السنوية الثانية لاغتيال سليماني تنهي حلم المشروع الإمبراطوري الممانع !

قاسم سليماني
يجمع الباحثون المهتمون في شأن النزاع الايراني الاميركي المستعر في المنطقة، ان اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني على يد الاميركيين، قلب الموازين وعكس اتجاه المشروع الممانع من الهجوم الى الدفاع، وذلك مع التغيير الجذري الذي حدث في السلطة بالعراق وبدأ يمتدّ باتجاه سوريا ولبنان.

لم تشأ تنظيمات الحشد الشعبي العراقي التابعة لإيران، ان تمرّ الذكرى الثانية لاغتيال قائد فيلق القدس دون جلبة، ولو على شكل فقاعات صوتية، اشبه باحتفال العاب نارية لرفع معنويات تنظيمات الحشد، التي ما زالت تشعر باليتم بعد عامين من خسارة قائديها، مؤسسها الجنرال الايراني المهيب سليماني ونائبه العراقي ابو مهدي المهندس، بضربة جوية اميركية وقعت في حرم مطار بغداد.  

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: قبر سليماني «ينتخب» الرئيس «رئيسي»!

 فقد أكد مسؤول في التحالف الدولي لوكالة “فرنس برس”، تعرض مطار بغداد حيث توجد قاعدة عسكرية عراقية تضم عددا من القوات الاستشارية التابعة للتحالف، إلى هجوم “بطائرتين مسيرتين مفخختين نحو الساعة 04:30 فجر اليوم الاثنين”.وأشار المصدر إلى أنه “تم إسقاط الطائرتين وأن الهجوم لم يسفر عن أضرار”، فيما أظهرت صور للتحالف بقايا من الطائرتين كتب عليها “عمليات ثأر القادة”، بحسب “فرانس برس”.   

وكان أعلن البنتاغون قبل عامين في 3/1/2020 أنه نفذ عملية ناجحة لاغتياله، بتوجيه من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.وجاء اغتياله بعد تصعيد حاد بين الولايات المتحدة من جهة، وإيران والفصائل المدعومة من قِبلها في العراق من جهة أخرى. في أعقاب مقتل مقاول عسكري أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في العراق، حمَّلت الولايات المتحدة إيران المسؤولية عنه.وردَّت الولايات المتحدة بهجوم جوي على فصائل حزب الله العراقي المدعومة من إيران، وهاجم أنصار الحزب السفارة الأمريكية في بغداد، على إثره.  

الرضوخ والعودة لتفاهم 2003 

وفيما توقع المراقبون ان تشتعل بغداد حينها ردا على عملية الاغتيال، وان يهاجم الحشد الشعبي السفارة الاميركية، او القاعدة العراقية – الاميركية الموجودة في حرم المطار والمتهمة انها اعطت الاحداثيات ووجهت الطائرة المسيرة الاميركية فقصفت موكب سليماني والمهندس الذي كان يبعد مئات الامتار فقط عن القاعدة المذكورة، فان المفاجأة كانت ان حرس الثورة الايراني اكتفى بالاعلان عن نيته بالرد عبر اطلاق عشرات الصواريخ “أرض أرض” على قاعدتي عين الأسد والتاجي في العراق، فاسحا المجال للجنود الاميركيين بالاختباء او الخروج من القاعدتين المستهدفتين، فلا تتسبب تلك الصواريخ بخسائر في الارواح، وهو ما حدث وتمّ بعد ساعات، فانتهت عملية الانتقام بردا وسلاما!  

«محور الممانعة»..من الهجوم الى الدفاع

وتسارعت الاحداث بعدها في العراق ايجابا فاستقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي المقرب من ايران، اثر احتجاجات شعبية عنيفة سقط بنتيجتها شهداء من الناشطين والثوار السلميين، ليحلّ مكانه مصطفى الكاظمي الوسطي  في أيار 2020، واستعاد عدد من الجنرالات العراقيين مناصبهم، وكان ساهم سليماني باقصائهم وتعيين ضباط مقربين من انصاره في الحشد الشعبي بتلك المناصب.  

