الفتنة الدموية المتنقلة تحط في الطيونة بعد قبرشمون وخلدة.. ماذا بعد؟!

اشتباكات الطيونة
ماذا بعد هدر الدماء الذي حصل في الطيونة، ومن هو المسؤول الحقيقي عما حصل و كيف ستتم لملمته لاحقا، اسئلة برسم الطبقة السياسية التي تتعارك في ما بينها، لأن كل جهة تريد بسط سيطرتها ولو كان الثمن أرواح الابرياء، ويبدو أن الامور إلى مزيد من التصعيد بعد بيان الثنائي الشيعي الذي يتهم فيه القوات اللبنانية بالمسؤولية عن إطلاق النار.

ليس تفصيلا أن يسقط خمس ضحايا في منطقة الطيونة، بالإضافة إلى عشرات الجرحى بعد تبادل إطلاق النار الذي حصل بين الشياح وفرن الشباك وعين الرمانة، فما يجري اليوم يدل أن البلد برمته يقف على فوهة بركان، وإن كانت كل الطبقة السياسية ومنها الاطراف المشاركة في التظاهرة تحاول التصرف وكأنها تلملم الموضوع (بيان الثنائي الشيعي الداعي لضبط النفس ووأد الفتنة/ ثم البيان الذي حمل القوات اللبنانية مسؤولية إطلاق النار) علما أنها مشاركة في التسبب بما حصل من خلال التجييش الاعلامي والسياسي، الذي سبق يوم التظاهرة، والأنكى أن هذه الطبقة تتعارك في ما بينها في زمن الانهيار، من دون أن تلتفت إلى ما يعانيه المواطن من ويلات معيشية وخدماتية وصحية، وأنه لا يقوى على تأمين الحد الادنى للعيش الكريم لأطفاله، بل جل إهتمامهم هو “تكسير رؤوس” بعضهم البعض، وحتى طحن البلد بسبب إختلافهم على ملف أو تقاسم نفوذ.

هذا السيناريو الذي عاشه اللبنانيون اليوم في الطيونة، سبق أن عاشوه في حوادث سابقة، ولعل أقربها إلى ذاكرة اللبنانيين ما حصل في خلدة قبل أشهر قليلة وفي منطقة قبر شمون عام 2019، حيث تمّ شل البلد ومجلس الوزراء لمدة 40 يوما بسبب الحسابات الخاصة لهذه الطبقة السياسية، ولم يلتفتوا يومها إلى التحذيرات الدولية بأن البلد على حافة الإنهيار، إلى أن وقع البلد في المجهول والمحظور، واليوم تكرر هذه الطبقة عبر الثنائي الشيعي، في فرض ما تريده على القضاء وعلى اللبنانيين جميعا، حتى ولو كان الشعب اللبناني بأكمله يتضور جوعا.

إذا محاولة الثنائي الشيعي تنحية القاضي طارق البيطار عن ملف تحقيقات المرفأ تحت الضغط الشعبي وإيصال الرسائل السياسية إلى من يهمه الامر، من حلفاء وخصوم، كانت نتيجتها دموية للأسف، وأنتجت جرحا عميقا سيبقى ملتهبا، ولو تمت لملمته سريعا لأنه لن يتم علاجه وفق معايير الدولة والقانون، بل وفق منطق المزيد من الهيمنة وفرض الآراء على الاخرين و المحاصصة، وهذا ما يوافق عليه النائب السابق مروان حمادة الذي يشدد لـ”جنوبية” على أنه “وصلنا إلى المحظور وهو متوقع أصلا، كنتيجة حتمية لهيمنة البعض على السياسة والامن في لبنان، ورعاية المسؤول الاكبر لهبوط لبنان إلى الجحيم الذي وعدنا به”، مؤكدا أنه “يبقى الامل الاخير في وحدة الجيش وتماسكه ومنعه دون أي إنحياز من تدهور الامور”.

