17 تشرين.. على طريق الثورة أم المعارضة؟!

الثورة

تحولت التحركات الشعبية المطلبية، الى ثورة في 17 تشرين، في إطار إرادتها في التغيير الجذري لكل شيء في الدولة. وهذا التغيير ينطلق من النظام ليصل الى المنظومة. فما بُني على باطل هو باطل، ولم يعد بمقدور اللبنانيين الاستمرار بالبناء على الباطل.
والنظام المقصود في لبنان لا يعني الدولة العميقة فحسب، بل هو النظام الطائفي المذهبي المبني على إدارة فاسدة ومفسدة للبلاد، نظام (أو فوضى) ضرب أسس الدولة ومؤسساتها. الثورة لانهاء المزرعة نحو المواطنة.

اقرا ايضا: «الباخرة الإيرانية بروباغندا واستعراض اعلامي».. علي الأمين: «حزب الله» لا يريد حكومة!


جاءت الثورة لانهاء حالة المزرعة ولنقل لبنان الى الوطن. جاءت لانهاء حالة المساكنة بين مواطني الطوائف والمذاهب ولنقلهم الى حالة المواطنة. جاءت لتحقيق دولة القانون والعدالة. جاءت لتحقق دولة مدنية عصرية، تحقق العدالة الاجتماعية في فرص متساوية بين المواطنين، ولتحافظ على كراماتهم ولتفتح لهم سبل العيش، في سلام ونمو وتنمية مستدامة وازدهار. جاءت لاعادة بناء مؤسسات الدولة، ولحماية سيادة الأراضي اللبنانية بسلاح حصري في يد الجيش اللبناني!

العنف ليس شرطا انما تحقيق العدالة 


وفي أساس العمل الثوري التخلص من المنظومة الحاكمة. وليس شرطاً أن يتم التخلص منها بشكل عنفي أو دموي. ولكن الأهم هو تقديم هذه المنظومة للمحاكمة أمام العدالة القادرة المستقلة، وليس أمام ستار قضائي، يخفي خلفه النفوذ السياسي لهذه المنظومة، التي تعمل على الاغتيال المستمر للشعب وللوطن، وللعدالة فيه.
وتأتي المعارضة مع نواياها الجدية، في التغيير من ضمن النظام القائم ومن ضمن تطوير للمنظومة. فالمعارضة، بواقعيتها، أقل إيماناً من الثورة الحالمة، والعاملة لتحقيق حلمها بقطع صلة الوصل، مع الواقع الأليم واقتلاعه من جذوره!
وتتقاطع طريق المعارضة بالثورة. وحين تعتقد المعارضة بتحقيق أهداف الثورة “الممكنة”، تكون الثورة في غليانها، وتشكل في آن واحد إعصاراً وتسونامي، سيجتاح في طريقه الفاسدين ومكونات المنظومة الحاكمة مهما طال الزمن!
في الانتخابات النقابية، ساندت المعارضة الثورة. فانتصرت الثورة والمعارضة معاً. وحققت المعارضة نقاطاً كبيرة على خصومها في السلطة. إلا أن أهداف الثورة أبعد بكثير من أهداف المعارضة. واذا كانت المعارضة تعمل في اطار قانوني ودستوري محدد، فالثورة تعمل لتغيير هذه الأطر القانونية والدستورية بكل الوسائل المتاحة.

الغاية تبرر الوسيلة في الثورة

تبرر الغاية الوسيلة في الثورة ولا تبررها في المعارضة. والثورة تخوض كل المعارك المتاحة، على الأرض كما المعارك الانتخابية لتحقيق أهدافها. واذا كانت نتائج الانتخابات هدفاً للمعارضة، فهي محطة للثورة. وهذا يفترض أن توسع الثورة مروحة تحالفاتها مع المعارضة، بما يخدم ويتناسب مع برنامجها وأهدافها، لتتخطى اي انتصار انتخابي. وذلك، حتى استلام الحكم وتغيير النظام.
ولا تعفي الثورة من شاركها وشارك معها من ملفات فساد تطاله. ولكنها يمكنها أن تتخطى أي مواقف سياسية سابقة لها، في حال الانضمام إليها قولاً وفعلاً. فهدف الثورة أن تشمل الجميع وأن تضم الجميع، وليس أن تستبعد أحداً، من غير الفاسدين، بناء على خصومات أو أحقاد سابقة لانطلاق الثورة. ولا تنفذ الثورة لا أحكاماً عرفية ولا أحكاماً على النوايا، بل تبني مواقفها بناء على ملفات مدروسة. وهي تستند أيضاً على الآية الكريمة، “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، لتحميل المسؤولية لمن ارتكبها.

