لكل داء دواء.. إلا في صيدليات لبنان!

صيدلية
غدا سيبدأ إضراب الصيدليات في لبنان، لأن أصحابها لم يعودوا قادرين على تحمل الضبابية الحاصلة بين وزارة الصحة وشركات إستيراد الادوية ومصرف لبنان، لتحديد الادوية التي سيستمر دعمها وتلك التي ستُباع وفقا لسعر دولار السوق، والاضراب قد يطول لأيام إلى حين وضع لائحة الادوية المدعومة، والثمن الاكبر سيكون كالعادة على حساب المواطن الذي يضطر لشراء أدويته من السوق السوداء.

تروي الصيدلانية لما سبيتي ل”جنوبية” أن “رفوف الصيدلية التي تعمل فيها، أصبحت شبه خالية من الأدوية الاساسية بسبب توقف شركات الادوية عن تسليمهم الادوية المدعومة، في حين أن معظم زبائن الصيدلية يعمدون إلى شراء أدويتهم من السوق السوداء بأسعار مضاعفة مرتين أو أكثر”، لافتة إلى أن “إضراب الصيدليات غدا بات أمرا ضروريا، بسبب حالة الضياع التي تعيشها الصيدليات مع شركات الادوية من جهة وفي ظل المصاريف التشغيلية التي عليهم  تكبدها من جهة ثانية ( إيجارات ورواتب وإشتراك كهرباء بسبب الانقطاع الدائم لكهرباء الدولة).

اقرأ أيضاً: بعد طوابير البنزين..تهافت على الصيدليات مع إعلان الإضراب المفتوح غداً!

إذا بدءا من يوم الغد ستُنفذ صيدليات لبنان إضرابا كما أعلن “تجمع أصحاب الصيدليات” اليوم، قد يستمر لأيام، إلى حين إصدار وزارة الصحة لوائح الادوية وتصنيفها بحسب الإتفاق مع المصرف المركزي، وهي الطريقة الوحيدة التي ستحمل المستوردين على الإفراج عن الأدوية، التي وعدهم مصرف لبنان بصرف الاعتمادات لها مرارا ليعود وينكث بوعوده لهم، فيستفيد منها المرضى بالسعر الذي تحدده وزارة الصحة لكل دواء بعد إصدار المؤشر الجديد للأسعار.

وأوضح التجمع في بيان أن “موقفه يأتي بعدما أصدر مصرف لبنان قراره النهائي بشأن حصر الدعم بأدوية السرطان والادوية المستعصية والمزمنة ولفترة محدودة، وبعد توقف المستوردين شبه الكامل عن تسليم الدواء للصيدليات”، لافتا إلى أن “الاضراب يأتي إحتجاجا على الاعتداءات المتكررة وحالات السطو على المؤسسات الصيدلانية من قبل البعض بحجة عدم حصولهم على أدويتهم، بالإضافة إلى إنتشار الادوية المزورة والمهربة بشكل غير مسبوق في البيوت والمستودعات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي دور العبادة، بحيث يتاجر فيها من لا يفقه بعالم الدواء وخطورته وطريقة حفظه بهدف تحقيق الارباح بغطاء انساني مقنع”.

أضاف بيان التجمع: “كما أن موقفنا يأتي بعد مماطلة وزارة الصحة في ايجاد الحلول وتجاهلها للانهيار الحاصل في الامن الدوائي منذ اشهر، والاكتفاء بتصريحات غير مسؤولة عبر الاعلان ان الدعم خط احمر وكأن كل شيء على ما يرام واموال الدعم متوفرة، ليطالعنا معالي وزير الصحة منذ يومين بقراره الذي جاء متأخرا بالبحث عن أدوية بديلة بسعر مناسب لتعويض النقص في السوق الدوائي وفقدان الأدوية التي رفع عنها الدعم علما أن هكذا أدوية، وفي حال توافرت، ستحتاج لأشهر لتوزيعها في الأسواق، ريثما يتم عقد صفقات شرائها واخضاعها لاختبارات الجودة وصولا الى شحنها وتوزيعها”.

غسان الامين
غسان الامين

عدم يقين وغياب ثقة

كل هذه الضبابية وعدم اليقين التي تُخيم على قطاع الصيدليات والادوية منذ تلويح مصرف لبنان بترشيد الدعم على الادوية والمستلزمات الطبية، تستوجب البحث عن القطبة المخفية التي منعت الاعداد لترشيد الدواء بشكل علمي يُجنب المرضى الوصول إلى الحالة التي وصلنا إليها، وفي هذا الاطار يشرح نقيب الصيادلة الدكتور غسان الامين ل”جنوبية” أن “ما أوصلنا إلى هذه المرحلة هو عدم التنسيق وغياب الثقة بين وزارة الصحة وبين المركزي والحكومة، لأن مصرف لبنان لم يكن صريحا حول ما يملكه من أموال لإكمال الدعم والتي على أساسها يمكن وضع الخطط، كما أن وزارة الصحة لم تعد خطة بديلة في الوقت المناسب”، لافتا إلى أن “النقابة تتواصل مع الوزارة حول لائحة الادوية التي ستقدمها إلى المصرف المركزي من أجل تأمين إستمرار الدعم عليها”، ويوضح أن “الامور لا تزال تحتاج إلى مزيد من الوقت، فبعد أن حدد المركزي المبالغ التي يمكن من خلالها إستمرار الدعم عندها يمكن للوزارة أن تحدد أولوياتها”.

