غسان صليبي: أيهما أكثر إقناعا العقل أم القلب؟

غسان صليبي

تحت عنوان “أيهما أكثر إقناعا العقل ام القلب؟”، نشر الكاتب غسان صليبي عبر صفحته على “فيسبوك” نصاً تناول فيه العلاقة بين عائلة لبنانية وأخرى سورية، هذا مضمونه:

لا يتوخى هذا النص القصير
مناقشة علاقة الفكر بالشعور
بقدر ما يطرح تساؤلاً
املته حكاية
وددّت روايتها لكم.

عائلة سوريّة نازحة
سكنت بجوار عائلة لبنانيّة
وأدّت الجيرة
الى صداقة بين العائلتين.

كانت الأم السوريّة
تساعد الأم اللبنانيّة
في أعمال المنزل
من وقت لآخر
وبدون مقابل،
فيما يساعد الزوجان اللبنانيان
في تعليم أولاد
العائلة السوريّة.

لكن الظروف المعيشيّة الصعبة
إضطرّت الام السورية
للعمل عند العائلة اللبنانيّة
بدوام كامل،
رغم انها
لا تحبّذ ذلك
والعادات السوريّة
تفرض على الزوج
العمل وحده
مهما كانت الظروف،
لذلك كانت الأم السوريّة
تتفادى ان يعرف السوريون
انها تعمل عند آخرين.

لكن أحد النازحين السوريين
الذي يسكن أيضا
بجوار العائلة اللبنانيّة
رآها تتردّد على منزل الجيران
فاتصل بأبيها المهجَّر
على الحدود التركيّة
وأبلغه بالأمر،
مما دفع الأب
الى الإتصال بابنته وبزوجها
معاتبًا ومردّدًا على مسامع ابنته
انه لن يعترف بها كإبنة
إذا لم تتوقّف عن العمل.

إرتبكت المرأة كثيرًا وحزنت
ولم تكن قادرة
إلاّ على الإنصياع لإرادة أبيها،
فأبلغت بذلك الأم اللبنانيّة
التي حاولت هي وزوجها
إقناعها بأن لا عيب
بما تقوم به
وهي في كل ما تفعل
انما تساعد عائلتها
للعيش بكرامة.

مرّت الأم السوريّة
بايام صعبة
خاصة وانها تعرف
حاجة الأم اللبنانيّة لها،
لكنّها في النهاية رضخت
وقرّرت ترك العمل.

مرضت الأم اللبنانيّة فجأة
وأصبحت حاجتها للأم السوريّة
أكثر إلحاحًا،
ممّا أحدث تحوّلاً جذريًّا
في موقف الأم السوريّة
التي عادت وقرّرت
الإستمرار في العمل
مهما كانت النتائج،
مردّدةً انها تحب كثيرًا
الأم اللبنانيّة
وستبقى الى جانبها
في مرضها.

كل النقاشات السابقة
مع الأم السوريّة
التي تَشاركَ فيها الأب اللبناني
الى جانب زوجته وولديه
لم تؤدِّ
الى أي نتيجة،
وحدها محبتها للأم اللبنانيّة
جعلت من الأم السوريّة
تتحرّر من وطأة
وسطوة أبيها.

أستخدمُ كلمة “تتحرّر”،
لأن موقفها
تبعته مواقف أخرى
مع الزوج اللبناني
هذه المرة،
إذ عندما أراها
كتابه الجديد
قائلاً لها انه سيلقى إنتقادات
من بيئته،
أجابته بحزم
“ينتقدوا”،
فيما كانت من قبل تحذّره
من الإستمرار
في كتابة مقالات نقديّة للسلطة
خوفا على سلامته،
“ففي سوريا كل من يكتب
هكذا مقالات
يختفي”.

“التوعيّة الفكريّة”
لم تكن كافية
لإقناع الأم السوريّة،
ربما لأن “إقتناعاتها السابقة”
لا تقوم على سند فكري فحسب
بقدر ما هي
نتيجة تعلّق عاطفي
بعائلتها وأبيها،
فكان لا بدّ من ملء
“الفراغ العاطفي”
الذي يتأتّى من عصيان الأهل،
من خلال محبة أناس آخرين،
حتى يقبل القلب
أن يفتح ابوابه
أمام تحرّر العقل.

إقرأ أيضاً: غسان صليبي: زهرة في حائط «الثنائي الشيعي»!

السابق
مصادر قيادية في «أمل» لـ «جنوبية»: لا لتفرد «حزب الله» بإنتخاب رئيس الجمهورية.. وهذا مرشح بري!
التالي
مسيرة مراكب من طرابلس إلى الناقورة «دفاعاً عن الحقوق البحرية».. سليمان لـ «جنوبية»: نفط لبنان للبنان!