هكذا لقنت حبوش «قبضاي حزب الله» درساً لن ينساه!

حبوش

لم تعد الأمور تُحتمل جنوباً، فتداعت مساء السبت مجموعة من شبان وشابات قرية حبوش الجنوبية، وقطعت الطريق العام التي توصل بين بلدتهم ومدينة النبطية من ناحية، و بين مدينة صيدا وقرى النبطية ومرجعيون وحاصبيا من ناحية ثانية. وفي الدعوة، تمت الإشارة إلى عدد من طرق بديلة، يُمكن إعتمادها للدخول الى الجنوب أو الخروج منه، وذلك بهدف نزع فتيل أي حجة، يمكن أن يلجأ إليها بعض الحزبيين والمرتبطين بالسلطة، والمتشربين خطابها، لافتعال المشاكل. لا بل ذهب الشبان والشابات أبعد من هذا، إذ أعلنوا أنهم لن يشعلوا الإطارات، بل سيكتفون بالتعبير عن غضبهم ورفضهم، لتوافر مادة المازوت في خزانات بعض الجهات الحزبية، وبعض النافذين، في حين أن المادة غير متوافرة عند أصحاب المولدات الخاصة، ما يؤدي إلى حرمانهم وأهلهم فرصة تغذية منازلهم بالتيار الكهربائي.

إقرأ أيضاً: بالفيديو والصور: نائب «حزب الله» يُقيم زفافاً اسطورياً لابنته.. ويتخلّى عن «الصبر والبصيرة» في مقاومة «الحصار»

عند هذه النقطة كانت الأمور تسير بشكل طبيعي، لكنها سرعان ما انقلبت بشكل دراماتيكي، حين قام أحد “القبضايات”، المعروف من الجميع بالاسم وبالصفة الحزبية، بالترجّل من سيارته، وبدأ يطلق رصاص مسدسه في الهواء، لترهيب المحتجين والمحتجات، بغية فتح الطريق، من خلال اعتماد الأساليب السابقة ذاتها، وسُمع إطلاق بالمقابل، انهال عليه بعض الشبان بالضرب لمنعه، وتلقينه درساً لن ينساه و لم يصدفه أمثاله منذ ردح من الزمان.

بات الناس يعرفون جيدًا من يقف في وجه حقوقهم ومن يحرمهم أبسط شروط حياتهم

بالطبع لا يمكن المسارعة إلى البناء على هذه الحادثة منفردة، و إلى حسم انفصال الجماهير عن أحزابها. لكنها، وعلى الرغم من ذلك، تؤشر إلى نوع من التبدّل، بدأ يتلمّس طريقه إلى مزاج الناس وإلى خطابهم، وصولًا إلى شجاعة استخدام قدراتهم وقوتهم الذاتية على المواجهة، لاسيما في مناطق نفوذ حزب الله. إذ بات الناس يعرفون جيدًا من يقف في وجه حقوقهم، ومن يحرمهم أبسط شروط حياتهم اليومية. وباتوا يقاربون المسائل بطرق أكثر طبقية، ويعلمون أن أسباب أزماتهم قائمة أولًا، بسبب الهوة الطبقية السحيقة التي تغذّت جدًا داخل المجتمع اللبناني بشكل عام والجنوبي بشكل خاص، وذلك مع بزوغ طبقة برجوازية جديدة ترعرعت ونشأت بسبب سياسات الحزب الاقتصادية “النيوليبرالية”، والتي أوصلها جشعها وتحالفها مع التجار والبرجوازيات التاريخية، إلى استباحة الأسواق الداخلية من الأدوية والسلع الأساسية، وصولًا إلى تهريب المشتقات النفطية إلى سوريا ومراكمة الثروات الناجمة عن الفارق في سعر العملة.

خطاب المؤامرة لم يعد يجد الأرض الصالحة لينبت ويتغذى عليها داخل المجتمع اللبناني بشكل عام والجنوبي بشكل خاص

إلا أن أهمية هذه الحادثة تكمن في أنها تُظهر، وكأن نوع من المقاومة الشعبية بدأ يطل برأسه، نوع من المقاومات الداخلية، المنتظمة في الأحياء والقرى، والمجتمعات الأهلية والمحلية. فهل الناس أمام نوع من التنظيم الذاتي الذي ستلجأ إليه المناطق، خصوصًا الجنوبية، والتي اكتسبت تقنيات التنظيم خلال مقاومة الاحتلال، فهل ستلجأ إلى اعتماد أساليب، تشكّل امتداداً للمقاومة الشعبية، وذلك بعد أن بدأ الصراع يأخذ أبعاده الطبقية الداخلية، أي مع العدو الطبقي وسلطته، التي مارست كل أنواع “السلبطة” والنهب والتنكيل بحق الناس، وصولًا إلى هضم حقوقهم والعيش عليها.

وليس أدل على ذلك من الشعارات التي بدأت تتردد من هنا و هناك، والتي تسخر من صب كافة الموبقات التي تضرب المجتمع، في خانة الصراع مع الأميركي، والاسرائيلي من خلفه، والتي يستخدمها الحزب لتبرير كل ما يعانيه جمهوره. فخطاب المؤامرة لم يعد يجد الأرض الصالحة لينبت ويتغذى عليها داخل المجتمع اللبناني بشكل عام، والجنوبي بشكل خاص، ولم يعد يبرر التفاوت في أنماط العيش داخل البيئة ذاتها، او في الرواتب، بين من يتقاضى باللبناني و بالدولار، خصوصًا مع تدهور قيمة العملة الوطنية. بل إن البعد الطبقي للنظام اللبناني، والقوى المسيطرة عليه بايديولوجيتها الطائفية، يبدو انه صار موضع مساءلة من الصعب جداً التهرب منها، أو اللعب عليها، في القادم من الأيام.

السابق
ترقّب حذر في الشارع بانتظار الإستشارات.. اليكم حال الطرقات
التالي
«الإشتراكي» يُعلن تسميته ميقاتي لرئاسة الحكومة.. ماذا عن «حزب الله»؟