صالح الرفاعي يسأل «من يصنع صورة الزعيم؟»

المصوّر الفوتوغرافيّ والفنان البصري والاستاذ الجامعي اللبناني، الصديق الزميل في مهنة “المتاعب” صالح الرفاعي، حمل كاميرا المهنة وطاف بها في المكان الواسع، ووصل بسعيه الدؤوب الى مفاصل مستترة داخل الزمن وفي عقر المكان الخفي،فدوّن بالصورة والكلمة مكامن وخفايا المراحل والحالات والانبعاثات السياسية في الواقع المحلي والعربي والعالمي.

اقرا ايضا: الاصلاح في فكر السيد محمد حسن الامين: التجديد الديني والحضاري

وفي كتابه الجديد “مَن يصنع صورة الزعيم” (الصادر حديثاً عن دار المؤلف)، يتناول البورتريه السياسي على مرّ التاريخ وقصص الصور الأيقونية، معرّفاً عن مصوّري البورتريه السياسي العالميين والعرب واللبنانيين. ويتطرّق إلى واقع الصورة السياسية في لبنان، وصورة الانتخابات النيابية، والسيلفي السياسية، بالإضافة إلى علم نفس الصورة السياسية، ولقطات تاريخية من تصوير الرفاعي لسياسيين لبنانيين تُنشر للمرّة الأولى.
فكرة الكتاب مشوقة، وتكاد تكون نادرة، في مساحة الافكار المكتوبة والمعيوشة.وما يرمي اليه الكتاب يرفع منسوب الأهمية والخصوصية في بناء جوهر البحث الرزين الذي حققه المؤلف.
فالصور النادرة المرفقة بالكتاب الى جانب العرض والتحليل والاستنتاج، يسند المعنى المرتجى ويطلقه كحقيقة لا تلامس الشك. معنى واضح انطلق منه الرفاعي، وتفصيل بالشرح واختيار مناسبات الاحداث والصور طبعت جلياً هدف المكتوب، كتفعيل لواقع قائم في طيّات واشارات الزمن العابر في مساحة السياسة والزعامة.
يتساءل الرفاعي في كتابه”لماذا يتمسك جزء كبير من اللبنانيين بصور زعمائهم؟ولماذا تتصدر صور الزعماء منازلهم؟وبالتالي هل تصنع الصورة الزعيم أم أن الزعيم هو الذي يصنع الصورة؟” وفي السؤال يكمن الجواب.انها جدلية بغير كلفة، جدلية العلاقة بين الصورة والزعامة.وقد يستقر الجواب في قناعة راسخة مفادها أن صورة الزعيم هي التي (تؤكد) حضور (الزعيم) وليس العكس.الصورة تصنع الزعيم،لم يجاهر بها المؤلف، ورغم أنه تركها في دائرة التأويل والاحتمال،الا أنه لم يكن موارباً بالشرح والتفسير،وبتحديد تأثير الصورة في مساحة الاعلان،على غرار صورة الإعلان لمنتج غذائي أو أي إعلان دعائي لتسويق أي منتج صناعي.أليست صورة الإعلان هي التي تستحضر المُنتج وتالياً،تجذب المستهلك إليه، وليس العكس أبداً.
“صورة الزعيم” في العراء والتّعرية ، وبوضوحها الكامل يرفعها الرفاعي جلياً في مساحة البصيرة والعقل ، ترتقي وتنأى وتنتصب كمرآة صافية “للزعيم” (سجيناً) داخل إطارها، يستحيل له الخروج منها حتى لو تهشّمت وتكسرت وتناثرت فتافيتها في أرض البصر والبصيرة!

السابق
كم بلغ عدّاد إصابات ووفيات كورونا اليوم؟
التالي
جهاد الزين في الذكرى الأولى على غياب العلامة الأمين: نحتاج إليك!