علي الأمين: مسار حزب الله باستضعاف لبنان مستمر.. والرهان على الانتخابات القادمة!

علي الامين

في خضم التطورات السياسية التي يشهدها لبنان مؤخرا، بدءا من ستبحت الصهاريج الايرانية السيدة اللبنانية من جهة والتأليف الحكومي بعد فراغ عن حكومي دام أشهر، استضاف البرنامج السياسي الأسبوعي “بكل حرية”، رئيس تحرير موقع جنوبية الصحافي علي الأمين، عبر شاشة الفضائية السريانية Suroyo tv، مع الإعلامية رانيا زهرة شربل، في حلقة تحت عنوان “أهم التطورات اللبنانية والإقليمية”.

اقرا ايضا: فعلتها الطبقة السياسية.. القاضي البيطار يتبلّغ كفّ يده عن تحقيقات المرفأ!

وفي قراءة تحليلية حول دخول شحنة المحروقات الإيرانية التي دخلت إلى الأراضي اللبنانية،قال الأمين إنه “لا شك في أن الكل يعلم، أن إدخال النفط الإيراني إلى لبنان اتُّخذ منذ فترة، وأعلن أمين عام حزب الله، بشكل صريح وواضح ومستفزّ، أيضاً، وفيه شيء من التحدي، “بأننا سنأتي بالباخرة الإيرانية”، قِيلَ في حينه، إنه سيأتي بها إلى لبنان، رغم أنه لم يحدد بشكل دقيق، هذا الأمر. ولكن، في نهاية الأمر، وصلت (الباخرة) إلى سوريا، وتحدث السيد نصر الله عن عدة بواخر. وما أقوله إن هذا الأمر كان معلوماً، ومعلناً، ولم يصدر عن أي مسؤول لبناني، موقف، سوى ما قاله وزير الطاقة السابق ريمون غجر: “نحن لم نتلق أي طلب من أي جهة، لاستيراد النفط”. باعتبار أن أي عملية استيراد للنفط، أو للإتيان بالنفط للبنان، يجب أن تتم عبر وزارة الطاقة، ويجب أن يؤخذ الإذن. الإذن لم يؤخذ، أيضاً، كان هناك فرصة، حتى أقول إن القصد من هذه الباخرة هو فتح مشكلة. وكان ممكناً العمل كحكومة لبنانية، للقول: – مثلاً – إن الدولة الإيرانية ستقدم مساعدات أو ستعطي للبنان نفطاً بقيمة، مثلاً، بنصف السعر”.

وتابع ” لبنان، أو الحكومة اللبنانية، كانت قادرة على إيجاد استثناء، بمعنى، مثلما حصل في العراق، في العراق رأينا أن الدولة العراقية، استطاعت الحصول على إذن بأنها تستورد من إيران نفطاً، وهذا تم بالتنسيق مع الأميركان، وتم بشكل طبيعي، ولأسباب، لأن العراق لم يكن متوفراً عنده الغاز وما إلى ذلك. إذن لبنان، كان يمكنه القيام بهذه المهمة؛ أيضاً تقصَّد نصر الله أن تتم بشكل خارج عن القانون، وفيها شيء من التحدي، علماً أن الكميات التي يقال، إنها ستُجلب للبنان، هي كميات محدودة جداً، لا تحلّ المشكل، وبالتالي الهدف الأساسي منها، هو، فقط، القول: “إننا نحن، استطعنا جلب نفط إيراني إلى لبنان”. ليس أكثر من ذلك”.


وعن سبب التحدي، اليوم وسط كل هذه الانهيارات المتتالية في لبنان، أجاب الأمين “هذه حسابات إيرانية، لا علاقة للبنان بها.
اما عن الموقف الأميركي ، قال “قد يكون هناك نوعاً من غضّ نظر أميركي حصل بالسّماح، وقد يكون فخاً، لا نستطيع أن نقدّر إلى الآن، ولكن كيف يمكن أن تُستخدم عملية إدخال النفط إلى لبنان، لأن أيضاً هناك كلام الناطقة بإسم وزارة الخارجية الأميركية، أمس قالت: “إن إدخال النفط الإيراني إلى لبنان سيكون له أضرار على لبنان”. وبالتالي يمكن أن هذا الكلام يحمل نوعاً من التهويل، وممكن أن يحمل نوعاً من الإجراءات”.

