خاص «جنوبية»: «تسونامي» الجرائم يجتاح الجنوب.. إبحث عن سلاح «حزب الله» لا عن «هيبته»!

جريمة قتل

تشي المعطيات “الشعبية” في المناطق الشيعية، بحسب عدد من الفاعليات القاطنين فيها و المتابعين ، الى “خلل أصاب منظومة الأمن الذاتي ل”حزب الله” وفقدت هيبتها بعد تقويض عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها، وبالتالي شعر إبن هذه البيئة، أنه أصبح في العراء وفي مكان غير آمن ما دفعه الى التوجّه نحو إقامة شبكة أمان ذاتية، واستشرس في الدفاع عن حقوقه في مشهد أقرب للأمن الذاتي داخل الأمن الذاتي”.

كانت الأنظار تتجه مع كل جريمة قتل نحو البقاع، حيث “وُصمت” هذه المنطقة بفوضى السلاح والقتل، وغالبا ما كانت الجرائم تقدّم على أنها ثأرية أو عشائرية، لأسباب “أرض أو عرض” قبل أن تتدحرج الأمور مع بداية الأزمة السورية.. ومن ثم “اللبنانية”، ويتحوّل القتل الى عادة لا تثير الاستهجان أبطال الرؤوس الحامية، ولكن المستغرب، أن تكبر كرة الرصاص لتصل الى الجنوب البعيد، من حيث المبدأ، عن “الذهنية الثأرية” والعشائرية ليشهد أحداث قتل في قرى وبلدات هذه المنطقة.

أصبح شريط الأحداث من البقاع الى الجنوب مرورا بالضاحية لا ينتهي

لقد أصبح شريط الأحداث من البقاع الى الجنوب مرورا بالضاحية لا ينتهي، بدءا بالاشتباكات المسلحة الى عمليات الخطف والقتل والاغتيال السياسي، كعملية قتل المعارض لقمان سليم في حادث أمني خطير، لم تكشف التحقيقات هوية الجهة المنفذة رغم وقوع المنطقة أمنيا تحت سيطرة “حزب الله،” وصولا الى جريمتي “أنصار” المرعبة التي ذهب ضحيتها أم وبناتها الثلاث وجريمة “الدوير” التي أدت لمقتل مواطنين وعدد من الاصابات ونفّذت بدم بارد ولسبب وصف ب”التافه”.

الجرائم تتكاثر وتتنقل بشكل يثير القلق والتخوف، كونها غير مألوفة لكنها لم تعد تثير الرهبة والاستنكار الواسعين لدى المجتمع الشيعي

الجرائم تتكاثر وتتنقل بشكل يثير القلق والتخوف، كونها غير مألوفة لكنها لم تعد تثير الرهبة والاستنكار الواسعين لدى المجتمع الشيعي، بل أصبحت تمر مرور التشييع، وجمر الجريمة لم يعد يحرق الا صاحبه” حسب تعبير أحد رؤساء بلديات الجنوب ل”جنوبية”، الذي تخوّف من “تمدد هذه الاحداث وخروج الوضع الأمني عن السيطرة”.

و في هذا السياق، لحظت “الشركة الدولية للمعلومات” استنادا الى تقارير قوى الأمن الداخلي بأن “المؤشرات الامنية سجلت خلال الاشهر ال 5 الاولى من العام 2022 ارتفاعا في حوادث القتل مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2021 حيث ارتفعت هذه الجرائم حتى الآن بنسبة 9% في أنحاء متفرقة من لبنان، مع العثور على بعض الجثث التي لا زال التحقيق جاري حولها”.

رفضت مصادر خاصة “الربط الكلّي بين ازدياد حوادث القتل المتنقلة وبين الوضعين الاقتصادي والمعيشي”.

ورغم مساهمة العوامل الاقتصادية والمعيشية في توسع هذه الظاهرة، جراء حالة التوتر العصبي التي يعيشها المواطن اللبناني، على حد تعبير وزير الداخلية الاسبق مروان شربل ل”جنوبية”، رفضت مصادر خاصة “الربط الكلّي بين ازدياد حوادث القتل المتنقلة وبين الوضعين الاقتصادي والمعيشي، إذ ان مرتكبي جريمتي أنصار والدوير مثلا، وضعهما المالي ليس سيئا واقترفا جرائمهما بدم بارد، لشعورهما أنهما خارج امتداد هيبة الدولة والقانون وحتى هيبة حزب الله، الذي كان يفرض هيبته بقوة السلاح والسلطة”.

