بيضون في نقدٍ لاذع: يَتَمَسَّكونَ بقياداتِ الرُعْبِ متقَبِّلينَ مِنْها جَرَّهُم من آذانِهِم!

في نقد لاذع للأداء السياسي في لبنان، قال الباحث والمؤرخ الدكتور احمد بيضون: “يُغَلِّبُ اللبنانيّونَ رُعْبَهُم بعضَهُم من بعضٍ أو بُغْضَهُم بَعْضَهُم لبعضٍ أو طَمَعَهُم بَعْضَهُم بما في أيْدي بعضٍ، بما هُمْ جماعاتٌ طائفيّةٌ أو ما دُونَ الطائفيّةِ، على اعتِباراتٍ أخرى من قَبيلِ المصلحةِ الوطنيّةِ (المشروطةِ الوجودِ أصْلاً بإجماعٍ يخرقُ حدودَ هذا النوعِ من الجماعاتِ على مجموعٍ من القِيَمِ العُلْيا يُثْمِرُ بدَوْرِهِ ضوابطَ للتَصَرُّفِ السياسيِّ) أو من قَبيلِ المصلحةِ الطبقيّةِ أو ما دُونَ الطبَقيّةِ (المهنِيّةِ مَثَلاً)”…

اضاف في منشور عبر “فايسبوك”: “…يُغَلِّبونَ تلكَ على هذهِ فيتَمَسّكونَ بقياداتٍ تتَأسّسُ على الرعْبِ والبُغْضِ والطَمعِ المٌشارِ إليها مسْتَهينينَ بتَكاليفِ هذا التَمَسُّكِ عليهِم: أي بكراماتِهِم الشخصيّةِ التي تُداسُ وبحُرِّياتِهم في التعبيرِ والسلوكِ، وهيَ تُواجَهُ بالتهديدِ الدائمِ، ومِن ثَمَّ بشروطِ عيشِهِم الماديّةِ التي تُسْتَنْزَفُ وبالسلْمِ الأهْلِيِّ المفتوحِ دائماً على أفُقٍ مُظْلِمٍ وباستِقلالِ دولتِهِم وأمْنِ بلادِهِم أخيراً لا آخِراً”…

وتابع: “يَتَمَسَّكونَ بقياداتِ الرُعْبِ والبُغْضِ والطَمَعِ متقَبِّلينَ مِنْها جَرَّهُم من آذانِهِم إلى مواقِعَ ومواقِفَ مجافيةٍ لهذا الهَرَمِ كٌلِّهِ من القِيَمِ والمَصالِحِ ومُرْتَضِينَ، على التخصيصِ، ما يعْلَمونَهُ من فسادٍ أسطوريٍّ لمعظَمِ هذه القياداتِ أتاحَ لها نهْبَهُم عَبْرَ نَهْبِ المالِ العامِّ (ونَهْبَ المقتَدرينَ مِنْهُم مباشرةً)، وهذا على شَرْطِ توزيعِ جانِبٍ ممّا تَنْهَبُ فُتاتاً على سَوادِهِم (وشَرْطِ فَتْحِ منافِذَ للفسادِ أمامَ الطيِّعينَ من المُقْتَدِرين مِنْهُم). وأمّا الشرطُ الأهَمُّ للتَمَسُّكِ المُشارِ إليهِ فيَبْقى أخذَ القياداتِ بأيدي الجماعاتِ في مسيرةِ الرُعْبِ والبُغْضِ والطَمَعِ، معَ العِلْمِ أنّ هذه ليسَت مشاعِرَ طافيةً على فَراغٍ وإنّما هي حَبْكةٌ حسِّيّةٌ جِدّاً – أو سِلْسِلةُ حَبْكاتٍ، بالأَحْرى – أثْمَرَها مَسارٌ تاريخيٌّ باتَ مَديداً… وأمّا مؤدّى هذه الحَبْكةِ فهو تَمادي الفَقْرِ والخَلَلِٰ الفادحَينِ في مَفاهيمِ الوطَنِ والمُجْتَمَعِ والدولةِ والقانونِ بِأَسْرِها”…

وختم: “ظَهَرَت، بَعْدَ الحربِ الأهليّةِ (بل في الحربِ نفسِها أيضاً) إرهاصاتٌ برَفْضٍ متباينِ الصِيَغِ لمَآلاتِ هذا التعَلُّقِ المٌدَمِّر. وكان آخرَ هذه الإرهاصاتِ وأوسَعَها ما انطوى عليه الردُّ الشعبِيُّ على نكبةِ ٢٠١٩. ولكنّ مناسباتٍ لاحقةً أظْهَرت حدودَ التحوُّلِ في المسالكِ الجماعيّةِ بل لعَلَّها أظْهَرت نُكوصاً لا ينبَغي استِبْعادُهُ في هذا التَحَوُّل. آخِرُ هذه المناسباتِ انتخاباتُ الربيعِ الماضي النيابيّةُ: فإنّ التصَرُّفَ المتعثّرَ لنوّابِ “التغييرِ” (فَضْلاً عن ضآلةِ عَدَدِهُم) إنَّما يُشيرُ (في ما يتعَدّى الدواعيَ الفرديّةَ) إلى عُسْرِ التجذيفِ غيرِ الطائفيّ في مياهِ المؤسّسةِ الطائفيّةِ الرئيسةِ في البلاد. وهذا تجذيفٌ أثْمَرَ خمولُ الحركةِ الشعبيّةِ مبالغةً تِلْقائيّةً في التعويلِ عليهِ وفي تقديرِ فاعِلِيّتِه”.

السابق
بالصور: «حزب الله» يدس نشيداً إيرانياً في عقول الأطفال.. والشيعة «يطفح كيلهم»!
التالي
كواليس الغارة الإسرائيلية على سوريا.. نظام إيراني «يغير قواعد اللعبة»!