وحول ما ان كانت لبنان أمام معادلة لإضعاف الدولة اللبنانية أو الدخول، ولنقل، في طور اللادولة، رأى ان “كل ما يجري هو من أجل إظهار الدولة اللبنانية، على أنها كائن هش، هيكل هش، شيء ضعيف، شيء غير قابل لأن يكون على مستوى المسؤولية. هذا مسار طويل، وهذا، دائماً شاهدنا أن له أسباباً متعددة، لكن، هناك سبب رئيسي، هو، دائماً حزب الله، منذ أن وُجِد في لبنان، على قاعدة أنه قوة مسلحة وعسكرية، كانت مصلحته الدائمة، أن يبرر وجود هذا السلاح. وأن يستمر في امتلاك هذا السلاح، والعمل من خلال هذا السلاح، بالقول: إن لبنان بلداً ضعيفاً، وبالتالي، ثمة حاجة دائمة ومستمرة إلى أن يكون هناك مقاومة، إلى أن يكون هناك طرف عنده سلاح. واستغل ذلك، حتى بعد تحرير الجنوب اللبناني عام 2000. إذ بقي متمسكاً بالسلاح، وتذرّع بمزارع شبعا التي لم يعد يأتي على ذكر سيرتها، ثم لاحقاً بقصّة الإرهاب، وإنه هو حمى لبنان من الإرهاب، وحمى المسيحيين و… ثم دخل إلى سوريا، ثم إلى اليمن، ثم ذهب إلى العراق. وكل هذا ضمن استراتيجية، لا علاقة للبنان بها، بقدر ما هو يُمثّل استراتيجية إيرانية، ونظام مصالح إيراني، كان ينفذ هذه المصالح، وكان يحاول أن يقنعنا بالقوة، أو يستغبي اللبنانيين بالقول: إن هذا العمل كله: قتاله في سوريا وقتاله في العراق وقتاله في اليمن، وحمله السلاح.. هو من أجل لبنان. لكن عملياً، نحن الذين شاهدنا هذا المسار الذي مشى فيه، على الأقل، منذ عشر سنوات إلى اليوم.
وتابع “فاليوم هناك حالة انهيار يشهدها لبنان: إما على المستوى الاقتصادي، إما على مستوى علاقته الدولية والعربية، إما على مستوى بنية الدولة وقدرتها، أيضاً نشعر بهشاشة الأجهزة الأمنية والمؤسسات التي بدأت تتحول، وكأنها أدوات، حتى تحت سيطرة حزب الله لم تعد لها الخصوصية أو الاستقلالية… وهذا خطر كبير على الدولة اللبنانية، لأننا نحن اليوم، أمام انهيار الدولة/ الكيان، يعني نحن أمام تحدٍ وجودي اليوم. تحد وجودي هو، هل يبقى لبنان أم لا يبقى؟”.
إلى هذا الحد نحن واصلون، وبالتالي، الرد على هذا التحدي، يجب أن يكون أيضاً، على المستوى نفسه، الذي يفترض تغييراً حقيقياً، يجب أن يحصل في لبنان”.


•وحول مقالة نشرت في موقع “جنوبية” تحت عنوان “الرئيس نجيب ميقاتي والحكومة “محاصران” بين كباش الرئيس ميشال عون، والرئيس نبيه بري، الكباش المستمر حتى نهاية العهد، وبين الرفض الخليجي والعرب له (لميقاتي) ولحكومته، اجاب الأمين
“يوجد مستويان للصراع السياسي في لبنان، المستوى الأول: هو مستوى السيطرة الكاملة، التي نحن نعتبر أن حزب الله هو المشكِّل هذه الخيمة وهذه المظلة المسيطرة على مفاصل السلطة في لبنان، تحت هذه المظلة يسمح حزب الله بهذه الصراعات التي رأيناها في عملية تشكيل الحكومة، التي استمرت لمدة سنة، وكل الكلام حول عملية تشكيل الحكومة، كان عن أن هذا يريد وزيراً وهذا يريد وزيرين… لكن جاءت الإشارة الخارجية من خلال اتصال الرئيس الفرنسي والرئيس الإيراني، فتشكّلت الحكومة، وبالتالي يوجد مستوى ثاني هو مستوى خلافات الرئيس بري مع الرئيس عون. الرئيس بري حليف حزب الله والرئيس عون حليف حزب الله، لكن بمكان معين، يسمح (حزب الله) بهذه الخلافات أي خلافات المحاصصة (ماذا لي، وماذا لك). والرئيس ميقاتي، يُصَوِّرُ، اليوم على أنه وسطيّ بين هؤلاء… بهذا المعنى يمكننا القول: إنه توجد هذه اللعبة الممجوجة، واللعبة السخيفة التي يلهوننا بها، لأن هذه السلطة فقدت كل قدرة على تحقيق شيء إيجابي للمجتمع وللدولة، لأن هذه السلطة، هي المنظومة التي اليوم تشكّلت من خلالها الحكومة، التي هي أقنعة لقوى سياسية”.


