الانتخابات النيابية.. المغتربون يتحمسون والمقيمون يتفرجون!

قرع الطبول تحضيرا للإنتخابات النيابية المقبلة بدأ، والحماسة تزداد مع تسجيل عدد كبير من المغتربين، لأسمائهم للإقتراع في الانتخابات. قد لا يتمكنوا من إحداث فرق كبير لأسباب عدة، لكنهم بالتأكيد سيتسببون ب "الصداع السياسي" للطبقة السياسية، التي لطالما نامت على حرير بالنسبة للنتائج التي ستحققها في المجلس النيابي، وفي المشهد السياسي العام في البلد.

ليس من المبالغة القول، أن إرتفاع عدد المغتربين الراغبين في الاقتراع في الانتخابات النيابية للعام 2021 إلى244442 مغترب( بحسب الدولية للمعلومات)، في حين أن العدد في انتخابات 2018 لم يتجاوز 93 ألفا، شكلّ مفاجأة لجميع المعنيين بالانتخابات النيابية سواء الطبقة السياسية أو المعارضة، لما لهذا الرقم من دلالة ورمزية معنوية وسياسية وأيضا إنتخابية.

صحيح أن هذا العدد من المسجلين (إذا إقترعوا) لن يتمكنوا من إحداث إنقلاب كبير في المشهد السياسي اللبناني، أو في ميزان القوى السياسية، لكنه على الاقل يمكن أن يحدث فرقا وأن يشكل “صداعا” للطبقة السياسية التي لطالما كانت مطمئنة إلى تمثيلها، ونسبة إقتراعها وإمساكها بزمام الامور الانتخابية و المشهد السياسي الداخلي.

إذا أُجيز للمغتربين إنتخاب 6 نواب يمكن أن يتراجع بشكل كبير عدد المقترعين

بلغة الارقاع تحتل ساحل العاج صدارة الدول، التي شهدت أعلى رقم للمسجلين في القارة الأفريقية، بينما تحتل فرنسا الصدارة في أوروبا، في حين تحتل كندا الصدارة في أميركا الشمالية، والبرازيل في أميركا الجنوبية، ودولة الإمارات في آسيا. أما على المستوى الطائفي، فإن المسيحيين يشكلون أكثرية تصل إلى حدود 60 بالمئة من أصل المسجلين، بينما يسجل غياب الحضور الشيعي في بعض الدول، خصوصاً ​الدول العربية​ و​الولايات المتحدة​، بسبب القلق من أن يكون لذلك تداعيات على أوضاعهم في الاماكن التي يتواجدون فيها.

ومن المفيد التذكير أيضا أن نسبة إقتراع المسجلين من المغتربين ستتأثر بقرار المجلس الدستوري، المتعلق بالطعن المقدم إليه حول التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب مؤخرا، ومنها السجال الدستوري حول تصويت المغتربين، أي المقاعد مخصصة لهم، أو بحسب الدائرة التي ينتمي لها كل منهم في لبنان، لذلك من المفيد التفتيش عن دلالة هذا الرقم، من المغتربين الراغبين في الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، وتأثيرهم على النتائج.

نسبة من المغتربين تؤيد السلطة.. لكن هذا الرقم هو مصدر قلق

يشرح الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​ لـ”جنوبية” أنه”كان متوقعا إرتفاع عدد المغتربين الذين تسجلوا للمشاركة في الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، بحيث إرتفع العدد من 93 ألف مسجل (2018)إلى 244442 لبناني مغترب(2021)، أي ما يمثل 25 بالمئة من اللبنانيين الذين يحق لهم الانتخاب في الخارج”، معتبرا أنه “من المبكر الحديث عن تأثير هذا العدد على مجرى الانتخابات النيابية المقبلة لأسباب تقنية عدة، أولها يجب علينا إنتظار قرار المجلس الدستوري في الطعن المقدم إليه بشأن التعديلات، التي أقرها مجلس النواب على قانون الانتخاب، وعما إذا كان سيقبل بها؟ وهل سيسمح لهم بالانتخاب في الدوائر 15 أو بالدائرة 16 المستحدثة والتي تسمح للمغتربين إنتخاب ست نواب؟”.

