اللبنانيون يقعون فريسة تحالف السلطة وكارتيلات المواد الاساسية!

سياسة "تركيب الطرابيش" وشراء الوقت مستمرة من قبل السلطة السياسية، للإفساح بالمجال أمام كارتيلات المحروقات والأدوية والمواد الغذائية، أن تستفيد أكثر على حساب اللبناني وودائعه في المصارف، اليوم ظهرت حلقة من هذا التحالف في مجلس النواب، حيث تقاطر النواب لإقرار البطاقة التمويلية، فيما الاسعار تغلي في السوبرماركت وطوابير الذل أمام محطات المحروقات تزداد طولا، بينما الحلول الاصلاحية و الجذرية غائبة تماما عن النقاشات.

في مقابلة تلفزيونية قالت المديرة العامة لمنشآت النفط أورور الفغالي أن “ضغوطا سياسية أجبرتها على إصدار تسعيرة المحروقات الجديدة وفقا لدولار3900 يوم الاثنين، في حين أن المديرية كانت تسعى للتأكد بالتعاون مع عناصر أمن الدولة والامن العام، من أن جميع أصحاب المحطات باعوا جميع مخزونهم من المحروقات التي إشتروها على دولار 1500 قبل إصدار التسعيرة الجديدة، لكن هذه التدخلات أطاحت بمحاولاتها لمواجهة جشع بعض أصحاب المحطات”.

وقاحة الشراكة

كلام فغالي هو أحد الامثلة الملموسة عما يجمع الطبقة السياسية، وكارتيلات المحروقات والمواد الغذائية والادوية، من مصالح مشتركة يتم تسييرها ولو على دم الشعب اللبناني وعرق جبينه ومدخراته في المصارف، علما أن الخافي أعظم ويوميات اللبنانيين تزخر بوقائع، عن “وقاحة” هذه الشراكة بين السياسيين والتجار، والتي تجلت في محاولات النواب اليوم لتسجيل مواقف في مجلس النواب، حول البطاقة التمويلية والظهور بمظهر الحريص على مصلحة المواطنين، في الوقت الذي يمعن التجار وأصحاب محطات المحروقات بإذلالهم، و هم يعلمون علم اليقين أن الحلول الترقيعية و “تركيب الطرابيش”، لم يعد يجدي نفعا لإنتشال اللبناني من مأساته الاقتصادية و المالية التي يعيشها يوميا، بل المطلوب حلولا جذرية وإصلاحات حقيقية.

ملاحظات على سياسة الترقيع

كل ما يحصل يظهر حجم المافيا– السياسية الاقتصادية التي تحكم لبنان وتتحكم بكل مقدراته، في الوقت أن الفوضى المجتمعية بدأت تظهر ملامحها من طرابلس اليوم لتؤشر أن الانفجار الاجتماعي الكبير لابد أنه سيقع قريبا، ما يجعل السؤال التالي “هل سياسة تركيب الطرابيش المافياوية التي ينتهجها أهل السياسة والكارتيلات، تجدي نفعلا لتهدئة روع الشعب اللبناني في المرحلة المقبلة؟

يجيب الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي “جنوبية” على هذا السؤال من خلال إبداء ملاحظاته على إقرار البطاقة التمويلية في مجلس النواب وسلوك الكارتيلات في الاسواق اللبنانية، إذ يقول:”أقر مجلس النواب البطاقة التمويلية بمنح إعتماد لها بحوالي 556 مليون دولار، وهم في الاساس من أموال جميع المودعين لكن المستفيد هو مجموعة من الشعب اللبناني وليس كل من يستحق المساعدة بعد رفع الدعم”، لافتا إلى أن “الأسعار باتت مرتفعة جدا مقابل تراجع مستمر لقيمة الليرة اللبنانية وللقدرة الشرائية للمواطن العادي، ولذلك يمكن إدراج عدة ملاحظات حول ما يجري على صعيد المعالجات الرسمية للأزمة الاقتصادية المستمرة”.

جباعي لـ”جنوبية”: ترقيع و هروب من الحلول الجذرية لعدم المس بمصالح السياسيين والكارتيلات التابعة لها 

الملاحظة الاولى التي يسجلها جباعي هي “تحديد عدد معين من المستفيدين من هذه البطاقة هو أمر خاطئ لأنه يُلحق الظلم بباقي الشعب اللبناني”، سائلا “ما هي الضمانات لعدم خضوع هذه البطاقة لمعايير طائفية وحزبية ومناطقية بدل أن تصل إلى مستحقيها، وهذا يعني أن هذه البطاقة هي محاولة ترقيعية أخرى من أهل السلطة لإمتصاص النقمة الشعبية، ولكنها لن تؤدي إلى نتيجة لأنها ليست الحل الفعلي لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية القائمة في البلد”.

يضيف:”في ما يتعلق بملف المحروقات بعد أن تمّ إعتماد الدعم على دولار 3900 تمهيدا لرفعه لاحقا بشكل كامل، فإن البطاقة التمويلية لن تتمكن من الوقوف في وجه إرتفاع الاسعار والتضخم الحاصل”، معتبرا أن “سياسات الترقيع الحاصلة ليست مفيدة والحل واضح وهو فك الإحتكار وإلغاء قانون الوكالات الحصرية من قبل مجلس النواب، وإعتماد قانون عصري جديد، يراعي التنافس وإعطاء فرص للشركات الجديدة، لإستيراد المواد الاساسية مما يساهم في تخفيض الاسعار”.

ويرى أن “ما يحصل هو الاستمرار في سياسة الترقيع والهروب من الحلول الجذرية، لأنها تمس بمصالح السياسيين والسلطة الحاكمة و الكارتيلات التابعة لها، وهذا ما سيزيد من تفاقم الازمة وستبقى شريحة واسعة من الشعب اللبناني محرومة من أي خدمة من هذه الخدمات”.

الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي
الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي
السابق
161 إصابة بكورونا اليوم والمستشفيات تُحذّر: عادت الحالات لتغزي الطوارىء!
التالي
صحافية أميركية تسأل وزير الخارجية الإسرائيلي عن وجود لبنان كـ«دولة فاشلة» على الحدود.. وهكذا ردّ!