المرأة الايرانية «أيقونة الحرية» تثور.. وتحرق حجابها!

انها ثورة المرأة الايرانية ضدّ الامعان في تحجيبها قسرا، مع انه "لا اكراه في الدين" كما تقول الاية الكريمة، هي ثورة مضادة ضدّ الحجاب اذن، بعد ان كان اعتماره من قبل الامهات والجدات عشية اندلاع ثورة الامام الخميني وانتصارها عام 1979، رمزا ضدّ استبداد حكم الشاه، فاذا بالثورة ضد قانون فرض الحجاب اليوم تتحوّل الى صرخة ضدّ الحكم الديني القابع على كاهل الشعب الايراني منذ 43 عاماً.

قبل سنوات وتعليقا على احداث حركة الاحتجاجات الشعبية عام 2018 في ايران ضد النظام الديني الحاكم، لفت العلامة المفكر الاسلامي الراحل السيد محمد حسن الامين في مقابلة اجراها معه موقع “الأوائل” ان إيران تتجه لأن تكون دولة علمانية (علمانية مؤمنة)، على النحو الذي يتم فيه إكمال مفهوم الديمقراطية، أي حكم الشعب للشعب دون أن يعني ذلك موقفاً سلبياً من الدين”.

واذا كان البعض قدّ عدّ هذا الرأي مبالغا فيه ومستغربا، خصوصا وانه صادر عن عالم دين رافق الثورة الاسلامية منذ بدايتها، وعرف قائدها الامام الخميني استاذه في في الحوزة منذ ان كان منفيا في النجف، ثم زاره في طهران وقابله مهنئا بعد انتصار الثورة، فإن هذا الاستغراب سيتلاشى دون شك مع مراقبة سيرالاحداث الدراماتيكية للاحتجاجات الحالية، وما رافقها من مهرجانات حرق الحجاب من قبل الفتيات الايرانيات الثائرات، ما يؤكد ان الثورة الحالية تستهدف عمق النظام الاسلامي الذي يتخذ من فرض الحجاب رمزا لهيبته وقوة سلطته الدينية السياسية.

الاحتجاجات تتعاظم

فقد تسبب حادث وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها الأسبوع الماضي بسبب ارتدائها لباسا دينيا “غير ملائم” في غضب شعبي عارم، أدى إلى خروج الآلاف إلى الشوارع للتظاهر والتنديد بتسلط قوات الأمن. ويأتي هذا في وقت ازدادت فيه معاناة السكان الاقتصادية والاجتماعية.

وقالت «منظمة حقوق الإنسان» في إيران، التي تتخذ من أوسلو مقراً لها، إنها رصدت مقتل 31 شخصاً حتى نهاية اليوم الخامس من الاحتجاجات، إثر موت الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة. وقالت مصادر محلية للمنظمة إن 11 من المحتجين سقطوا بنيران قوات الأمن في مدينة آمل الشمالية مساء الأربعاء. وأشارت المصادر إلى اعتقال 66 متظاهراً بينهم 6 نساء. كما أشارت المنظمة إلى مقتل 6 آخرين في مدينة بابُل في محافظة مازنداران.

الثورة الحالية تستهدف عمق النظام الاسلامي الذي يتخذ من فرض الحجاب رمزا لهيبته وقوة سلطته الدينية السياسية

ولاحظت وسائل الاعلام ان مشاركة النساء فيها كبيرة، حيث قام العديد منهن بقص شعرهن أو خلع الحجاب الإلزامي، وفي بعض الحالات أشعلن النيران في الحجاب والشعر، وطالب المتظاهرون على الفور بإسقاط النظام وإنهاء “الجمهورية الإسلامية”، وواجهت السلطات هذه الاحتجاجات بقمع شديد أدى إلى سقوط قتلى، كما قيدت قدرة الإيرانيين على استخدام الإنترنت.

وفي جامعة طهران وأكباتان الأحد الماضي، وفق ناشطين، رفع متظاهرون شعارات “الموت للديكتاتور” وذلك في منطقة ستارخان بالعاصمة.