• وحول قدرة حكومة “معاً للإنقاذ” على هذا الأمر فعلا، قال الأمين “هذه الطبقة السياسية هي التي نهبت، وهي التي تحاصصت البلد، وهي التي رهاناتها على الخارج وهي… وبالتالي، هذه السلطة، لا نتوقع أنها تستطيع إنجاز شيء إيجابي للبلد أو يحمي البلد. فهذه الطبقة السياسية الخبيثة التي هي دائماً لا تعيش إلا على إثارة العصبيات: الادعاء بحماية حقوق الطائفة…”.


لكن هل حكومة ميقاتي أمام تحدي العُزلة، مع استمرار الصمت العربي والخليجي المطبق تجاه حكومة ميقاتي، قال “ببساطة، أنا لا أرى أن هناك فرصة لحكومة ميقاتي، لأن تلقى ترحيباً، وبالتحديد خليجياً، وحتى نكون واضحين أكثر، لن تلقى ترحيباً سعودياً وإماراتياً وكويتياً”.


وتابع “برأيي، يجب علينا عدم الوقوع في وهم تجاه حكومة ميقاتي. فإن الرئيس نجيب ميقاتي كان رئيساً للحكومة في فترة دخول حزب الله إلى سوريا، أي في الـ2011، وبقيت حكومته حتى الـ2013، وبالتالي كان، كل هذه المرحلة، (مرحلة الانقلاب على الانتخابات النيابية، التي – وقتها – تمت إقالة الحريري، حتى لا أقول استقالة الحريري)، كان ميقاتي ينفذ أجندة لها علاقة بكل هذه المنظومة الممانعة التي أوصلتنا إلى هنا”..
واشار الى انه “كمراقب ومتابع ليس عندي رهان على أن ميقاتي يحمل مشروعاً وفكرة جديدة مختلفة، أو أنه يمكن أن يخرج عن هذه المظلّة التي يمثّلها النظام السوري وحزب الله، حزب الله بدرجة أساسية. ربما يوجد هامش يستطيع (ميقاتي) أن يتحرك فيه، لكن هو ليس الشخصية المؤهلة أن تلعب دوراً لاستنقاذ لبنان من الوضع الذي هو فيه. أقصى ما يمكن أن يقدمه أو يقوم به ميقاتي، هو أن يستحضر بعض المساعدات الإغاثية. لأن هناك نقطة جوهرية: طالما أن هذا البلد: يعني هذه الدولة اللبنانية، ليس فيها سلطة، تكون هي مسيطرة على الحدود، وعلى المرافئ والمرافق، وهي التي تكون لها الكلمة الأولى في كل السياسات الخارجية والداخلية، فلا أرى أن هناك فرصة، فعلاً، للخروج من النفق. حزب الله يأخذ البلد كدولة من دول المحور الإيراني، ويلتزم بمتطلبات هذا المحور، ومعظم اللبنانيين ليسوا مرتاحين لهذا الأمر، لكن سطوة السلاح، اللبنانيون، حتى الآن، لا يستطيعون مواجهتها”.

