حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: ليتك لم تزنِ ولم تتصدقِ

حارث سليمان
يخص الناشط السياسي والأكاديمي الدكتور حارث سليمان "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

سقطت منظومة الفساد والفشل والتفاهة والارتهان للخارج واصبحت شتيمة او مهانة… وسقط مبرر وجودها على رأس سلطة لا تستحق اسمها…

سلطة تأخذ قراراتها من خارج مؤسساتها، التي تحولت اشكالا وهياكل خاوية فارغة من اي صلاحيات او معيار او مرجعية قيمية قانونية او دستورية…

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: ترسيم الحدود بين القاضي والقراقوش والقراكوز

سقطت هذه المنظومة وسقطت هيبتها بعد ان فشلت في تسيير مرافق الدولة وخدماتها.

فقصرت في تأمين الكهرباء على مدى خمسة وعشرين سنة كاملة، وعجزت عن اعتماد سياسة رشيدة لإدارة الثروة المائية، وتأمينها للزراعة والشفة والخدمات المنزلية والصناعية، فأنشأت سدودا لا ماء فيها، وخربت قطاع الاتصالات الخليوية والمخابرات الدولية فجعلته متخلفا بعد تقدم، وخاسرا بعد ربح، ومنخفض الجودة والخدمة بعد ان كان رياديا واعدا…

فقصرت في تأمين الكهرباء على مدى خمسة وعشرين سنة كاملة

وسقطت هذه المنظومة حين مارست التخريب البيئي المنظم، فجعلت من ملف معالجة النفايات المنزلية ملفا شائنا من الخطايا، حيث تتركز فيه، اسوأ خدمة، بأغلى تكلفة، وبأعلى معدل تلوث وضرر بيئي، وحيث اصبح تقاسم ارباحه التي تذهب لتمويل الاحزاب السياسية مجالا للنزاع بين اطراف المنظومة ذاتها، وحين استباحت قمم جبال لبنان وشواطئه ورموله، فانتشرت المقالع والكسارات في كل ارض وصلت اليها يد نافذ او صاحب سلطة…

سقطت المنظومة حين جعلت من مهمة مواجهة جائحة كورونا، استعراضا اعلاميا لعنتريات فارغة

سقطت المنظومة حين جعلت من مهمة مواجهة جائحة كورونا، استعراضا اعلاميا لعنتريات فارغة، تعتمد خبط عشواء اجراءات لا تستكملها، وخطوات لا تنفذها، وحين سمحت بان تتحول حملة التلقيح الضرورية الى استنساب هزلي يوزع لأصحاب الحظوة، او يفتح طرق تهريب اللقاح او بيعه في السوق السوداء او في الخارج، وحين تلاعبت بمواصفات الادوية المستوردة وعرضت النظام الصحي والاستشفائي اللبناني الى مخاطر الانهيار والتعثر وانخفاض مستوى ادائه وخدماته.

سقطت هذه المنظومة حين تلاعبت بمعايير الجودة في مؤسسات التعليم العالي، وسمحت بتفريخ عشرات الجامعات على اسس طائفية وحزبية، وحين تراخت في ضبط مستوى شهاداتها واداء مختبراتها وتجهيزاتها، فأنتجت خريجين حاملي شهادات لا قيمة لها لا على صعيد المعلومات ولا على صعيد الخبرات…

سقطت هذه المنظومة بخواء اجهزتها الامنية كافة، غير الراغبة او القادرة، على مواجهة تحديات الدفاع عن حدود لبنان

سقطت هذه المنظومة بخواء اجهزتها الامنية كافة، غير الراغبة او القادرة، على مواجهة تحديات الدفاع عن حدود لبنان في وجه عدو طامع، او حفظ امن شعبه واستقرار مجتمعه وسكانه، والمستقيلة من واجباتها في ضبط وتقييد حركة البضائع والسلع والاشخاص، واستيفاء حقوق الدولة المالية طبقا للقوانين، عبر معابره الحدودية جوا وبرا وبحرا… وحين تواطأت جهات نافذه من هذه الاجهزة مع احزاب وميليشيات عسكرية، في انتهاك قواعد السلامة العامة والقانون الدولي، وسهلت او تغاضت عن اعمال الجريمة المنظمة والتهريب .

سقطت هذه المنظومة وآن اوان دفنها، بعد صنعت مختارة عامدة متعمدة، انهيار هيبة لبنان كوطن بهي وحديث، بعدما استتبعت سلطاته القضائية وضابطاتها العدلية، وحولت اجراءات احقاق العدالة المرتجاة في ربوعه الى حفلة سمجة، تختصرها قبضات غاضبة تنتصر لموقع قضائي متمرد على موقع قضائي آخر، استنكف عن تحمل مسؤولياته بإنصاف المظلومين والمهدورة حقوقهم، حتى بات المشهد زعما بتنفيذ القانون عبر الخروج عن القانون وعصيانه…

سقطت المنظومة يوم تخلت عن سيادة الدولة وحماية الوطن، وتركت حدودها سائبة ولقمة سائغة، ينتهكها كل طامع، سواءً كان شقيقا على حدودها الشمالية او عدواً في الجنوب، أو صاحب نفوذ يقيم اقتصادا أسوداً، ويهدر موارد الوطن الجمركية ورسوم الدولة المالية….

