علي الوردي في الخرطوم

علي الوردي

شهدت الخرطوم تظاهرة أكاديمية كبرى تحت عنوان “العلوم الإجتماعية ودورها في بناء الأمم ونهضتها” وهو مؤتمر دولي محكّم نظّمته “جامعة المغتربين” في الخرطوم والتأم في قاعة مؤسسة الزكاة وبرعاية وزارتي التنمية الإجتماعية والتعليم العالي، وقد شارك المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان في إلقاء البحث الإفتتاحي واختار العلّامة الكبير علي الوردي أنموذجاً.

وقد خصصت هذه الجلسة الافتتاحية للحديث عن منهج الوردي ومنظومته الإستدلالية التي تقوم على ثلاث أركان: أولهاالصراع بين البداوة والحضارة؛ وثانيهاالتناشز الإجتماعي؛ وثالثهاإزدواجية الشخصية العراقية، والشخصية العربية عموماً. وجرى تسليط الضوء على الخطاب التنويري الجدلي التساؤلي الذي امتاز به الوردي منطلقاً من الشك والفرضيات إلى العقل، كما تناول شعبان الروافد الروحية والفكرية للوردي وتنشئته الدينية مشيراً إلى جغرافية المنطقة والجسر الفاصل أو الموصل بين الكاظمية والأعظمية وتسميته بجسر الأئمة، حيث يلتقي عبر ضفتي النهر الإمام موسى الكاظم بالإمام أبو حنيفة النعمان.

اقرأ أيضاً: محمد حسن الأمين عمامة وعلماني

وجاء شعبان على تأثًره الوردي بعلماء مثل ابن خلدون في فقه المنطق الأرسطي وسيجموند فرويد في اللّاشعور وكارل مانهايم في نسبية المعرفة.

 واعتبر شعبان أن علي الوردي هو مؤسس علم الإجتماع المعاصر استناداً إلى استشرافاته التاريخية من خلال منهجه الأنثروبولوجي مشيداً بكتابه الموسوعي أو موسوعته السسيولوجية “لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث”.

 وقال الأكاديمي شعبان كم كان يتمنّى لو تمكّن الوردي من إنجاز أو بلورة أفكار حول نظرية الدولة، علماً بأنه اعتبر نظرية العقد الإجتماعي التي قال بها جان جاك روسو لا تصلح للعرب، فالسياسة مغالبة وليست اتفاقاً أو عقداً حسب وجهة نظره. واختتم البحث الذي قدّمه وأثار نقاشاً وجدلاً واسعاً استمرّ ما بعد المؤتمر بالقول لم يكن الوردي مؤدلجاً أو داعية سياسية، وإذا كان قد قارب السياسة فمن زاوية الفكر واعتبره من الرعيل الانتحاري في بحثه عن الحقيقة متجاوزاً الإستقطابات الطائفية والتمترسات الحزبية والسياسية.

جدير بالذكر أن المفكّر شعبان حلّ ضيفاً على السودان وقدّم عدداً من المحاضرات في عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث في أسبوع دراسي كأستاذ زائر، منها: محاضرته في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عن “العنف واللّاعنف من منظور سسيوثقافي في مرحلة الإنتقال”، وذلك بدعوة من مركز الدراسات المستقبلية وعمادة البحث العلمي (كلية الموسيقى والمسرح وكلية الفنون الجميلة التطبيقية).

كما ألقى محاضرة في جامعة الأحفاد للبنات في أم درمان بعنوان “الجندر والجندرية ودور المرأة في صنع السلام وإدامته في مرحلة ما بعد النزاعات”.

 كما لبّى دعوة المجلس القومي لرعاية الطفولة التابع إلى (رئاسة الوزراء – وزارة التنمية الإجتماعية) بإلقاء محاضرة في المجلس بعنوان “الطفولة والتنمية – مقاربة لإتفاقية حقوق الطفل الدولية” سلّط فيه الضوء على الطفولة المعذّبة والمنسية في زمن الأزمات والكوارث.

واختتم شعبان أسبوعه الدراسي بلقاء الدكتور كمال الميرغني أمين عام مركز عبد الكريم الميرغني الثقافي. وتبادلا وجهات النظر وسبل التعاون، لاسيّما بنشر ثقافة اللّاعنف وتنمية الحوار السلمي المدني.

السابق
في اليوم الثاني على إضراب المصارف.. الدولار يُحلق فوق الـ٢٤ الفاً!
التالي
«إتفاق الإطار» كما «17 أيار»: وُلِدَ ميتاً