حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: قبر سليماني «ينتخب» الرئيس «رئيسي»!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

على الرغم من التطورات التي تشهدها الساحة الاقليمية، خصوصا على الساحة الفلسطينية وما يدور من مواجهات، ان كان  بين اسرائيل وقطاع غزة، او في مدينة القدس، او النشاط الدبلوماسي والحراك السياسي الذي ارتفعت وتيرته بين دول الاقليم، الا ان الانشغال الرئيس للدولة والنظام الايراني ينصب على المعركة الداخلية، باستثناء الاشارة الخجولة الصادرة عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والتي جاءت في سياق الجدل حول الانتخابات الرئاسية، عندما سوغ قرار عدم مشاركته في هذا السباق، برغبته في التفرغ لمتابعة الملفات الحساسة التي يتولى مهمتها، ان كان في الملف النووي او الحوار الاقليمي. بالاضافة الى مواقف اخرى من قيادات عسكرية في الغالب يسيطر عليها طابع الترقب والانتظار، خاصة في الموضوع الفلسطيني الذي ابعد احتمالات المواجهة المباشرة بين طهران وتل ابيب، وما يمكن ان يرافقها من تداعيات لا ترغب بها القيادة الايرانية. وهي مواقف لم تغيب االاهتمام والتركيز، على ما تشهده اللحظات الاخيرة الحاسمة لمعركة الانتخابات الرئاسية، والصورة التي ستكون عليها والشخصيات التي قد تشكل مشروعا حقيقيا، لتولي رئاسة السلطة التنفيذية في الاشهر المقبلة، وفي يد اي من المعسكرين ستكون.

إقرأ ايضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوببة»: واشنطن و طهران.. «يتمنعن وهنّ الراغبات»!

مع اقتراب موعد اقفال باب الترشح للانتخابات الرئاسية الايرانية يوم غد السبت في 15/4، يبدو ان الامور بين القوى السياسية، تنحو باتجاه حصول معركة غير متكافئة بين مرشحي او مرشح التيار المعسكر المحافظ ومرشحي القوى الاصلاحية. ومن المرحج الغالب ان تكون هذه المعركة لصالح الفريق المحافظ.

معركة غير متكافئة بين مرشح التيار المعسكر المحافظ ومرشحي القوى الاصلاحية

في الاجابة على تساؤل قد يطرح حول هذه المعادلة بين المحافظين والاصلاحيين، ولماذا قد تكون لصالح المحافظين؟ يمكن القول بان المؤشرات على ذلك بدأت بالظهور قبل ايام، مع اعلان اوساط مقربة من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، تخليه وعزوفه عن خوض سباق الانتخابات الرئاسية، لصالح مرشح الاجماع المحافظ رئيس السلطة القضائية ابراهيم رئيسي.

وقد تعزز هذا الاعتقاد ايضا، من خلال ما نقلته الاوساط السياسية والاعلامية عن امين المجلس الاعلى للامن القومي السابق سعيد جليلي، نيته الانسحاب من السباق والترشح في حال تقدم رئيسي بترشحه، اما اذا لم يترشح رئيسي فانه سيستمر في هذا السباق، وينافس من داخل القوى المحافظة للفوز بدعمها للوصول الى رئاسة السلطة التنفيذية.

رئيس السلطة القضائية يتجه لاعلان ترشحه قبل موعد اقفال باب الترشحيات والاعلان سيكون من قرب قبر سليماني

اعلان ابرز اسمين من مرشحي التيار المحافظ الانسحاب من السباق الانتخابي لصالح مرشح الاجماع، ترافق مع تأكيدات من اكثر من جهة داخل التيار المحافظ، بان رئيس السلطة القضائية يتجه لاعلان ترشحه في الساعات الاخيرة قبل موعد اقفال باب الترشحيات، وان اعلان الترشح سيكون من قرب قبر اللواء قاسم سليماني في مدينة كرمان شرق ايران. ليكون هذا الاعلان بمثابة تأكيد هويته السياسية، وانه يمثل الامتداد الطبيعي والحقيقي لتوجهات المرشد الاعلى، وتعبيرا عن الالتزام باستراتيجية النظام، وانه سيكون استمرارا لسياسات هذا الرجل في ابعادها الثورية والعقائدية والسياسية الداخلية والاقليمية.