سقطت هذه المنظومة يوم تخلت عن أدنى واجباتها، في محاولة وقف الانهيار المالي

سقطت هذه المنظومة يوم تخلت عن أدنى واجباتها، في محاولة وقف الانهيار المالي والاقتصادي، وتنظيم توزيع اعباء الكارثة المالية والاقتصادية بشكل متوازن، وهي كارثة صنعتها بذاتها، بفسادها وبطرها وشهواتها للمال والنفوذ…

المنظومة التافهة اصبحت تشكل خطرا متعاظما على حياة الشعب اللبناني، بعد ان افلسته وسرقت ودائع أغنيائه واستباحت الاموال العامة وملكيات الدولة والبلديات، وتسببت بانهيار القدرة الشرائية لكافة العاملين واصحاب الاجور، فدفعت اغلبية الشعب اللبناني الى نفق الجوع والفقر والبطالة والانهيار…

سقطت المنظومة يوم قبلت وتواطأت مع عمليات التهريب المنظمة، التي تجري للمواد والسلع المدعومة اسعارها من مصرف لبنان لتزويد النظام السوري باحتياجاته، من حساب مصرف لبنان ورصيد احتياطاته من العملة الاجنبية، تبديدا اضافيا لما تبقى من ودائع اللبنانيين في مصارفهم.

سقطت المنظومة يوم قبلت وتواطأت مع عمليات التهريب المنظمة

كما اصبحت المنظومة غطاء للجريمة المنظمة، من غسيل الاموال وتخزين المتفجرات وتوزيعها وتهريبها الى عواصم العالم ومدنه، كما ظهر من حقائق تكشفت بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت وما تبين من معلومات حولها…

وجديد انجازات هذه المنظومة ومفاخرها، انها اصبحت خطرا متماديا على دول العرب والعالم، حيث يتم استهداف شعوبها بالمخدرات والسموم التي يتم تهريبها الى مجتمعاتها، بحيث اصبح يتوجب على كل دول العالم مواجهة المنظومة و محاصرتها و رقابتها وحتى القيام بردعها! …

جديد انجازات هذه المنظومة ومفاخرها، انها اصبحت خطرا متماديا على دول العرب والعالم، حيث يتم استهداف شعوبها بالمخدرات والسموم

تهاوت وظائف السلطة التي تديرها هذه المنظومة، فبأي ميزة تريدون حكمنا!؟ وتهاوت شرعيتها، فبأي مهارة تثبتون جدارتكم بقيادتنا!؟ وتهاوت قانونيتها فبأي فضيلة أو تقوى او عفاف تستعيدون ثقتنا، وانتم لستم من أهل هذه السجايا! …وبأي توبة تستميحون غفراننا، وتكّفرون بها عن ما اقترفت فيها اياديكم من خطايا، وانانياتكم من حقارات، وصغائركم من تفاهات، وشهواتكم من كبائر و إرتكابات! واي انجاز تحققوه فتهدؤون به بركان غضبنا وغضاباتنا.!

وبأي مطهر او صومعة ستتنسكون وتميتون اجسادكم الشريرة، حتى تستطيعوا، ان تعيدوا لوجوهكم، ماء عزتها، والق الاحترام وبعض المهابة.

سقطتم معنى ودورا ووظيفة ومهابة فلما لا تسقطون فعلا وترحلون… لم يبق منكم الا ثلاثة ادوار فقط:

  • الاول توزيع كراتين الاعاشة تتصنعون من خلالها دور الاغاثة والصدقة، وهو امر زائف ومعيب؛ زائف لانكم تتصدقون من اموال الناس لا من اموالكم، ومعيب لانكم تحاولون اعادة تشكيل نفوذكم عبر جعل المواطنين متسولين شحادين؛ حتى صح بكم قولان؛ الاول” ليتك لم تزنِ ولم تتصدق” والثاني شعر المتنبي:

«جوعان يأكل من زادي ويطعمني حتى يقال عظيم القدر مقصود»

  • الثانية الوقاحة، تتناوبون فرادى وجماعات على ارتكابها، تارة يقوم بارتكابها وزير لم تغادر حركته السياسية مقاعد السلطة منذ ٣٧ سنة، فيدعوا الناس للثورة ضد سلطة حولته من فقير معدم الى غني بطر! وطورا يمارس الوقاحة آخر يدعونا لاصلاح بقيادته، بعد ان عجز عن التقدم خطوة واحدة في هذا الطريق منذ ١٦ سنة مضت.
  • الدور الثالث هو حزب الله وسلاحه وخطوطه الحمراء واتهاماته وافتراءاته وتهديداته واستكباره واستقوائه.

نعم كراتين الاعاشة والوقاحة واستكبار حزب الله يمنعون دفن جثة سلطة سقطت معنى ومبنى، واصبحت خطرا على شعبها ودول جوارها، لكن الوقاحة والكراتين وحزب الله ليست وصفة، لا لحياة سعيدة ولا لمستقبل اجيال جديدة!

السابق
القرار السعودي أول الغيث.. هل تصل الأمور الى مقاطعة لبنان سياسيا؟
التالي
الكلام للعهد… والأفعال لـ«حزب الله»