عبد اللهيان يفك «شيفرة» إتفاق فيينا.. إنسحاب من سوريا مقابل «إنتداب» لبنان!

علي الامين
تأتي زيارة وزير الخارجية الإيرانية الى بيروت امير عبد اللهيان الى دمشق وبيروت، إيذانا بانطلاق مرحلة سياسية جديدة على صعيد الاذرع الإيرانية في المنطقة،ض مرحلة تفرضها مقدمات الاتفاق المزمع توقيعه في فيينا بين ايران، والدول المعنية بالملف النووي الإيراني.

ينطوي الاتفاق النووي، الذي بات توقيعه شبه مؤكد، على جملة تفاهمات إيرانية أميركية، كان من تجلياتها الأخيرة رفع اسم جهاز الحرس الثوري الإيراني عن لائحة العقوبات الأميركية، وهو بحسب مصادر خاصة مطلعة، “يشكل احد عناوين التفاوض، الذي أتاح انتقال المقايضة من الدائرة النووية المباشرة الى الملف الإقليمي، بحيث جاء القرار الأميركي بنزع العقوبات هذه، في مقابل تعهد إيراني باستكمال سحب المجموعات العسكرية الإيرانية والاذرع التابعة لها من سوريا، بما فيها انسحاب مجموعات “حزب الله” العسكرية من سوريا”.

أي اتفاق على مستقبل نظام الأسد، ولا أي رسالة تنطوي على وعد بتعليق العقوبات

وجاءت زيارة عبد اللهيان الى دمشق، ولقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد أيام قليلة على قيام الأخير، بزيارة أولى الى الامارات العربية المتحدة، بعد اندلاع الثورة السورية، والتي ما كانت لتتم لولا تيقن الأسد، من اقتراب الاتفاق بين طهران وواشنطن في فيينا، فالاسد يدرك أن هذا الاتفاق له انعكاسات إقليمية، تفرض عليه التقدم ولو خطوات قليلة نحو المحور الخليجي، ومن البوابة المفتوحة، أي دولة الامارات، خطوات يفترض انها توفر له شيئاً من التوازن، من دون ان يعني ذلك أي قطيعة مع ايران أو تبني خليجي له، بل محاولة مدّ خطوط سياسية عربية وأخرى مع إسرائيل، أي الدول القلقة من اتفاق فيينا، خصوصا أن التفاهم الإيراني الأميركي، لم يتطرق الى أي اتفاق على مستقبل نظام الأسد، ولا أي رسالة تنطوي على وعد بتعليق العقوبات على شخصه او نظامه، ولا إشارة على رفع العقوبات الأميركية عن الميليشيات المؤيدة لإيران في المنطقة.

انطلاقا مما تقدم، فان ايران، ربما اطلقت صفارة بدء عملية استثمار، نفوذها العسكري في المنطقة اقتصادياً، وهو ما جدد تأكيده عبداللهيان في دمشق،حول استعداد ايران المساهمة في إعادة اعمار سوريا. وبحسب المعلومات الخاصة، فان “ايران لن تقف حجر عثرة، في طريق أي خطوة سورية باتجاه السلام مع إسرائيل، اذا ما أدى ذلك الى إستعادة هضبة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي، ومن دون ان تتخلى ايران عن العلاقة الوثيقة مع نظام الأسد، بل هي معنية بالمشاركة في إعادة الاعمار والاستثمار في هذا البلد، خصوصا ان اتفاقات وعقوداً اقتصادية وديون طويلة الأجل، جرى توقيعها مع الدولة السورية، فضلا عن عمليات التملك الضخمة التي قامت بها ايران في سوريا، لآلاف العقارات والمؤسسات، سواء في دمشق ومحيطها وفي مختلف الأراضي السورية، توفر، بحسب المراقبين، أرضية للنفوذ تساهم في تخفيف خسائر الانسحاب العسكري الإيراني، وتعوّض بعضه.