السلمية لا تتنافى مع الجرعات العنفية


اختارت الثورة في لبنان السلمية في المواجهة، مع جرعة من العنف الثوري أحياناً. ودفعت شهداء وجرحى، ثمناً لارادتها في التغيير. وهي لن تتوقف حتى لو احتاج النضال الثوري الى تغيير جيل كامل، أو عدة أجيال لاخراج الوطن من جهنم الى النور. 
أما التوجه الى العنف، فهو خيار يخضع لدراسة موازين القوى، للتأكد من إمكانيات تحقيقه. وإلا، فالاستمرار بالخيار السلمي. أما تطورات المراحل اللاحقة، فهي تخضع لتطور الظروف الوطنية الاجتماعية والاقتصادية، والتي يمكنها أن تخرج عن السيطرة وتؤدي الى فوضى أمنية.

وحدة الثوار أساس أهداف الثورة


إن الخلاف في الأسلوب، أو حتى في بعض الأفكار الأساسية، لا يعني بالضرورة انقساماً. ولكن الثورة التي لا تتحرك على إيقاع واحد، بل يخضع حجم الحشد فيها للمزاج الشعبي ولوجع الناس، يجب أن تبقى على تشاور بين القيادات التي فرزتها، وهي تتضح مع الوقت. والقيادة الموحدة لا تعني وحدة الادارة، بل توافقاً بين الكوادر والأطر الرئيسية، بانتظار ظروف توحيد صفوف فعالة. أما كل الأفكار التقسيمية والمتشنجة والمتطرفة في الثورة (يميناً أو يساراً) فهي تضر بالثورة ولا تخدمها.

الخطوات الثورية سيارة لها عجلات

تتطور الخطوات والتحركات في الثورة، وتتكيف مع تطور قدراتها المختلفة، من حشد شعبي أو مالي، أو دعم عسكري من القوى الأمنية أو دعم خارجي سياسي أو إقتصادي، في غياب الدعم العسكري. ومن الضروري الالتزام بالقدرات المتوفرة عند اتخاذ قرارات كبرى، تخضع للمشورة الداخلية. ومن الضروري أن تتجنب الثورة أن تأكل أبناءها تخويناً وتشكيكاً أو بما هو أسوأ من ذلك.

الدولة المدنية حامية للدين


يخضع الحكم المدني للسلطة المدنية وليس لرجال الدين، الذين يبقى لهم رأيهم المحترم كمواطنين. وتكون الدولة حامية لحرية المعتقد والايمان والاديان. وحامية لاحترام الأديان وتنوعها وغناها، وليست معادية لها. إلا أن قوانين الدولة فهي مدنية بالضرورة، تعطي المواطنين الحقوق وتلزمهم بالواجبات، على أساس المساواة وعدم التمييز بينهم تحت أي من المسميات.
تملك الثورة بديلاً للسلطة، ومخزوناً هائلاً من الحلول البديلة. وهي تطرحها تباعاً. وهي قادرة، ومن الضروري، أن تسعى لاستلام السلطة وأن تسعى الى الشفافية في إدارة البلاد. 
الثورة لا تيأس. الثورة تستمر في الزمن الحالي ومن دون إطار زمني. والثورة تنتقل من جيل الى جيل، وحتى تحقيق أهدافها، ووصول لبنان الى الوطن!

السابق
اجتماع طارئ.. فعاليات صيدا تتأهب لمحاصرة أزمة الطوابير وكبح جماح «شبيحة» المحروقات!
التالي
المازوت نفد والمطاحن إلى الإقفال.. هل بدأت أزمة الرغيف؟