شمس الدين لـ”جنوبية”: تسجيل 244 ألف مقترعا يعني أن هناك تغيرا جديدا

ويشير إلى أنه “في حال كان القرار بأنه يحق لهم إنتخاب 6 نواب، عندها يمكن أن يتراجع بشكل كبير عدد المقترعين”، لافتا إلى أنه “علينا أن ننتظر نسبة الاقتراع لوجوظ عقبتين تحول دون الاقتراع منها، الأولى بُعد المسافات بين مكان السكن ومكان الاقتراع، والثانية هي إلزامية أن يمتلك المقترع إما جواز سفر صالح أو هوية لبنانية جديدة، وفي حال لم يتوفر هذين المستندين، عندها قد لا يسمح للمسجل أن يقترع”.

يضيف:”علينا رصد أين تسجل هؤلاء المغتربين وفي أي دائرة؟ فإذا كانوا مسجلين في دائرة بأعداد كبيرة عندها يمكن أن يحدثوا تأثيرا، مع الاشارة أنه في قانون الانتخاب الحالي، يمكن للائحة أن تأخذ أصواتا إضافية ولكن لا تتغير حصتها من النواب، كما يمكن للائحة أن تخسر أصواتا ولا تتغير حصتها من النواب، لأنها سبق لها أن أخذت مقعدا أو أكثر لأنه كان لديها كسر إضافي، فإذا تراجع أعداد المقترعين أو زاد قد لا تخسر أعداد النواب على لائحتها”.

الاعداد قد تكون مؤثرة بحسب نسبة التصويت في لبنان.. فإذا كانت كبيرة فلن تؤثر كثيرا  

يرى شمس الدين أن “الاهم أنه بمجرد أن يتسجل 244 ألف مقترع فهذا يعني أن هناك تغيرا حصل، وهناك شيء ما جديد بالنسبة لغير المقيمين، كيف سيترجم؟

ويختم:”مع الاشارة أن من المغتربين في الخارج هناك من يؤيد السلطة، لكن هذا الرقم هو مصدر قلق وهناك عوامل أخرى تلعب دورها في الانتخابات”.

محمد شمس الدين

في ميزان السياسة يوافق سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة لـ”جنوبية” على أن “إرتفاع اعداد المسجلين من المغتربين للإقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، شكل مفاجأة وهي جاءت نتيجة جهود الشباب في العديد من البلدان”، لافتا إلى أن “عدد المهاجرين خلال العامين المنصرمين هو أكبر من أعداد المسجلين، كما يجب علينا أن ننتظر كيف سيقترع هؤلاء المغتربين لأن من بينهم مؤيدين للطبقة السياسية ( أفريقيا– الثنائي الشيعي)، أما في باقي البلدان فأغلبية المسجلين مؤيدين للمعارضة وخصوصا في أوروبا وفرنسا”.

طبارة لـ”جنوبية”: معظم اصوات المغتربين “مُعارضة” لكن تأثيرها ليس حاسما 

يضيف:”في البلدان العربية ينقسم المسجلون بين مؤيد للتيار الازرق وبين داعم للثورة، وفي كندا معظم المسجلين مؤيدين للمعارضة، وهذا ينطبق أيضا على الولايات المتحدة وأستراليا، والنظر على المشهد ككل نرى أن معظم المسجلين سيصوتون لصالح المعارضة، لكن هناك مؤيدين للسلطة ايضا”، معتبرا أن “هذه الاعداد قد تكون مؤثرة بحسب نسبة التصويت في لبنان، فإذا كانت كبيرة فهذا يعني أن إقتراع المغتربين لن يؤثر كثيرا على النتائج، ولو أن معظم الاصوات ستصب لصالح المعارضة، لكن تأثيرها ليس حاسما بل ستسجل خروقات وليس تغييرا جذريا في تمثيل المعارضة في المجلس النواب، و التأثير سيكون معنويا ولن تتغير كثيرا الاتجاهات السياسية الموجودة حاليا في المجلس”.

ويختم:”في حال تم تخصيص دائرة خاصة للمغتربين فستتراجع كثيرا نسبة الاقتراع، لأن حماسة المسجلين هي للمشاركة في إنتخاب كل النواب، علما أن لبنان بلد المفاجآت ولا نعلم كيف سيكون قرار المجلس الدستوري”.

رياض طبارة
السابق
في ذكرى الاستقلال: أي لبنان نريد؟
التالي
أدرعي يُعلق على احتفال اللبنانيين بالاستقلال.. ماذا قال عن «حزب الله»؟