أزمة «المثليين».. لا اللبنانيين!

المثلية الجنسية في لبنان

اليوم يحلّ مصطلح “مجتمع الميم” الذي ورد حديثا من بلاد الغرب والعم سام، مصحوبا بحملة مكثفة هدفها اعادة صياغة وعي جديد لدى الشارع اللبناني والعربي بشكل عام، ويشمل المصطلح الجديد اضافة الى المثلية، خليطا من الرغبات الجنسية التي يمكن ان تتجمّع بشخص واحد، ذكر كان ام انثى، منها الميل للجنسين، وكذلك يشمل المصطلح المتحولين جنسيا، و”المتحيّرين” وأحرار الجنس، وغيرهم من ذوي التوجهات الجنسية غير المألوفة ولا المشهورة في المجتمعات العربية.  

اقرا ايضا:    خدّرهم وصوّرهم.. إغتصب أكثر من 20 طفلا: سفاح القاع في قبضة المخابرات!

ولما كان المثليون في العالم قد اعتمدوا في السنوات الاخيرة شهر حزيران من كل عام ان يكون “شهر فخر”، يذكر بقضيتهم عبر نشر علم الوان قوس قزح والقيام بنشاطات عامة مختلفة ودعوات للتجمع والاحتفال، فان لبنان رغم انفتاحه النسبي بالنسبة لدول الجوار، الا ان تلك الدعوات التي نشطت شهر حزيران الفائت، جوبهت برفض رسمي وديني وحتى شعبي في عدد من المناطق، ووحّد هذا الرفض معظم اللبنانيين المنقسمين سياسيا وطائفيا، ضدّ المثليين وانشطتهم. 

وكان اول المعترضين وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي الذي وجه كتابا في 24 حزيران إلى مديريتي الأمن الداخلي والأمن العام، طالباً منهما اتخاذ الإجراءات اللازمة على الفور لمنع أي نوع من الاحتفالات أو الاجتماعات أو التجمعات التي تروج لـ”الشذوذ الجنسي” كما وصف. 

لا يتعرّض المثليون في لبنان لحملات اضطهاد وتمييز كما يحلو لبعض الجمعيات الحديث في هذا الشأن 

وكان مفتي لبنان عبد اللطيف دريان جزم أن “دار الفتوى لن تسمح بتشريع المثلية الجنسية المخالف للدين الإسلامي ولكل الشرائع، هذه ثوابت دار الفتوى والمسلمين جميعاً في لبنان”. 

وكرّس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده عظة الأحد لهذا الموضوع، مشيراً إلى أنه يسمع عن “لقاءات تروّج للمثلية”، مشدداً على أن “الكتاب المقدس يعلن بوضوح أن الذكر هو المكمل الوحيد للأنثى في الحب والزواج، والأنثى وحدها مكملة للذكر” مؤكداً أن “السلوك المثلي في الكتاب المقدس لا يباركه الله بل يحظره بوضوح”. 

من جانبه توجه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان “لكل من يريد تغيير هوية لبنان الأخلاقية” بالقول “بعض الجزارين المنحرفين يريدون نسف البنية البشرية وتغيير نظام الطبيعة لصالح أسوأ أنواع الشذوذ البشري وهذا مرفوض بشدة ولن نقبل به أبدا ولن يتحقق في لبنان”. 

كما أزالت مجموعة شبان يطلقون على أنفسهم “جنود الرب” لوحة ورود بألوان علم “المثليين” في الأشرفية رفضًا لمظاهر الشذوذ. وقد طالبوا محافظ بيروت بمنع هذه المظاهر. 

لا يتعرّض المثليون في لبنان لحملات اضطهاد وتمييز كما يحلو لبعض الجمعيات الحديث في هذا الشأن، لا في المدن ولا حتى في القرى النائية حيث يعيشون عيشة طبيعية مع اهاليهم الذين يحتضنوهم صغارا ويعيشون بكنفهم كبارا.

في الجنوب مثلا حيث نشأنا، لا يخلو الامر من وجود عدد قليل من الافراد المثليين ولدوا وعاشوا بيننا، وتعلموا في المدارس اسوة بباقي الاطفال ، منهم من استقرّ في قريته، ومنهم من آثر النزوح الى الندينة للبحث عن فرص عمل افضل اسوة بسائر الشبان، ومنهم من عاد وتزوّج وانجب، ومنهم من بقي كما هو راضيا بقناعة ما قسم الله له، حاله حال اهله واقاربه وابناء قريته. 

شهر “فخر” شكّل استفزازا لغالبية الشعب اللبناني الذي ما زال يرفض اساليب الدعاية للمثليين  

وحتى في العاصمة بيروت حيث يمكن ان نصادف مثليين كجيران وزملاء دراسة واصحاب عمل لاحقا، لم يخطر ببالهم ان يحيوا يوم فخر كي يلبس المولودون منهم ذكورا الفساتين، وتحلق الاناث منهن شعورهن على “الصفر” وتتزيّا بزيّ الرجال تحديا لسواد غالبية اللبنانيين الذين يمقتون التباهي باظهار الخصوصيات والرغبات الجنسية والعواطف الحميمة بما يهدد الذوق العام والاعراف الاخلاقية التي نشأوا عليها، مع العلم ان جميع اللبنانيين بطوائفهم العديدة محافظين ومنفتحين، يعلمون ان هناك ملاهٍ ونوادٍ خاصة يؤمها أفراد مجتمع الميم، وهناك تجمعات وحفلات خاصة يقوم بها ناشطون مثليون، فلم يعمد احد أو أية جهة رسمية او خاصة الى التدخل لقمع هذه التجمعات والحفلات، لأن جذور الحريّة في لبنان عريقة، يمارسها اللبنانيون طبقا للقاعدة القانونية والاخلاقية الشهيرة التي تقول “تنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حرية الاخرين”، وشرحها أن تجمعات المثليين في الاماكن الخاصة حرية فردية، اما تجمعهم في الاماكن العامة مع فخر ودعاية، هو تعدّ على حرية الاخرين وهم غالبية اللبنانيين الذين يرفضون تعميم عادات المثليين وقيمهم على المجتمع. 

لا شك ان شهر “فخر” شكّل استفزازا لغالبية الشعب اللبناني، الذي ما زال يرفض اساليب الدعاية للمثليين كما الدعاية لكل تجمع ينادي بالحريات الجنسية او عبادة الشيطان وغيرها من التجمعات غير المألوفة التي تهدد القيم الدينية والاخلاقية. ولعلّ العودة الى التقاليد والعادات المرعية التي تسمح بالتنوّع الجنساني ضمن حدود الخصوصية وعدم التشهير بالرغبات والميول الجنسية يبقى هو الحلّ الانسب والملائم بعيدا عن المبالغات غير الواقعية التي تظهر ان المثلية مرفوضة في لبنان وان افرادها مطاردون ومضطهدون، وذلك لغاية في نفوس عدد من الناشطين الطموحين، لا علاقة لها بمصلحة المثليين ولا بمصلحة مجتمع الميم! 

السابق
التّفاعلات النّصيّة في ديوان «أغاني شيراز» للشّاعر محمد حسين بزّي
التالي
بعد تزايد الإصابات بكورونا.. «ماراثون فايزر» في هذه المناطق