فهل استسلم اللبنانيون؟
رأى الأمين انه “لم يستسلموا، فاللبنانيون، رغم كل شيء شعب حيّ، وليس عنده هذا التسليم والاستسلام، لا بل لديه إرادة دائمة، قد يبدو، أحياناً، لأن ثمة خفوت الحركة وخفوت الاعتراض، لكن حالة الرفض موجودة في المجتمع، ويجري التعبير عنها أحياناً بشكل قوي وعنيف. وأحياناً، لا يجري التعبير عنها لكنها ظاهرة وقائمة، وتعكس، فعلاً، رغم كل محاولات التيئيس التي تعمّ البلد، والتي لها أسباب ووقائع موضوعية، على مستوى الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي، وكل هذه الانهيارات، لكن بنفس الوقت، نلاحظ أن هناك إرادة، إرادة حقيقية للتغيير تُعبَّرُ عنها بأشكال مختلفة، أشكال عفوية، بمعنى أنها تعكس، فعلاً روحية لبنانية موجودة في كل المناطق، في كل الأماكن، في كل الساحات”.

ولفت الى ان “صورة لبنان هي نقيض لحزب الله، صورة لبنان التي هي في وعي كل مواطن لبناني، لبنان البلد الذي فيه حريات، والذي هو منارة المنطقة على مستوى الثقافة والإعلام، والذي هو مركز سياحي مهم على مستوى المنطقة؛ المركز المصرفي الأهم على مستوى المنطقة… كل هذه (العناصر) لا تعيش إلا بمناخ فيه انفتاح وحرية وتنوُّع، هذا النبض اللبناني، هو – تماماً – نقيض فكرة حزب الله، الذي لا يستطيع أن يتحمل الرأي الآخر، لا يستطيع أن يتحمّل، فعلاً، فكرة وجود قوى وتنوّع حقيقي، (وليس تنوّعاً شكلياً) لأن حزب الله يقول، نعم، يوجد تنوّع لكنه تنوع تحت سطوته” الممسك من خلالها هذا التنوع، فحزب الله واضع خطوطاً حمراء ممنوع على أي أحد أن يتجاوزها. وحزب الله عقلية أمنية عقلية أيديولوجية، وكل هذه العناصر، لا تتوافق مع فكرة لبنان، ولذلك عندما يقوى حزب الله، لبنان يُصاب بالضّمور، أي أن فكرة لبنان ودور لبنان يضمران، وعودة لبنان، لا شك ستترافق مع ضعف هذا المنطق (منطق حزب الله). أنا لست ضد أن حزب الله يجب أن يكون موجوداً، فحزب الله مثله مثل أي قوة سياسية، لكن ليس بالتصرّف بلبنان، على ذوقه هو: يستورد النفط، ويحارب في سورية وفي اليمن و… ويستبيح الحدود، وهو مسيطر على المرافئ اللبنانية… وكل هذا نقيض للحد الأدنى من شروط الدولة، ونقيض لفكرة لبنان التي هي فعلاً لا تتحمّل الأحادية، لبنان بلد متنوّع، لبنان علاقاته، تاريخياً، مع الغرب والشرق، مع كل الدول، علاقاته إيجابية، وليست علاقات قطيعةٍ، حسناً، “نحنا” أوصلنا لبنان، اليوم على صورة حزب الله: أعداء حزب الله هم أعداء لبنان، خصوم حزب الله هم خصوم لبنان، أصدقاء حزب الله، القلائل هم الذين بقوا أصدقاء لبنان، وبالتالي نحن، يبدو، إذا ما أكملنا هكذا، أي على هذا النحو، فهذا الكيان (اللبناني) غير قابل لأن يستمر، وبالتالي، فنحن أمام خيارات حقيقية وجودية، لا بد من اتخاذها: اللبنانيون معنيون بالدفاع عن بلدهم، عن فكرة لبنان، (وأكرّر) عن فكرة لبنان، عن هذا الوطن، عن هذه الأرض… إلخ؛ وحزب الله معنيٌّ بأن يتأقلم مع اللبنانيين، وليس على اللبنانيين أن يتأقلموا مع حزب الله”.


وحول جريمة انفجار مرفأ بيروت، قال الأمين: “نرى تواطوءاً حقيقياً حول محاصرة المحقق العدلي… وأن عدم المثول أمام المحقق العدلي هو جريمة أيضاً… وأن جريمة انفجار مرفأ بيروت، هي جريمة لا تخص أهالي الضحايا فحسب، بل هي تخص كل اللبنانيين، لأنها جريمة وطنية”.

