حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: «حلال» رئيسي..«حرام» روحاني!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

الترحيب الذي رافق اولى جلستي الجولة السابعة، من المفاوضات بين ايران ومجموعة دول 4+1 وامريكا، التي تستضيفها العاصمة السويسرية فيينا في اطار مساعي اعادة احياء الاتفاق النووي لعام 2015، جاء نتيجة الاجواء الايجابية التي اشاعها وحرص على ايصالها جميع الاطراف المشاركة، خصوصا بعد الاتفاق على استئناف التفاوض من النقطة التي انتهى اليها، قبل خمسة اشهر في الجولات الست التي قادها عن الجانب الايراني، مساعد وزير الخارجية (الاسبقين) عباس عراقتشي، وتم التوصل فيها الى حسم الجدل حول 90 في المئة من المسائل والبنود الخلافية بين ايران والمجموعة الدولية.

وقال عراقتشي ان المفاوضات انتقلت الى المرحلة الاكثر حساسية، والمتعلقة بالمسائل المتبقية التي تشكل العشرة في المئة الاخيرة، قبل اعادة تفعيل الاتفاق من جديد.

اللافت في موقف الفريق المفاوض الايراني، بقيادة المساعد السياسي لوزير الخارجية علي باقري كني، وكل الجهاز السياسي والاعلامي المساند والداعم له في طهران، اعتبار هذه الخطوة بمثابة انجاز، استطاع المفاوض الايراني انتزاعه من دول المجموعة، واجبارها على القبول بالشروط الايرانية الى هذه المرحلة.

المسار الذي اخذته الجولة السابعة من التفاوض يحمل على الاعتقاد بان الازمة لا تذهب باتجاه الحسم السريع وان التفاوض بحاجة الى جولات جديدة

وهو موقف يطرح الكثير من الاسئلة، لعل في مقدمتها “هل الحرام في عهد حسن روحاني، بات حلالا في عهد رئيسي”، وهل ما تحقق في الجولات السابقة مع فريق محمد جواد ظريف، كان خيانة يصر البعض في قوى النظام والتيار المحافظ، على محاكمة ظريف بتهمة التفريط بالمصالح القومية لايران، وتغليب الخط الليبرالي والمسلوب الارادة والمستلب امام الامريكي والفكر الغربي، ولم يتورع البعض منهم بالمطالبة بمحاكمته بتهمة الخيانة، وتباهى رئيس لجنة الامن القومي والسياسية الخارجية في البرلمان السابق مجتبى ذو النوري ذات يوم، بان هجومه على ظريف في جلسة الاستجواب، كادت تؤدي الى اصابته بنوبة قلبية. 

الحسم والاعلان عن اتفاق بين ايران والمجموعة الدولية وعودة واشنطن بكامل عضويتها في عمل هذه المجموعة لن يكون في المدى المنظور

الفرق بين المفاوضات في عهد روحاني، والمفاوضات الحالية في عهد رئيسي، ان الفريق التفاوضي الجديد يحظى بالدعم الكامل، من قوى السلطة والتيار المحافظ والفريق المرشد الاعلى، على العكس من الفريق السابق الذي كان دائما موضع تشكيك واتهام بالعجز والتفريط بالحقوق الايرانية، وان الاتفاق الذي عقده مع المجموعة الدولية، حرم ايران الكثير من حقوقها النووية. 

ومن دون اي تعديل، رفع المفاوض الايراني الجديد شعارا واضحا، عما تمسك به الوزير السابق ظريف وفريقه، اي الرفع الكامل للعقوبات، واعلان واشنطن التراجع عن كل الخطوات العقابية التي لجأت اليها بعد الانسحاب من الاتفاق عام 2018، وبعدها العودة الى الاتفاق، على ان تترك مسألة البحث في المسائل العالقة في تطبيق بنود الاتفاق، والتواريخ المدرجة فيه حول حظر الاسلحة، وتطوير الانشطة النووية للجنة المشتركة العليا لمتابعة تطبيق الاتفاق.