الكماشة الامنية للثنائي في مناطق نفوذه، فقدت مفعولها وإرتخت في ظل محميات حزبية لم تعد آمنة

وترى المصادر عينها، أن “الكماشة الامنية للثنائي في مناطق نفوذه، فقدت مفعولها وإرتخت في ظل محميات حزبية لم تعد آمنة، وهي متخمة بالسلاح والخبرة في استخدامه، وقد تخرج هذه المحميات عن سيطرة أصحابها في أي لحظة”.

وبرأي مصادر متابعة لهذة الظاهرة ل”جنوبية”، “في الماضي كان حزب الله يبتز أبناء بيئته، في حمايتهم من أجهزة الدولة عند ارتكابهم اي جريمة وكان يعمد احيانا لتركيب ملفات أمنية او غيرها، لمن لم يلتحق بركب سياسته ، فكان هؤلاء تحت رحمته يحميهم تارة ويهز لهم عصا الدولة في حال حاولوا الخروج من تحت عباءته، وساعدهم في ذلك ان الحزب لم يكن بحاجة لهؤلاء سياسيا وميدانيا فكان ذو شان وهيبة”.

اليوم انقلبت الصورة، عبر تحولات كثيرة طرات على الساحة وتغيرت الموازين، فهرم “الثنائي” وكشف أمره

واوضحت انه “اليوم انقلبت الصورة، عبر تحولات كثيرة طرات على الساحة وتغيرت الموازين، فهرم “الثنائي” وكشف أمره، ولم يعد بمقدوره ان يقدم لبيئته المنهكة بالدماء والمتخمة بالشعارات، ما كان يقدمه او يعد به، واصبح هم المواطن نفسه، أمنه ولقمة عيشه”.

واستغربت المصادر انه “كيف ان “حزب الله” لا يعي أن السياسة التي اتبعها في المناطق الشيعية، أشبه بقنبلة موقوتة قد تنفجر بأصحابها، وأتخم الارضية بالسلاح والمخدرات والخارجين على القانون، وتدخل في القضاء وعمل اجهزة الدولة”.
وجزمت بان “هذه كلها أسباب سهّلت عمليات القتل المجاني، لشعور القاتل أنه محمي وما جريمة مقتل النقيب الطيار سامر حنا عام ٢٠٠٨ على يد عنصر من حزب الله. الذي اخرجه منها بكفالة مالية، ثم نعيه في ال ٢٠١٤ في سوريا ليقدم له حماية دائمة، إضافة الى الشعور بفائض القوة لدى الشباب الذين شاركوا في الحرب السورية، وشهدوا قساوتها ثم عادوا ليتغلغلوا بين المجتمع دون مرورهم بمراكز تأهيل نفسي، قبل إعادة دمجهم وانخراطهم في الحياة المدنية في هذه المناطق التي تفتقر لهيبة الدولة والآن لهيبة الثنائي”.

هذا الوضع السيء انعكس سلبا على نفسية الفرد وزاد من عدائيته تجاه الاخرين ولكن هذا لا يعني أن الفقر هو الدافع لارتكاب الجريمة

“هذا الوضع السيء انعكس سلبا على نفسية الفرد وزاد من عدائيته تجاه الاخرين ولكن هذا لا يعني أن الفقر هو الدافع لارتكاب الجريمة بل هناك اسباب كثيرة تحتاج لدراسة عن طبيعة كل فرد والبيئة المحيطة به”، بحسب خبير في علم النفس الاجتماعي الذي رأى أن “عدم الاكتراث للجرائم الفظيعة يعود لاهتمام المواطن بلقمة عيشه وهمه أن يبقى في مأمن وبعيد عن الخطر، الذي يقترب منه دون أي حماية و أي رادع قانوني أو اخلاقي للقاتل”.

وليس بعيدا من ذلك، أشارت مصادر خاصة ل”جنوبية” أن “حزب الله” بدأ يلمس أن هيبته أصبحت على المحك، أمام ما يجري من أحداث أمنية متنقلة في مناطق نفوذه وسيطرته، خاصة في قرى الجنوب الذي كان محتلا من اسرائيل، فاليوم وبحسب المصادر “بات معظم الجنوبيين يشعرون أنهم في العراء يعتريهم الخوف والقلق من ثقافة السلاح، الذي تحول من مصدر أمان الى مصدر قلق، وأن من وضعوا ثقتهم بهم فشلوا في حماية حياتهم او استرجاع مالهم، وكل الامال التي علقوها عليهم، كانت أوهن من بيت العنكبوت والسلاح الذي كان زينة للرجال أصبح لقطع الطرقات والقتل”.

السابق
خاص «جنوبية»: محاكمة فنانة كوميدية طلبت «فوطاً صحية».. على رقم الطوارئ ١١٢!
التالي
بالصور.. خاص «جنوبية»: الدولة «تبيع» مياهها لـ«حزب الله»!