وعن قدرة الانتخابات الميابية على التغيير، رأى الأمين، ان “التغيير حقيقي وسيحصل فلا شك في أن تغييراً سيحصل، إذا جرت الانتخابات وأصلاً نحن نعيش هذا التغيير، وبتقديري أن الانتخابات هي ستكون تعبيراً ما، ولكن في أشكال أخرى، ربما يشكل تغييراً، لاحقاً، لكن يوجد مسار تغيير. وأنا مقتنع أن هذا التغيير آت، والآن، الرهان أن يكون التغيير كبيراً. لكن أنا بتقديري، أن وجود (20%) في مجلس النواب، من خارج هذه المنظومة، هو تغيير نوعي وحقيقي، ويقلب لبنان من صورة إلى صورة. لأن هذه المنظومة لا تستطيع أن تحكم إلا إذا كانت قابضة على (100%) من السلطة. وإذا كانت تمسك بـ(90%) من السلطة ولم تمسك بالعشرة الباقية من المئة تنهار هذه المنظومة، إني أتمنى، بالتأكيد، أن توجد أكثرية التغيير ويجب أن يكون السعي لتحقيق هذا التغيير، لكن برأيي، أن مجرد حصول تغيير، ولو بنسب بسيطة هو سيحدث نقلات نوعية في الحياة السياسية اللبنانية”.


ونحن على مشارف موعد الثورة (17 تشرين)، هناك شيء يُعمل على تحضيره، اليوم، ما هو مطلوب من رجالات الثورة الحقيقيين، قال الأمين ” ما من شك في أن الثورة باقية، لأن هذه المنظومة باقية. يعني لم تتغير بعد، ما زالت هي تحكم، وما زالت تحكم بنفس العقلية، وهي تحكم بنفس العقلية لأنها ليس عندها قدرة أن تحكم بطريقة ثانية، فطبيعتها لا تسمح لها أن تحكم بطريقة مختلفة سوى: منطق المحاصصة والفساد”.
وتابع “هذا ما رأيناه بتشكيل الحكومة الحالية، وسنراه غداً في التعيينات، وفي الانتخابات النيابية، إذا ما حصل جدل حول قانون الانتخاب، نحن أمام انتفاضة (17 تشرين) سنكون في الذكرى السنوية الثانية لانطلاقة هذه الانتفاضة، والتي هي – برأيي – ما زالت مستمرة، ولم تتوقف. ثمة “تنازلات”، وثمة هبوط، وثمة صعود، أحياناً، هذا يحصل، وثمة عملية قمع، فلنلاحظ كيف تم التكالب على هذه الانتفاضة، كيف استثمرت الشعارات الطائفية والمذهبية من أجل قمع هذه الانتفاضة. كيف جرت محاولة شيطنتها، بأن هؤلاء الذين قاموا بها يتبعون إلى السفارات، وما إلى ذلك، علماً أنه من يحكي عن السفارات؟ إن من يحكون عن السفارات هم رجال السفارات، هم يتهمون الناس بأنها مجموعات السفارات، “ليش حزب الله مجموعة شو؟ مش مجموعة سفارات”؟ وهو ليس فقط مجموعة سفارات: بل سفارات وأجهزة أمنية وأجهزة مخابرات، وأجهزة كذا…، هو تابع، هو يتبع المنظومة الإيرانية ويفتخر بذلك، وليس حيِّياً بهذه القصة، بل هو يعلنها. لذا فليس له حق في أن يعيِّر الآخرين بأنهم لهم علاقات”.


وبين 17 تشرين وبين 7 أيار، رأى الأمين ان “هذا السلاح وظيفة اللبنانيين أن يُفقدوه وظيفته، وتابع “المشكلة أن حزب الله، عقد نوعاً من “ديل” (اتفاق) مع المجتمع الدولي، (وإذا بدِّك)، مع إسرائيل تحديداً. وقد لا يكون الأميركان بالتأكيد، بعيدين عن ذلك: أمَّن حدود إسرائيل، أوجد استقراراً على الحدود الإسرائيلية، مقابل أن يُعطى حرية استعمال السلاح أينما شاء. فلذلك استعمله في الداخل اللبناني، واستعمله في سورية، واستعمله في اليمن، واستعمله في العراق، وفي كل الدّول باستثناء ضرب إسرائيل. وبالتالي لبنان كان هو الذي يشكل المنافس لإسرائيل. وقوة لبنان أنه هو أقوى دولة في وجه إسرائيل، بالمعنى العميق للكلمة، وليس بالمعنى: السلاح. بالمعنى: التنوُّع الذي فيه، بالمعنى النُّخبة الذي فيه، الثقافة الاقتصاد، المالية… إلخ. فاقتصاد لبنان تم ضربه، والمصارف تم ضربها، والاستثمارات أيضاً، النخبة اللبنانية الفكرية، “تهجَّر” جزء كبير منها”.