الأمين ل”جنوبية”: وصلنا إلى هذه المرحلة بسبب غياب الثقة بين وزارة الصحة والمركزي والحكومة

يتفهم الامين “موقف الصيدليات لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الوضع”، مشيرا إلى أن “لا خوف من إنقطاع الدواء عن لبنان لأنه حين يكون هناك حلول في الأفق لا يعود التشدد في الإضراب كبيرا، وكنقيب تركت الحرية للصيدليات لأنه لا يمكن لومهم في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها”.

ماذا عن الادوية المزمنة والمستعصية هل سيستمر دعمها؟ يجيب الامين “الادوية الامراض المزمنة والمستعصية ستكون متوفرة و بالسعر المطلوب، أما الادوية التي سيرفع عنها الدعم فتلك التي يمكن أن نجد بدائل عنها”، مشددا على أنه “لا يمكن الجزم بأي شيء يتعلق بملف الادوية و مصيرها، إلا بعد الاطلاع على الخطط التي وضعتها وزارة الصحة وهي الى الان غير ناجزة، وفي حال أنجزت يمكن تأمين الدعم على الادوية حتى آخر هذا العام وفق الامكانيات المالية التي أعلن عنها مصرف لبنان”.

ويختم:”تقديم بديل عن الادوية المدعومة من قبل وزارة الصحة سيأتي في مرحلة لاحقة، الادوية في لبنان مرتفعة الثمن وحان الوقت للعودة إلى أدوية الجنريك لكن الامر يحتاج إلى مزيد من الوقت”.

رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق إسماعيل سكرية

قطبة مخفية !!

في المقابل يرى رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق إسماعيل سكرية لـ “جنوبية” أن “القطبة المخفية في ملف الدواء هو أن الكل يسعى إلى مصالحه أولا، بدءا من وزارة الصحة مرورا بنقابة الصيادلة وشركات مستوردي الادوية وصولا المصرف المركزي” .

ويشرح أن “وزارة الصحة تعلم منذ 7 اشهر أن الدعم ينخفض عن الأدوية ولم تحرك ساكنا لإعداد خطة لترشيد الدعم للإبقاء على الادوية الضرورية وكان يكتفي بتصريحات إعلامية لا أكثر”، سائلا “لماذا لم تكن هناك جدية في تشكيل لجنة علمية من خبراء وإختصاصيين لتحديد المعايير العلمية التي على أساسها سيتم إختيار الادوية التي يجب أن تُدعم وفقا لتركيبها العلمي وليس لتنفيع شركات الادوية؟”. 

سكرية لـ”جنوبية”: ذاهبون إلى فوضى في سوق الدواء وهذا أمر خطير لتداعياته الصحية والمادية على المواطن

ويرى أن “نقابة الصيدلة لم تقم بواجبها كما يجب لحسابات خاصة، كما أن نقابة شركات المستوردة للأدوية  تعودت على أن تكون الاقوى وأن تفرض سلطتها على كل الوزارات و النقابات المعنية بملف الدواء”، مشددا على أن “هذه الشركات متحالفة مع العديد من النواب لتمرير مصالحها وهذا ما إعترف به رئيس مجلس النواب نبيه بري عام 2000 بأن مافيا الدواء إستطاعت أن تعرقل إصلاحات التي عمل عليها مجلس النواب على مدى عقود “.

يضيف:”مافيا الدواء متغلغل في كل مواقع القرار في لبنان واعتقد ان مصرف لبنان متواطئ معه في هذا الامر، لأن عدم وضوح مصرف لبنان في ما يتعلق بإستمرار الدعم أو إيقافه خلال الاشهر الماضية ،خدمت شركات مستوردي الادوية الذين يضغوط لرفع الأسعار وهو في الوقت الحالي يصدر كل الادوية إلى سوريا وليبيا والعراق بهدف الحصول على الفريش دولار وتكاد تكون وزارة الصحة أقرب إلى شاهد الزور”.

يرى سكرية أننا “ذاهبون إلى فوضى في سوق الدواء مجهول القيمة والفاعلية وهذا أمر خطير لتداعياته الصحية والمادية على المواطن”، معبرا عن خشيته من “هروب المصرف المركزي من رفع الدعم عن الادوية للأمراض المزمنة بهدف إستبدالها بأخرى رخيصة الثمن ومجهولة الفعالية في ظل غياب مختبر مركزي يفحص جودة الادوية المعتمدة”.

السابق
«دلتا» يرفع عدّاد «كورونا» في لبنان.. كم بلغ عدد الاصابات والوفيات؟
التالي
بعد فاجعة طائرة غوسطا.. توضيح من «الطيران المدني»!