نصرالله ودريان «لا يلتقيان» إلا على الحصانات المذهبية!

شهداء انفجار المرفأ
لم يكن متوقعا ان تصدر مذكرة جلب بحق رئيس الحكومة في قضية تفجير 4 آب، ولكن ردة الفعل على هذه المذكرة كانت مخيبة للأمال الى حدّ كبير، عندما رفض رؤساء الحكومة السابقين ومفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، صدور المذكرة القضائية، واعتبروها استهدافا طائفيا لمنصب رئاسة الوزراء.

كان أطلق المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار مطلع شهر تموز الماضي، مسار الملاحقات القضائية بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود، حيث حدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كمدعى عليه في القضية، كذلك أعلن أنّه وجّه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم وزير المالية علي حسن خليل ووزير الأشغال غازي زعيتر ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك “تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم”، حسب قوله. 

كما طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا المحسوب على رئيس الجمهورية، كمدعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، (الذي رفض الطلب لاحقا)، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المحسوب على حزب الله، وملاحقته. 

 نصرالله يتصدى لعدالة بيطار 

لم يجد حرجا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بعد أيام ان يعلن رفضه لقرارات القاضي بيطار، واعتبرها استهدافا سياسيا، فرفض ضمنا التحقيق مع اللواء عباس ابراهيم والوزراء المحسوبين على خط الممانعة، وذلك رغم ما حظي به قرار بيطار من دعم داخلي شعبي كبير، تجلى في التظاهرات الضخمة التي نُظمت في ذكرى تفجير 4 آب في قلب بيروت، واعلان اهالي الضحايا عن دعمهم الكامل للقضاء، وسط تشجيع محلي ودولي لافت لشجاعة العدالة اللبنانية التي فاجأت المراقبين في الداخل والخارج. 

وكان نصرالله قد تمكن قبل 6 شهور، وبتصريحات هجومية مماثلة، من الاطاحة بالمحقق العدلي السابق في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي فادي صوان،  في  18 شباط من العام الحالي 2021، الذي استبعدته محكمة التمييز الجزائية من التحقيقات، بعد أن وجه اتهامات لرئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء سابقين. 

 نصرالله أعلن رفضه لقرارات القاضي بيطار واعتبرها استهدافا سياسيا 

ويقول مراقبون ان “هذه التدخلات والضغوطات غير المسبوقة في قضية تفجير المرفأ من قبل حزب الله وحلفائه، انما تدلّ على الاصرار على تسييس عمل القضاء كي يفضي عمله الى تبرئة كل متهم بالتقصير ومشارك في جريمة تفجير مرفأ بيروت، يتحالف سياسيا مع الحزب او يخدم سياسته، خصوصا ان الاغلبية الساحقة من المستدعين للتحقيق من قبل المحقق العدلي السابق والحالي، ينتمون فعلا الى معسكر الممانعة الذي يقوده حزب الله”. 

الافتاء السني يدخل على الخط 

وعلى الرغم من الازمة الاقتصادية الحادة التي يعيشها لبنان مع انهيار العملة وانقطاع الكهرباء وفقدان المحروقات والأدوية من الاسواق، فان التحريض الطائفي الذي مارسه اعلام الاحزاب المشاركة في السلطة وحتى المستنكفة منها، اتى أكله كما يقولون، فانضمّ رؤساء الحكومة السابقون الى امين عام حزب الله في وصم التحقيق العدلي، بتهمة التآمر على الطائفة السنية عبر التذرع ان القضاء العدلي غير مخول بمحاكمة الرؤساء ورئيس الحكومة المستقيل حسن دياب، وانما عبر محكمة خاصة لمحاكمة الرؤساء هي في الواقع مؤسسة غير موجودة، اذ لم يجرِ انشاؤها بعد، ليسبغ بعدها المفتي الشيخ عبداللطيف دريان الحصانة الطائفية على منصب رئاسة الحكومة،  ويعلن قبل ايام ان اصدار مذكرة الجلب بحق رئيس الحكومة هو استهداف للرئاسة الثالثة معتبرا أن “التصويب على دياب أمرٌ مرفوض وغريب عن أصول التعامل مع رئاسة الحكومة”. 

دريان اعلن ان اصدار مذكرة الجلب بحق رئيس الحكومة هو استهداف للرئاسة الثالثة 

وبهذا تلاقي السنية السياسية نظيرتها الشيعية في محاولة تطويق العدالة في قضية تفجير مرفأ بيروت، دون معرفة أي من الفريقين يقوم بخدمة الطرف الآخر، غير ان ما حصل هو تضامن اسلامي  واقع في غير محله يبعث على الريبة. 

في حين رأت مصادر قضائية أن مذكرة الإحضار التي أصدرها القاضي طارق البيطار، في حق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بعد رفض الأخير “المثول” أمامه، متذرعاً بالموانع الدستورية، ستكون محطة مفصلية بين حدّين، إما إمساك البيطار الذي اصبح يحارب على اكثر من جبهة بالقضية حتى النهاية ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة، وإما ملاقاة مصير سلفه القاضي فادي صوان. 

السابق
المودعون في «مؤسسة الأمان»..بلا أمان!
التالي
العقوبات الخفيفة بحق المحتكرين تشجعهم على مواصلة ارتكاباتهم