كاديفار: المرأة تقود الثورة

ونُقل عن محمد علي كاديفار الأستاذ المساعد في علم الاجتماع والدراسات الدولية في بوسطن كوليج، قوله إن هذه الاحتجاجات استلهمت الشجاعة من الاحتجاجات السابقة، لكنها تتجاوزها في 4 جوانب، هي:

أن المرأة تقود الطريق، وأن الإيرانيين البارزين في جميع أنحاء البلاد بدأوا يتحدثون علانية، وأن العديد من الإيرانيين الذين لا يشاركون عادة في الاحتجاجات، وقفوا تضامنا مع النساء وطلاب الجامعات، وأن هذه الاحتجاجات تجاوزت الانقسامات العرقية.

وتابع: ومما زاد من غضب الإيرانيين المتراكم لعقود، من منع الإصلاحات وتضييق الطيف السياسي وزيادة الحد من الحريات، مع استمرار الفساد والقمع وسوء الإدارة؛ قدوم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في أغسطس/آب من العام الماضي، وسط إقصاء جميع خصومه الإصلاحيين المحتملين والانخفاض التاريخي في الإقبال على التصويت. وأوضح الكاتب أن الانتخابات الرئاسية كانت جزءا من تهميش أكثر منهجية للعناصر “المعتدلة” في السياسة الإيرانية.

الحجاب هو رمز سلطة النظام الاسلامي في البلاد وبالتالي فان التنازل عنه سيعد انتصارا كبيرا للمعارضة لن تحتمله السلطة الدينية المنقسمة ما يهدد بانهيارها

يذكر انه بين عامي 2017 و2018، اندلعت في ايران سلسلة من الاحتجاجات الشعبية، على شكل تظاهرات عمالية ما لبثت ان تحوّلت الى شعبية عامة، انطلقت من مدينة مشهد لتشمل العاصمة طهران وعدد من المدن والمحافظات لا سيما خوزستان او الأهواز، ولما كان الامن الايراني قد نجح في قمعها بالمرحلة الاولى، فان تلك الاحتجاجات عادت لتندلع بشكل متقطع على مدى شهور في عدد من المناطق وذلك حتى توقفها منتضف عام 2018، وكذلك انطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات لاحقا عام 2019 بسبب زيادة السعر على البنزين.

في السياق ذاته، قُتلت الناشطة حديث نجفي بعد إطلاق النار عليها بست رصاصات من قبل قوات الأمن، خلال مشاركتها في الاحتجاجات بمدينة كرج الأربعاء الماضي، وفقاً لما ذكره ناشطون، وكانت قبل قد صورت مقطع فيديو قبل ايام وهي تخلع الحجاب، وتربط خصلات شعرها الخلفية، فأصبحت صورة حركتها هذه التي تفنّن النشطاء في عرضها وتظهيرها، وتحولت الى أيقونة ورمزا جديدا للثورة ضد الحجاب.

ويؤكد مراقبون ان نظام ولاية الفقيه في ايران، الذي يعاني من ضعف وهزالة بسبب مرض المرشد السيد علي خامنئي وانقسام حول وراثته، لا يمكن ان يتنازل ويعيد النظر بقانون فرض الحجاب على النساء، لان الحجاب هو رمز سلطة النظام الاسلامي في البلاد، وبالتالي فان التنازل عنه سيعد انتصارا كبيرا للمعارضة، لن تحتمله السلطة الدينية المنقسمة ما يهدد بانهيارها، حسب رأي احد الصحافيين اللبنانيين المتابعين للشأن الايراني ل”جنوببة”، وزاد “ان قيادات في الحرس الثوري ربما تكون قد تهاونت حتى الان بقمع الاحتجاجات، للتخلّص من محاولة نجل المرشد مجتبي خامنئي وراثة أبيه عنوة بمساعدة قيادات موالية له، كي يتبوّأ أعلى سلطة سياسية روحية في ايران”.

إقرأ أيضاً : بعدسة «جنوبية»: من لبنان.. تحية لـ «ثورة الجدائل» في ايران

نحو الحرية
السابق
«تراجع ملحوظ» بأسعار المحروقات
التالي
«تحالف وطني»: لحلّ حرس المجلس