اجماع مراكز القرار داخل المعسكر المحافظ حول رئيسي كمرشح لها وعنها، جاء بعد سلسلة مناشدات اصرت الجهات التي توقف وراءها، على اعطائها طابعا شعبيا بالطلب من رئيسي الدخول في المنافسات، هدفها ايصال رسالة الى كل المرشحين من هذا التيار الذين سبق ان قدموا ترشيحاتهم، بان اي واحد منهم لن يكون على لائحة الاسماء التي يمكن ان تكون بديلا عن هذا المرشح.

لاريجاني يمر في حالة من التردد، بين قدرته على تحقيق خرق في صفوف القوى والاحزاب المحافظة

وفي الوقت الذي يذهب المعسكر المحافظ، الى توحيد قراره وصفوفه خلف رئيسي بانتظار الخطوة الاخيرة لاعلان ترشحه رسميا، يبدو ان الرئيس السباق للبرلمان علي لاريجاني يمر في حالة من التردد، بين قدرته على تحقيق خرق في صفوف القوى والاحزاب المحافظة، وامكانية ان تقف الى جانبه في معركة الصف الواحد في مواجهة رئيسي، وبين حصول اجتماع داخل المعسكر او بين القوى والاحزاب الاصلاحية على تبني ترشيحه كشخصية وسطية قادرة على المنافسة الحقيقية، وبانتظار مؤشرات جدية عن الجبهة التي قد تقف معه وتدعمه في هذا السباق، فمن المتوقع ان يحسم لاريجاني قراره وخياره في الساعات المقبلة، بين المشاركة من عدمها خاصة اذا ما حصل على دعم وتأييد مباشر وواضح من الرئيس الاسبق محمد خاتمي. وفي حال كان القرار عدم الترشح، فان ذلك يؤشر على حصول شبه يقين، بان النظام وقوى السلطة تقف وراء المرشح رئيسي، اذا ما اعلن ترشحه، وبما يقطع الطريق على اي امل لدى المرشحين الاخرين.

على المقلب الاخر، الاصلاحي،  يبدو ان قرار حفيد المؤسس حسن الخميني الانسحاب من السباق الرئاسي، لم يكن سهلا على المعسكر الاصلاحي، الذي خسر ورقة اجماع كان من المقدر لها ان تلعب دورا في توحيد صفوفه.

النكسة الاصلاحية لم تقف عند خسارة الخميني، بل باعلان ظريف أيضا عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية

النكسة الاصلاحية لم تقف عند خسارة الخميني، بل تلقي هذا التيار ضربة اخرى ايضا، باعلان وزير الخارجية محمد جواد ظريف عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية، ورفضه الخوض في هذه المنافسات لاعتبارات شخصية وسياسية، ورغبته في التفرغ لمتابعة الملفات الحساسة التي يتولى مهمتها، ان كان في المفاوضات النووية او الحوار الاقليمي والانتفاح على دول المنطقة.

هاتان الخسارتان اللتان يمكن وصفهما بالصفعة للمعسكر الاصلاحي، اعادتا جهوده الانتخابية الى دائرة الصفر، في ظل صعوبة التوصل الى مرشح اجماع بين القوى والاحزاب التي تمثله، وايضا في ظل عدم قدرة اي من الشخصيات المترشحه او المتصدية لهذه الانتخابات، بان تشكل حافزا ومحفزا للقوى الشعبية المؤيدة لهذا المعسكر، بالمشاركة في عملية الاقتراع وقلب المعادلة الانتخابية التي يبدو فيها المعسكر المحافظ اكثر تنظيما ووحدة، خلف مرشح اجماع يمكن ان يحصل على اكثر من 70 في المئة من اصوات القواعد الشعبية للمعسكر المحافظ. 

السابق
في جرود الهرمل.. قصف إسرائيلي لآلية تهريب تابعة لـ«حزب الله»!
التالي
الحرارة دون معدلاتها.. كيف سيكون طقس الـ«weekend»؟