وقد فسّر محللون تلك التغييرات الجذرية والتراجع الايراني المفاجىء بعد اغتيال سليماني، بانها عودة من قبل ايران لتفاهم 2003 مع اميركا، وهو تاريخ دخول قوات التحالف الغربي الى العراق والقضاء على نظام صدام حسين، حينها اعطت واشنطن الضوء الاخضر للايرانيين، كي يرسلوا كتائب منظمة بدر العراقية الموجودة في ايران بقيادة هادي العامري، للدخول وحفظ أمن المدن الشيعية في جنوب العراق، وذلك في شراكة غير معلنة تعترف فيها اميركا بوصاية ايرانية على شيعة العراق، مقابل عدم التعرض لمصالح الولايات المتحدة، وبعد اغتيال سليماني يبدو ان ايران ادركت بعد فوات الاوان، مخاطر تخطي الخطوط الحمر الاميركية والاضرار بمصالحها في العراق، فارادت الاستدراك والعودة لهذا التفاهم، الذي كان سليماني بصدد الغائه لزوم تطوير مشروعه الاستراتيجي الممانع في المنطقة، الذي عُرف لاحقا باسم الهلال الشيعي، وكان يفترض ان يمتد من ايران الى لبنان.

محاصرة حزب الله والنظام السوري 

رغم سيطرة حزب الله على لبنان سياسيا وعسكريا وامنيا، فان الحزب ومنذ عامين يواجه حصارا اقتصاديا دوليا بقيادة اميركا، ويخوض حربا دفاعية بمواجهة ضغوطات داخلية وخارجية، لتطبيق القرارات الدولية في لبنان وتسليم سلاحه لانهاء حالة الفوضى واستخدام لبنان ساحة صراع مع الغرب، وكذلك من اجل فك ارتباطه مع النظام السوري، خصوصا مع تسريب بعض المعلومات في الأيام القليلة الفائتة، نقلاً عن دبلوماسيين غربيين في لبنان مفادها “أن المعركة السياسية – الأمنية الراهنة التي يقودها حلفاء واشنطن في المنطقة تهدف الى منع تموضع إيران وحزب الله في سورية، والعمل على اخراجهما من الأراضي السورية.  

ووفقا لتلك المعلومات، فان العمل في العام المقبل سيتركز عبر هؤلاء “الحلفاء” في الخليج على «ابعاد» قوى الممانعة عن سورية، على ان توضع آليات رقابة وإشراف على المعابر والحدود، وخصوصا الحدود اللبنانية الشرقية بحيث «يقطع» «شريان الحياة» عن حزب الله، ودائماً بحسب المعلومات الدبلوماسية عينها.  

يواجه حزب الله حصارا اميركيا وضغوطات داخلية و خارجية

ومن اجل تفادي الغارات الاسرائيلية على مواقعه، جمع حزب الله الجزء الأكبر من عناصره وآلياتهم في منطقة القصير بريف حمص، الحدودية مع لبنان، وأبقى على بعض المجموعات بالقرب من الحدود العراقية.  

ومما تقدم يمكن الاستنتاج بالنهاية، ان اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني أنهى حلم المشروع الامبرطوري الممانع غير الواقعي، الذي كاد ان يدمر المنطقة، وقد اعترف احد السياسيين  في مجلس خاص، وهو من رجال الدين الشيعة العراقيين الذين كانوا يعملون مع الجنرال سليماني “بالخطأ الفادح الذي ارتكبناه” كما قال، وتابع “في السنوات الاخيرة تصرفنا وكأن الاميركيين غير موجودين في العراق فدفعنا الثمن غاليا”! 

السابق
بالصور: «آيفون» زينب قاسم سليماني الأميركا يُحرجها.. ويُمطرها بالانتقادات
التالي
مضادات الإكتئاب الطبيعية وفاعليتها