ليست المرة الاولى التي يتأرجح فيها سعر صرف الدولار، في السوق السوداء صعودا ونزولا، مع كل حدث سياسي منذ بداية الازمة المالية في تشرين الاول 2019، معطوفا على إنهيار إقتصادي يستمر تفاقما. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هذا التأرجح في سعر دولار السوق السوداء إختبره اللبنانيون، بعد إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وبعد تكليف كل من السفير مصطفى أديب والرئيس سعد الحريري وإعتذارهما، ثم تكررت التجربة مع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، حيث شهد يوم السبت الماضي إنخفاضا دراماتيكيا في سعر صرف الدولار، بلغ نحو 8 آلاف ليرة في غضون 3 أيام (من 23 ألف إلى نحو 16 ألف وخمسمائة ليرة).
إقرأ أيضاً: بالرغم من تكليف ميقاتي.. دولار السوق السوداء يُحلّق مُجدداً!
كل ما سبق يعني أن سعر الدولار في السوق السوداء هو سعر سياسي وليس إقتصاديا، وأن سعر الصرف يتم وفق قاعدة العرض والطلب من اللبنانيين و المضاربين على حد سواء، وهذا ما يوافق عليه الخبير الاقتصادي عماد عكوش الذي يشرح لـ”جنوبية” أن “هذا أمر واضح من خلال المؤثرات السياسية الحاصلة في السوق، فحين تم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة شهدنا تغيرا في سعر الصرف نزولا”، معتبرا أن “المشكلة هي في عدم وجود ضابط يتحكم في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ومن المفروض ان يلعب هذا الدور مصرف لبنان، بناءا على قانون النقد والتسليف بحسب المادة 70، وان يعمل على إستقرار سعر الصرف، لكن المركزي يترك تحديد سعر الصرف نتيجة العرض والطلب ونتيجة المضاربات”.
سعر الدولار في السوق السوداء هو سعر سياسي وليس إقتصاديا
ويوضح أن “هناك كتلة نقدية بالليرة اللبنانية تتجاوز ال40 ألف مليار ليرة، كما يوجد كتلة من الدولار تبلغ حوالي 15 مليار. هاتان الكتلتان تتحركان في السوق اللبناني عند أي حدث سياسي وهذا ما شهدناه في الايام الاخيرة”، لافتا إلى أن “أغلب الشعب اللبناني بات يعمل في مهنة الصرافة، وصار السؤال متى يجب أن يبيع الدولارات التي بحوزته ومتى عليه ان يشتري، والمضاربات تكون كبيرة في السوق نتيجة لوجود هذه الكتلة النقدية خارج المصارف”.
هناك كتلة نقدية بالليرة تتجاوز ال40 ألف مليار كما يوجد كتلة من الدولار تبلغ حوالي 15 مليار الكتلتان تتحركان في السوق عند أي حدث سياسي
و يرى أن “هذا الوضع سيستمر، طالما أن مصرف لبنان لا يمارس دوره، في ضبط سعر صرف الدولار، ولا يعمل على إستقرار سعر الصرف، وطالما أن الوضع السياسي في لبنان على تذبذبه وعدم إستقراره، و طالما أن الكتلة النقدية ستبقى كبيرة في أيدي اللبنانيين، سواء بالليرة اللبنانية أو الدولار” .