكل كرة ثلج، مرشحة لأن تتدحرج وتكبر، وتساهم في فك أسر الاستحقاق الرئاسي من ايدي خاطفيه، معطوفاً على ان موقفهما هو اشبه بمحاولة اعلان حرب استباقية على منهج تدمير لبنان، قبل انفجار الحرب العبثية والمدمرة. فهل يكسبان أولى جولاتها قبل أن تلتهم نار جهنم الجميع؟!

السابق
بعد مواجهته بالقوة.. الجيش الاسرائيلي يتراجع جنوباً
التالي
وفد من «حزب الله» في ميرنا الشالوحي.. ووفيق صفا يوجه رسالة للـ«ممغوصين»!