حمادة لـ”جنوبية”: وصلنا إلى المحظور وهو متوقع نتيجة لهيمنة البعض على السياسة والامن  

مروان حمادة
مروان حمادة

من جهته يسأل عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب وهبة قاطيشا عبر “جنوبية”: “من له مصلحة في توتير الأجواء غير الثنائي الشيعي، والدليل الاكبر أن أحد المتهمين في ملف المرفأ قال قبل يومين، أنه إذا لم تكف يد البيطار سيصار إلى تصعيد أكبر من سياسي بكثير”، معتبرا أن “هذا يعني أنهم من هددوا بالتصعيد، وللأسف أن المتظاهرين تواجدوا في منطقة حساسة وبدأ إطلاق النار والرد، ما أدى إلى وقوع ضحايا من الجانبين بسبب رفض الثنائي للعدالة الوطنية وما يريده الحزب هو عدالتهم الخاصة”.

قاطيشا لـ”جنوبية”: الثنائي له مصلحة في توتير الأجواء لإيقاف التحقيق العدلي

يضيف:”لا أعرف من بدأ بإطلاق النار لكن الثنائي له مصلحة في توتير الأجواء لإيقاف التحقيق العدلي، وفي لبنان من السهل إطلاق الشرارة الاولى”، لافتا إلى أن “ما حصل من هدر بالدم لا تأثير له على إكمال القاضي البيطار لمهمته، لأن إزاحته تعني إزاحة العدالة في لبنان وما سيطبق هو عدالة السلاح وعدالة حزب الله وهذا أمر لا يقبله كل اللبنانيين”.

ويرى أن “الامور صعبة لأن الثنائي مُصر على إزاحة البيطار لأنهم يخافون من الحقيقة، وهذا ما حصل سابقا ويمكن أن يحصل لاحقا، فإذا لم تظهر الحقيقة في ملف إنفجار المرفأ فعلى لبنان السلام”، مشيرا إلى أنه “شعبيا العلاقة مهزوزة بين التيار الوطني والثنائي، ولكن على صعيد القيادات فأعتقد أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل مستمرون في وضع أنفسهم رهينة في يد حزب الله وسيستمرون في المتاجرة بالرأي العام”.

وهبي قاطيشا

على ضفة الثنائي الشيعي يأسف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم عبر “جنوبية” أن “تصل الامور إلى هذه الدرجة من الدموية، وما حصل هو إعتداء ولا يمكن السكوت عنه، والمطلوب من الاجهزة الامنية والقضائية التحرك بشكل سريع لتحديد المسؤوليات، والجهات التي تقف وراء المجرمين الذين إنتهكوا المحرمات”، مشددا على أن “التحرك السلمي هو مصان وحق للجميع للتعبير عن رأيه، لكن أن تصل الامور إلى سفك الدماء، وتحويل التظاهرة السلمية إلى ساحة حرب فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن تبريره لأنه يهدد السلم الاهلي”.

هاشم لـ”جنوبية:” التحريض كان بالامس واضحا على مواجهة من سيتحرك اليوم

يرى هاشم “أن تحديد هوية الجهة السياسية التي وقفت وراء أطلقت النار، هو أمر ضروري قبل توجيه الاتهام، لكن التحريض كان بالأمس واضحا على مواجهة من سيتحرك اليوم، وهذا نوع من المسؤولية المعنوية وعلى المسؤولين أن يحددوا من هو الفاعل ومن حرض ودبر الجريمة”، مشددا على أن “لملمة ما حصل يبدأ بتحديد المسؤوليات وسرعة توقيف المرتكبين ومن يقف خلفهم، إلى أن تأخذ الامور مسارها الطبيعي لجهة إنزال العقوبات التي يستحقونها، لأن ما حصل هو إعتداء على الدولة اللبنانية وعلى كل مواطن،١ وليس فقط على الشهداء الذين سقطوا اليوم”.

السابق
«حزب الله» و«أمل» يتهمان «القوات» بعمليات القنص.. و«غرف سوداء» خلف العملية؟!
التالي
بعدسة «جنوبية»: هدوء حذّر يُخيم على الطيونة.. وخسائر في المباني والسيارات