نقطة ضوء في طريق مكافحة الفساد..

لبنان محاصر بالفاسدين

شاءَ القدر أن أكون من جيل نصيبه أن يقضي كل عمره ووقته في مكافحة فساد السلطة الحاكمة، وشاءت الصدفة أن أعطي حيزاً كبيراً من نشاطي في الشأن العام بهذا الصدد.

فقد احتمل اللبنانيون بأنّه بعد انتهاء الحرب الأهلية الداخلية فإن لبنان سينعم بالهدوء والرخاء، وستتحقّق العدالة الإجتماعية، وإلى ما هنالك من توقّعات مثالية؛ لكن الذي حصل أن استلمت طبقة فاسدة الحكم، منذ ما بعد الطائف، ولتاريخه، وتالياً فإن الحرب ما زالت، لكن بطابع مختلف، هي حرب أسلحتها: تدمير المؤسّسات، والمحاصصة بين المسؤولين، واحتكار التمثيل، ورفع منسوب النفس الطائفي، وسرقة المال العام، وتأسيس صناديق ومجالس لتوزيع السرقة بين أقطاب البلد بشكل متوازن.. حتى انكشفنا موخّراً حينما تم السطو على أموال المودعين بإشراف السلطة اللبنانية!! هذا ناهيك عن الكثير من الأعمال الإجرامية، وعن الاغتيالات التي أوْدَت بحياة نُخب وطنية نادرة، وبمعزل عن تهجير الشعب اللبناني للخارج، والقضاء على مستقبل من تبقّى في وطننا الحبيب..

كل ما مر كان السبب الجوهري الذي ألزمني مع بعض الزملاء، في “مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام” للسعي بكافة الطرق، لا سيّما منها القانونية، كي نبذل قصارى جهدنا في مُحاربة الفساد ميدانياً – إن صحّ التعبير – حيث اتّخذنا من المؤسسات القضائية منصّة لنا، ذلك أننا نؤمن بالمؤسسات، ونسعى لبناء وترسيخ دولة المؤسّسات والقانون، فكان أن قمنا بعدد من الجهود، التي يستحسن الإشارة المختصرة إليها، ومنها: تحرك لدى النيابة العامة المالية ضد المزوّرين ضمن برنامج الأمم المتحدة لتعليم اللاجئين في وزارة التربية.

مضافاً لشكوى ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرم النيل من مكانة الدولة المالية.

ومحاولة الحصول على معلومات عن لوائح مفصّلة عن كل الموظّفين والعاملين والمتعاقدين والمياومين في مجلس الجنوب.

كذلك تحرّكنا ضد مُحتكري مادّة المازوت والدواء وحليب الأطفال..

وعندما حصلت جريمة المرفأ تقدّمنا بشكوى ضد أفراد وأشخاص القانون الخاص وقادة الأجهزة الأمنية وعناصرها وإدارة وعناصر جهاز الجمارك ومسؤولي العنابر ورئيس وأعضاء إدارة مرفأ بيروت والموظفين في جميع الإدارات الرسمية ووزراء الاشغال العامة والنقل والدفاع والمالية والعدل ورؤساء الحكومات الحاليين والسابقين بجرم الإهمال الوظيفي والتسبّب بجنايات الموت والقتل والايذاء الجنائي والجنحي والتخريب والإرهاب والمس بالأمن القومي والاقتصادي للدولة.

وحاولنا متابعة المعلومات عن عدد اللقاحات COVID-19 المُسلّمة إلى الدولة من جميع المصادر وكمّية اللقاحات التي سُلِّمت إلى كل مركز من المراكز المُعتمدة للتلقيح، وجميع أسماء الأشخاص الذين تم تلقيحهم.

ولم ننس التقدم بدعوى ضدّ شركة “سوكلين” بجرم مخالفة قانون البيئة 2002/444 بجرم رمي النفايات الى جانب الأوتوستراد عند مدخل مدينة الناعمة بشكل غريب.

وغيرها الكثير.. ويبقى أن الواجب الوطني جعلني أتعرّض لكل ما أسلفت، حيث إن الكثيرين يسألون دائماً: ماذا أنجزت الثورة؟ ماذا فعل الثوار؟ هل لهذه الثورة من جدوى؟ وأخذ الكثيرون يشعرون باليأس والإحباط.

لكن يجب أن يبقى إيماننا بلبنان كبير، ويجب أن يكون إيماننا بشباب لبنان أكبر، وعلينا مسؤوليات جسام، والأجيال القادمة ستحاسبنا، وموعدنا صناديق الاقتراع في ربيع ٢٠٢٢، وساحات الثورة، ومستقبلنا سنصنعه بأيدينا وبإخلاصنا، وبمحبتنا لوطننا ولبعضنا.

السابق
بعد منافسة شرسة.. جو سلوم نقيباً للصيادلة!
التالي
سعر خيالي للزيت في لبنان.. كم بلغ؟