من خلدة الى كل لبنان.. «حزب الله» يدكّ القضاء و«يُشرّع» الثأر!

حزب الله والبحر

يستغل “حزب الله” كل قطرة دم، لتشديد الخناق على الشارع الشيعي، واستحضار نظرية المؤامرة والهاء الناس عن حياتهم المعيشية.

يمثل القضاء في كل دول العالم، الحصن لحماية الأمة وأفرادها، وفض النزاعات بين بعضهم البعض، أو بمواجهة السلطة. وبقدر ما يكون القضاء قويا ومستقلا وعادلا، تكون حريات الناس وأموالهم و أرواحهم وأعراضهم، مصونة محصنة بحكم عدالة قضاة استعاروا الصفة ” النصف الالهية” لتوزيع العدل بين الناس، بأحكام لا تترك لأحد أي مقال، لأنها عنوان الحقيقة والصواب وحماية الضعيف والمظلوم من أي طغيان.هذه قاعدة عامة، تعمل الدول الحضارية على تطبيقها، للنهوض بالمؤسسات والأوطان. القضاء المستقل والقوي، ينظم حياة المجتمعات من خلال إعطاء كل فرد حقه ويؤمن حمايته، أما في لبنان فهناك من  ضرب هيبة القضاء والدولة، وأقام قضاءه ودولته، وفرض بعض الاتفاقيات مع جانب الدولة اللبنانية المحتلة من قبله.

اقرأ أيضاً: «حزب الله» و«بروفا التشييع».. فيديو من داخل فيلا علي شبلي يوثق تهريب السلاح والذخيرة !


يوم 27 آب 2020، قتل الشاب حسن زاهر غصن في عملية قنص في خلدة، اتهمت عائلة الضحية علي شبلي، المسؤول في حزب الله وطالبوا الدولة بتوقيفه، مهددين بأخذ حقهم بيدهم اذا لم يسلم القاتل للدولة.حزب الله الذي لا يعترف بقضاء الدولة اللبنانية، ولا يسلم عناصره وقادته لها، في حال ارتكبوا جريمة او خالفوا انظمة وقوانين، تجاهل المطالبات بتسليم شبلي للعدالة، ولم يعرها اهتماما كعادته. وعلى مشارف الذكرى السنوية الاولى، أقدم شقيق المغدور حسن غصن، على إطلاق عدد من الأعيرة النارية نحو صدر شبلي، في عملية وصفت بالثأرية، نتيجة تغييب الدولة وجوهر المحاسبة، وهو ما تعتبره العشائر العربية، حقاً أو عدالة تحصيلاً لدماء ابنها، تَبع هذه العملية اشتباكات خلال مرور موكب تشييع شبلي، أدت الى مقتل 3 عناصر للحزب، بعد محاولتهم ازالة صورة غصن،  اعتبره عرب خلدة استفزازا لهم، ما دفع الجيش الى ضبط الامور وتعزيز تواجده في المنطقة.
حزب الله وصف الحادث ب”الكمين المدبر”، وطالب الجيش والقوى الأمنية بالتدخل الحاسم، لفرض الامن و”العمل السريع لايقاف القتلة المجرمين واعتقالهم، تمهيدا لتقديمهم الى المحاكمة”. ولكن لماذا لم يقدم قتلة غصن للمحاكمة، و حقن كل هذه الدماء و وتجنب هذا الاقتتال؟ لماذا حضرت الدولة ومبدأ المحاسبة في قاموس الحزب اليوم، وهو يمعن تجاهلها باستمرار؟
حزب الله الذي له مجلسا قضائيا خاصا به، يصدر أحكاما بحق المواطنين اللبنانيين ويزجهم في سجونه، يرفض تسليم عناصره وقياداته للدولة وقضائها باعتبارهم “مجاهدين”، وهناك نماذج كثيرة حول التفاف حزب الله على القضاء وفرض هيمنته، كقضية النقيب الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا، الذي قضى برصاص مسلحي حزب الله، الذين اطلقوا النار على مروحية عسكرية عام 2008، كانت تقوم بتدريبات فوق منطقة سجد في الجنوب، وتحت شجب وضغط الرأي العام الغاضب، رضخ حزب الله وسلم شخص غير القاتل ليحاكم محاكمة شكلية، ثم يخرج بعد أشهر قليلة بغرامة مالية مهينة للجيش وللدولة اللبنانية. كل تصرفات حزب الله، تدل على انه يرى نفسه دولة لها مؤسساتها وقضائها، ومحاكمها وسجونها ومرجعيتها الخارجية، ويرى في القضاء طاغوت و في الدولة كيان ظالم وغير عادل. لذلك ما نشهده من أعمال ثأرية وانتقامية وفوضى،  تعود أسبابها الى  غياب المساءلة والعدالة، وضرب هيبة القضاء وتردي اداء اجهزة الدولة  ومؤسساتها، ما ادى الى اصابتها بالغيبوبة والشلل، وأصبحت شريعة الغاب هي السائدة.  فالدول التي يغيب فيها القانون تكون أرضاً خصبة ل«أصحاب الفوضى المنظمة» و “المهنة الإرهابية” .
إذا، كثرت التأويلات والتحليلات حول ما جرى خلال اليومين الماضيين، الا أن الحقيقة تكمن في استعلاء حزب الله على القضاء والدولة، وعدم رضوخه للقانون ومناشدات العشائر العربية، وما العملية الا ثأرية بتوقيت الذكرى السنوية لشقيق غصن، والفرصة السانحة للثأر، قالتها العشائر العربية “عين بعين” وانتهى البيان، وما الحديث عن مؤامرة وغيرها من التحليلات الجهنمية، الا ذر للرماد في العيون. حزب الله الذي يعمل دائما في حقل الفوضى المنظمة، وقع في فخ أعماله ولم يبق أمامه سوى استغلال الحادث، والاستفادة منه حتى الرمق الأخير، واستخدامه كقميص عثمان على مقربة من إنفجار المرفأ ونيتراته، وتحقيق أرباح في السياسة المحلية، وتقديم نفسه للغرب، على أنه ضحية ومسالم، ويريد مصلحة لبنان ووأد الفتنة، وتكريس الأمن الذاتي وتشديد الخناق، وقمع الشارع الشيعي الذي يحاول ان يتحرر من قبضته، وخلق قضايا جديدة تحت حجج مذهبية وفتنوية، أصبحت خشبية على مشارف استحقاقات وطنية.

السابق
عشية ذكرى 4 آب.. باسيل دعا بري لعقد جلسة لرفع الحصانات
التالي
خاص «جنوبية».. «العسكرية» تضع يدها على التحقيق في «حادثة خلدة»: الفيديوات تفضح المتورطين!