ما يعني ان جرعة التفاؤل التي ضختها جلسات الحوار في اليومين الاولين، من الجولة السابعة في مسار جهود استئناف المفاوضات، عادت وتوقفت عند النقطة التي انتهت اليها الجولة السادسة مع عراقتشي، وان آليات التعامل مع هذه النقاط، قد تستغرق وقتا اطول مما ترغب به طهران وتريده واشنطن، خاصة وانه يتعلق بمسألة مستويات تخصيب اليورانيوم، ان كان عند 20 او 60 في المئة وآليات تخزينه واماكنه، فضلا عن حدود وضوابط عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنشآت، التي تدخل في برنامج المراقبة والتفتيش.

تمسك المفاوض الايراني برفض تعديل نصوص الاتفاق النووي هو استعادة للموقف الذي تمسك به الوزير السابق ظريف

ولعل التطور الذي دخل على مسار عمل هذه اللجنة، الورقة التي وضعها الوفد الايراني على طاولة اجتماعات هذه اللجنة، والتي تتضمن طلب طهران الحصول على آلية، تضمن عدم لجوء واشنطن في المستقبل الى تعطيل الاتفاق بالانسحاب منه، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب، كأحد الشروط التي تفتح الطريق امام بحث المسائل العالقة المتبقية، في العشرة بالمئة موضوع الجدل القائم حتى الان. 

إقرأ أيضاً: حزب الله «يُقايض» قرداحي بالبيطار..وترقب لـ«تقريش» السعودية للإستقالة!

المسار الذي اخذته الجولة السابعة من التفاوض، يحمل على الاعتقاد بان الازمة لا تذهب باتجاه الحسم السريع، وان التفاوض بحاجة الى جولات جديدة، ما يعني ان الحسم والاعلان عن اتفاق بين ايران والمجموعة الدولية، وعودة واشنطن بكامل عضويتها في عمل هذه المجموعة لن يكون في المدى المنظور، او في حدود التوقيتات التي وضعت، لانتهاء المفاوضات خلال الشهر الجاري كانون الاول 2021، وهي ستتمدد وتستمر في الاشهر الاولى من العام الجديد 2022.

وقد تستغرق الاشهر المتبقية من السنة الايرانية 1400، التي تنتهي في العشرين من اذار المقبل، مع الحرص الايراني على عدم تحويل هذا التمديد في الجلسات، الى استنزاف وتسويف لا تريده، وتتهم واشنطن بانها تسعى لذلك، وجعله ذريعة لحشد رأي عام دولي ضدها، والدفع باتجاه نقل الملف الى مجلس الامن الدولي، كمقدمة لاعادة تفعيل العقوبات الاممية.

الفرق بين المفاوضات في عهد روحاني والمفاوضات الحالية في عهد رئيسي ان الفريق التفاوضي الجديد يحظى بالدعم من فريق المرشد الاعلى

تمسك المفاوض الايراني برفض تعديل نصوص الاتفاق النووي، او اضافة اي اشارة تفتح الباب امام التزام ايراني، بالعودة الى مفاوضات من نوع اخر حول النفوذ الاقليمي والبرنامج الصاروخي، هو استعادة للموقف الذي تمسك به الوزير السابق ظريف، الذي اكد خلال مفاوضات فيينا بعد الانسحاب الامريكي، ومع وصول الرئيس جو بايدن الى البيت الابيض، ان المطلوب هو العودة الى الاتفاق من دون اي تعديل او اضافة كلمة واحدة، وان واشنطن التي انسحبت من طرف واحد، عليها انهاء جميع العقوبات التي عادت وفرضتها، مع تعديل جوهري منحته قيادة النظام ومؤسسة السلطة، بجناحيها السياسي والعسكري لوزير الخارجية الجديد حسين امير عبداللهيان، الاتي من الجناح المرجح لـ”الميدان” الذي ينتمي له على “الدبلوماسية”، بان يستخدم ما كان محرما على سلفه، وان يوجه رسالة واضحة تمثل “الجزرة الايرانية” للادارة الامريكية، باستعداد ايران للتعاون مستقبلا وبعد الانتهاء من العقوبات والاتفاق النووي، بالتعاون في القضايا الاقليمية والمساعدة في حل الازمات في المناطق، التي تشكل ساحات نفوذ لها في المنطقة. 

السابق
«أنت الغريب».. في رثاء الشهيد الشيخ راغب حرب
التالي
الأسد «يَطحن» الموالين لإيران و«حزب الله» داخل الجيش و«الدفاع الشعبي»!