هل يصيب الاعتداء الحوثي بدايات «ترميم الثقة» بين لبنان والخليج؟

انتخابات 2022 نجيب ميقاتي

حجبَ دخانُ الاعتداءات الحوثية على السعودية واستهداف المنشآت النفطية في شمال مدينة جدة، غبارَ «الحروب الصغيرة» في لبنان «المنكوب» الذي بالكاد «التقطَ أنفاسَه» بعد نُذُر عودةٍ خليجية ديبلوماسية و«إنسانية»، هو بأمسّ الحاجة إليها لتأخير «الارتطام المميت»، حتى عادتْ الخشيةُ من أن تصيبَ الاندفاعةُ الحوثية فوق «الخطوط الحمر» أولَ خطواتِ معاودةِ بناء «جسور الثقة» بينه بيروت ودول مجلس التعاون.

ولم تكن اكتملتْ بعد كلّ خلفياتِ وحدود «إعادةِ الانتشار» الديبلوماسية لدول الخليج والتي أعطت السعودية والكويت، أول إشاراتها في ملاقاةِ بيانٍ لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي قدّم فيه التزاماتٍ بمندرجات المبادرة الكويتية في ما خص الأزمة مع لبنان ولو «مخفَّفة» بشعار «ضمان السلم الأهلي»، حتى تطايرتْ الأسئلة حول ما بعد التصعيد الحوثي الأخطر الذي بدا مدجَّجاً برسائل تثبّت «فصل المسارات» بين الإحياء المرتقب للاتفاق النووي مع إيران وبين نفوذ طهران وأدوارها في ساحات المنطقة والمزعزعة لاستقرارها، وصولاً إلى الخشية الكبرى من أن «يغذّي» مثل هذا الإحياء السلوكَ الإيراني مستفيداً من ارتداداتِ الحرب على أوكرانيا و«الحسابات النفطية» للإدارة الأميركية.

ومردُّ «حبْس الأنفاس» في بيروت إلى أن تحالف دعم الشرعية في اليمن، سبق أن قدّم قبل نحو 3 أشهر مضبطة اتهام لـ «حزب الله» بالتورط في اليمن واستخدام مطار صنعاء لاستهداف السعودية عبر دعم الحوثيين بالتدريب على استخدام المسيرات والصواريخ البالستية، وهو العنوان الذي يحضر «بين سطور» غالبية البنود الـ 12 في المبادرة الكويتية التي ترتكز على معالجة سلاح «حزب الله» بمثلث القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، وعلى عدم تحويل لبنان «منصة عدوان لفظي وفعلي» على دول الخليج.

عادتْ الخشيةُ من أن تصيبَ الاندفاعةُ الحوثية فوق «الخطوط الحمر» أولَ خطواتِ معاودةِ بناء «جسور الثقة» بينه بيروت ودول مجلس التعاون

وبعدما كان ميقاتي، شدّد في بيان التمهيد لـ «فتْح الأبواب» بين دول الخليج ولبنان على «ضرورة وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية التي تمس سيادة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان»، يسود الترقُّب لِما إذا كان ما بعد استهداف المنشآت النفطية في المملكة ولا سيما في جدة سيشهد فرملة في مسار ترميم الثقة الذي واكبتْه طهران عن كثب عبر زيارة وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان لبيروت محاولاً إحداث «ربْط» مبكرّ مع مرحلة ما بعد إحياء الاتفاق النووي عبر عرْض الاستثمار في قطاعيْ الكهرباء (بناء معامل) والنفط (تنقيباً) في لبنان، وسط معطيات عن أن ميقاتي لم يقفل الباب أمام مثل هذا التعاون ولكن بعد رفْع العقوبات عن إيران.

إقرأ أيضاً: رسالة من لقمان (٢): لا لمضيعة الوقت

وحضرت علاقات لبنان مع الخليج في لقاء ميقاتي أمس، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على هامش «منتدى الدوحة»، والذي أكد أن بلاده «إلى جانب لبنان، وكل الدول العربية وبالذات دول الخليج ستعيد علاقاتها الطبيعية معه».

وفي حديث للصحافيين، لفت ميقاتي إلى أنه كان له حديث مطوّل مع تميم بن حمد عن «كل الأوضاع العامة والأوضاع الخاصة المتعلقة بلبنان». وقال: «نحنُ بحاجة دائماً للرعاية العربية، والصحيح دائماً أن نكون على علاقة ممتازة مع كل الدول العربية ودول الخليج».

وتابع «ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف مرت وبإذن الله ستزول مع الزيارات التي سأقوم بها للدول العربية، ومع إعادة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج الى طبيعتها، ونحن بحاجة إلى هذه العلاقات خصوصاً مع السعودية».

وأضاف «شعرتُ في لقائي مع الشيخ تميم بأنه يعي المشاكل في لبنان وهو بجانبه، ووعد بأنه خلال الأسابيع المقبلة سيزور وزير الخارجية القطري لبنان للاطلاع على حاجاته».

وكان ميقاتي اجتمع أول من أمس، مع وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد الناصر، الذي نقلت عنه «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية: «نقلتُ إلى دولة الرئيس أولاً تحيات سيدي سمو الأمير وسيدي سمو ولي العهد، حفظهما الله ورعاهما، وتمنياتهما للبنان الشقيق وشعبه بالمزيد من الأمن والاستقرار والازدهار.

وكذلك نقلت تحيات وترحيب الكويت بالبيان الذي أدلى به دولة الرئيس إثر الاتصال الذي جرى بيننا، وكذلك بيان مجلس الوزراء اللبناني الذي رحّب بالمبادرة الكويتية والأفكار التي نقلناها نيابة عن الأشقاء في دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية والمجموعة الدولية، في إطار بناء الثقة مع لبنان مجدداً. وكذلك نقلت الثناء والإشادة بالالتزام الذي أدلاه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بالنسبة إلى التزام الحكومة اللبنانية بالورقة الكويتية، وكذلك إلى التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية والتجاوب معها».

أضاف: «هناك أيضاً مسألتان أساسيتان تتعلقان بألا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي أو فعلي أو أن يخرج من لبنان أي أمر يمكن أن يعرض أمن المنطقة أو يقوّض من أمنها واستقرارها، ومسؤولية الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية في هذا المجال. وكان هذا الأمر محل تقدير كبير لدى الكويت وكذلك دول مجلس التعاون وبالأخص السعودية الشقيقة. كلها أمور، إن شاء الله، ستفضي مجدداً لعلاقة مستدامة مع لبنان وشعب لبنان الشقيق».

التصعيد الحوثي الأخطر الذي بدا مدجَّجاً برسائل تثبّت «فصل المسارات» بين الإحياء المرتقب للاتفاق النووي مع إيران وبين نفوذ طهران وأدوارها في المنطقة

في موازاة ذلك، شجب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان «استهداف المنشآت النفطية في شمال جدة». وقال إن «الاعتداء على السعودية من الحوثيين هو إجرام موصوف ينتهك كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية».

واعتبر «تيار المستقبل» بقيادة الرئيس سعد الحريري، أن «التمادي الإيراني بتنفيذ الأعمال الإجرامية يتجاوز استهداف المملكة إلى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي، والاعتداء الجبان على كل العرب، الذين ضاقوا ذرعاً من أذرعة إيران التخريبية، ويقفون مع مملكة الحزم صفاً واحداً في مواجهتها والتصدي لها، مهما بلغت التحديات والتضحيات».

السابق
لبنان يحضر في الدوحة عشية «عودة الخليج»
التالي
العلاقة السعودية-اللبنانية من «إعلان جدة» إلى الادعاء على جعجع!