المستجد اليوم أن “حزب الله”، بات أمام مرحلة هضم هذا القرار، عبر استثماره لبنانيا، أي كيفية تسييل دوره الإقليمي

في المقابل، يدرك “حزب الله”، ان ساعة العودة من الاقليم الى لبنان، قد أزفت بقرار إيراني، والعودة العسكرية لا تعني بالضرورة، انها ستتم في الغد القريب، ولكن قرار العودة اتخذ، وهو ان تمّ جزء منه في السنوات السابقة، من خلال تخفيف الوجود العسكري في العديد من المناطق السورية، ليتركز اليوم في دمشق وريفها وفي القلمون السوري، وبعض النقاط العسكرية في حلب وقرب الحدود السورية مع العراق، الا أنّ المستجد اليوم أن “حزب الله”، بات أمام مرحلة هضم هذا القرار، عبر استثماره لبنانيا، أي كيفية تسييل دوره الإقليمي، في ترسيخ معادلة دستورية جديدة للنظام اللبناني، تتيح له التباهي بتحقيق انتصار في المعادلة الداخلية، إمّا من خلال إعادة توزيع الحصص الطائفية مجددا بأرجحية شيعية، أو عبر قيام مؤتمر وطني جديد، يعيد صياغة النظام على قواعد جديدة، يرتئيها “حزب الله” وكل حلفائه.

عودة “حزب الله” الى الداخل اللبناني قرار إيراني كما بات معروفاً، تفرضه الحسابات الإيرانية الجديدة، ومقتضيات الاتفاق النووي وتفاهماته الإقليمية غير المعلنة، وعبد اللهيان الذي عرف لبنان جيدا، ومن أكثر الشخصيات الإيرانية الرسمية التي زارته، ونقلت رسائل التصعيد والتهدئة في العقد الأخير، هو أيضا من الشخصيات الرسمية الموثوقة من قبل “الحرس الثوري”، لذا هو لا يعبر مطلقا عن هامش خاص أو ملتبس، يتيح التشكيك بما يحمله الى قيادة حزب الله، هو لا يحمل رسالة صادمة ولن يدير ظهره للحزب، ولكن يعطي إشارة لقيادته، بضرورة ترجمة قوته ونفوذه في المعادلة السياسية الداخلية، من خلال الآليات الدستورية، وهو سيشدّ على ايدي مسؤولي الحزب، لتشجيعهم على استثمار العملية الانتخابية، لاستكمال توفير أرضية التغيير لصالحه.

هذه العودة، وان كانت تتم في ظل سيطرة شبه كاملة لحزب الله على الدولة، الا أنها تضعه أمام امتحان

علما أن هذه العودة، وان كانت تتم في ظل سيطرة شبه كاملة لحزب الله على الدولة، الا أنها تضعه أمام امتحان، وربما أمام فخّ جديد، يتمثل باغراء ابتلاع لبنان بكل ما فيه من أزمات كبرى، أو البقاء متفرجا على نهاية الكيان، بكل ما يعنيه ذلك من فتح الأبواب امام المجهول، وابرز احتمالاته الحرب. 

وليس بعيداً عن ذلك، ربما يشهد لبنان خطوات متقدمة في ملف ترسيم الحدود، اذ رغم المواقف الأخيرة لقيادات ‘حزب الله”، عن التهاون الرسمي اللبناني، في الدفاع عن الحقوق على الحدود البحرية، الا أن المصادر المعنية والمتابعة لهذا الملف في لبنان، لاتزال ترى “أن مواقف الحزب في هذا الشأن لم تحدد ما هي الحقوق، بما يدل انها لا تزال تراهن على الجهد الأمريكي، لايجاد تسوية طالما انها لم تحدد موقفا غير ملتبس، ولا زال “حزب الله” يتحاشى تبني الخط 29″.

السابق
بالفيديو: الصقيع ينكب «طريق النحل» جنوباً.. ويقضي على نصف القفار!
التالي
دعوة إيرانية من لبنان الى السعودية.. للتحرك خدمةً للمنطقة!؟