السنيورة على حق

يخوض الرئيس فؤاد السنيورة، تجربة  لم يسبق لها مثيل في حياته السياسية، منذ ان دخل معتركها من بابها الوزاري الى جانب الرئيس رفيق الحريري في حكوماته بدءا من التسعينيات في القرن الماضي، وصولا الى رئاسة الحكومة بعد إستشهاد الرئيس الحريري عام 2005. وهو لا يزال الى اليوم على المسرح السياسي، عاملا على جمع رؤساء الحكومات السابقين، الى جانب رئيسيّ الجمهورية السابقيّن أمين الجميل وميشال سليمان ، في مسعى للاستثمار في هؤلاء الرؤساء وطنيا في أدق مراحل هذا الوطن.

اليوم، ومنذ ان قرر السنيورة حمل مشعل العمل الوطني، بعدما قرر الرئيس سعد الحريري تعليق حمله في كانون الثاني الماضي، دخل حقل ألغام متعدد الأنواع، وأخطرها الغام ذوي القربى ، أي تيار “المستقبل” الذي يجري الاستثمار في غضبه نتيجة تنحي زعيمه عن الانتخابات النيابية المقبلة، كي يتم توجيه هذا الغضب، نحو كل الذين يعلمون على مستوى الطائفة السنيّة ، والذين قرورا مواصلة المشوار السياسي الذي مشاه الحريري الابن منذ العام 2005.

اقرأ أيضاً: كيف تربح الثورة الانتخابات؟

لا داعي للتوضيح، أن هناك من بين المستثمرين في غضب أنصار الحريري، من هم أصلا من تسببوا بإبتعاده عن العمل السياسي، وفي مقدمهم شركائه في التسوية الرئاسية المشؤومة التي أوصلت رئيس “التيار الوطني الحر” الجنرال ميشال عون الى قصر بعبدا عام 2016. وبالمناسبة، لم يمتلك أحد شجاعة وبعد رؤية كالتي إمتلكهما السنيورة لمواجهة هذه التسوية، فلم يكتف بمجاهرته في الاعتراض عليها ، بل نزل بنفسه الى بيت الوسط في اليوم الذي عقد الحريري مؤتمره الصحافي للإعلان عن قرار ترشيحه للجنرال لرئاسة الجمهورية، فعقد مؤتمرا صحافيا موازيا في حديقة بيت الوسط للإعلان عن رفضه لترشيح عون ومحذرا من مغبة هذه الخطوة.

هل يستطيع أحد اليوم القول أن السنيورة لم يكن على حق في إعتراضه على ترشيح عون للرئاسة الأولى؟

بالطبع لم يكن الحريري وحده المسؤول عن وصول عون الى قصر بعبدا، لكنه كان المعبر الرئيسي لوصول حليف “حزب الله” الى أرفع منصب في الدولة اللبنانية. وبلا تردد يمكن القول ، وبكل ثقة ، أنه لولا تأييد الحريري للجنرال ، لربما تفادى لبنان هذا الانهيار غير المسبوق في تاريخه. ولعل بقاء لبنان من دون رئيس للجمهورية، مهما طال الوقت، لكان أهون بكثير من وصول الجنرال الذي له سجل حافل بالتدمير سواء في بيئته المسيحية، أو في بيئته الوطنية. وها هو يصل الى نهاية عهده وقد صار لبنان في  الجحيم الذي بشرنا به .

هل هي مجازفة، أن يقرر السنيورة اليوم الذهاب الى الاستحقاق الانتخابي على قاعدة عمل جماعي، كما فعل منذ ان جرى إقصاء الحريري عن رئاسة الحكومة عام 2011 ، على يد تحالف فريق 8 آذار بالتكافل والتضامن مع التيار العوني، كي يبقي منصة العمل الوطني جاهزة لعودة الحريري الى المسرح السياسي متى قرر ذلك؟

هي مجازفة فعلا، لكن تستحق أن تخاض من اجل لبنان الذي إستشهد من اجله رفيق الحريري.

السابق
كيف تربح الثورة الانتخابات؟
التالي
ميقاتي والسنيورة يرعيان تشكيل اللوائح في الدوائر ذات الثقل السني