وفي سؤال حول الخوف بعلى ضياع الكيان اللبناني السيادي الحُرّ، بين إسرائيل وإيران، أكد الأمين على ان “إسرائيل أخطر شيء عليها هو لبنان، وليس حزب الله، أخطر شيء عليها لبنان، لبنان بهذا المعنى الذي كنت أقوله، قبل قليل، بمعناه المتنوِّع، بمعنى الفكرة النقيضة للفكرة العنصرية التي تُمثِّلها إسرائيل. بمعناه كلقاء/ ملتقى للأديان؛ بمعناه الذي فيه هذا الحيِّز من الديموقراطية، الذي فيه إمكانية منافسة إسرائيل على المستوى الاقتصادي، على المستوى المالي على كل المستويات فنحن عندنا قدرات هائلة، وفي نفس الوقت نحن نشكّل خطراً حقيقياً على إسرائيل بهذا المعنى. طيِّب، إذا أنت جاء طرف وعمد إلى إلغائك؟ وانفجار المرفأ هو مؤشِّر على ذلك، لاحظي كم هي عميقة ضربة المرفأ، إذ هي بالعمق ضربٌ للبنان، ضربٌ للفكرة اللبنانية. فهذا المرفأ هو نبض لبنان، تاريخياً، وإسرائيل كانت تطمح إلى أن تلعب هذا الدور، فما الذي تريده إسرائيل أحسن من أن هذا الكيان اللبناني يتدمَّر؟”.


• وعن رؤيته لموقع لبنان على خارطة الشرق الأوسط الجديد، قال “إن لبنان، لا خيار له إلا الوحدة، كل هذه الأفكار عن الفيدرالية والتقسيم هي تُعزِّز هذا الوضع القائم اليوم، لا بل تجعلنا مجموعة “ضِيَع” وكيانات صغيرة، ثمة أحد مسيطر عليها، يعني إن الذي يعتبر أنه يريد إنشاء فدرالية، لأنه يريد أن يهرب من سلطة حزب الله يكون واهماً، يكون واهماً. فإن حزب الله يريد هذا الكلام على الفدرالية لأنه ليس لديه فكرة يحتمي بها، إلا بأن يخلق عصبيته الشيعية، وإذا هناك أحد ثان يخلق عصبية مسيحية ومارونية و..”؟
وتابع هذا ما يتمناه حزب الله، لأن بلعبة العصبية هذه يستطيع أن يسيطر ويتحكم، أما عندما تكون هناك روح لبنانية، وفعلاً توجد حقيقة لبنانية تعكس نظام مصالح الشعب اللبناني وتعكس انتماءنا لهذه الدولة اللبنانية كمواطنين متساوين، هذه الروح، هي التي تضرب كل القوى التي تحاول أن تستثمر على حساب عواطف الناس، وعلى حساب انتماءاتها الدينية، من أجل مصالح: إما مصالح خاصة، أو لمصالح خارجية، لبنان ليس له علاقة بها، وبالتالي، لدي رسالة أحب قولها لكل لبناني: نحن وحدتنا. قد ندفع أثماناً، سوف ندفع أكلافاً، برأيي، في المرحلة المقبلة، لكن، النقطة الجوهرية التي لا يجب أن نحيد عنها: إننا نحن شعب لبناني واحد. ونحن نريد دولة لبنانية، وسنقاتل من أجل الدفاع عن كل لبناني، في أية منطقة من لبنان”.

السابق
كورونا يواصل تفشيه.. كم بلغ عدد الاصابات والوفيات اليوم؟
التالي
القاضي البيطار «يخسر» معركة و«يربح» الحرب!