«حزب الله» والكنيسة.. حوار «لزوم ما لا يلزم»!

حزب الله والتيار الوطني
مرت الجولة الأولى من جولات الحوار المزمع بين حزب الله والكنيسة المارونية في لبنان، من دون أن تضيف هذه الجولة جديداً في الملفات العالقة، فهل سيكون مصير هذا الحوار فاشلا كمصير سائر الحوارات؟

بداية كان اللقاء الأول بين الطرفين من الدرجة الثانية، واقتصر على التشريفات والمجاملات، ولم يدخل في عمق وصلب البحث حول الإشكاليات الأساسية التي دفعت حزب الله للتحرك نحو حوار مع الكنيسة المارونية. 

ويظهر أن هذا الحوار سيكون كسائر الحوارات التي خاضها حزب الله في تجربته السياسية في الداخل اللبناني منذ نشأته وحتى الآن، هذه الحوارات التي كانت تنتهي بقلب الطاولة وانقلاب حزب الله على المحاورين كما حصل في ورقة تفاهم بعبدا زمن رئاسة العماد ميشال سليمان، والذي كانت نتيجته الانسحاب التكتيكي منه من قبل حزب الله الذي انقلب على ما رضي به في هذا التفاهم، خصوصاً في مسألة عدم التدخل في شؤون الدولة السورية الداخلية.

إقرأ أيضاً: الراعي «يقصف» مجدداً على جبهة السلاح غير الشرعي..لا تشريع او تغطية له!

وكما حصل في حوار الاستراتيجية الدفاعية من قبل زمن رئاسة العماد إميل لحود، والذي أعقبه تدفق السلاح والصواريخ إلى حزب الله بكميات مهولة إلى لبنان سيما تقنية الصواريخ الذكية، وتحول بعدها لبنان إلى منصة صواريخ من الدرجة الأولى لما يسمى بمحور المقاومة، هذه المنصة التي لا تردع اعتداءات وتهديدات كيان العدو الإسرائيلي بقدراتها النوعية فحسب، بل هي قادرة على التأثير على أمن واستقرار كل المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج !  

حوار فاشل 

فحوار حزب الله اليوم مع الكنيسة المارونية سيكون مصيره مصير بقية حواراته السياسية الفاشلة في تجربته الميدانية في الداخل اللبناني، ويظهر أن الحزب أراد من خلال ربط قرار الكنيسة المارونية بمسمى حوار، أراد من خلال ذلك المناورة حتى لا يخسر جزءاً من تأييده في الشارع المسيحي اللبناني في الداخل والخارج، فهو يدرك مدى تأثير الكنيسة المارونية في الساحة السياسبة الداخلية وعلى المسيحيين اللبنانيين عموماً في الداخل والخارج ، وقد التمس تداعيات موقفه من تخطئة وتخوين البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ، حيث قام جيشه الإلكتروني بهجوم تصعيدي ضد البطريرك الراعي على أثر تمسك الأخير بحياد لبنان الإيجابي عن الصراعات الإقليمية الكبرى في منطقة، ودعوته للتدخل الدولي لحل أزمة الحكم في لبنان بعد عجز القادة اللبنانيين عن حلها بما يتهدد استمرار الكيان اللبناني برمته، لو بقي الحكم بلا رأس قادر على تحريك عجلة الحلول ..  

فلا الحياد الإيجابي عن مشاكل المنطقة سوف يُرضي مشغلي حزب الله الإقليميين، الذين أصبح هو أسيراً لهم في مواقفه السياسية لأنهم أولياء نعمته، ولا التدويل بمفاعيله الوقتية الآنية على النظام اللبناني سوف تروق للحزب وقيادته، التي تسرح وتمرح الآن في كل لبنان وفي كل قطاعات الدولة اللبنانية بلا حسيب ولا رقيب !  

فحوار حزب الله مع الكنيسة المارونية بلا أفق، ولا ينبغي تعليق الآمال عليه، ولعل هذا هو ما دفع البطرك الماروني لعدم الحضور في واجهة هذا الحوار، وقصره على محاوري الدرجة الثانية، هذا إن كُتب لجلسته الثانية أن تنعقد أو تنتهي بنتيجة ..  

الحياد واقعي 

والمشكلة الأساس في عدم قبول حزب الله ” للحياد والتدويل” هي في كونه يقوم بتفسير الحياد والتدويل بما تهوى الأنفس، فلا الحياد الذي قصدته الكنيسة المارونية يعني ترك الحذر من العدو الصهيوني وإلغاء كل أوجه المقاومة ومظاهرها في لبنان، ولا التدويل في قاموس البطريرك الماروني معناه تصفية الدولة اللبنانية وجعل زمام الأمور بيد الأجنبي ..  

فالحياد الذي تراه الكنيسة هو كحياد لبنان في كثير من مشكلات العالم، وليكن عمل اللبنانيين على حجم قدراتهم، فاللبنانيون بالمنطق والعقل غير قادرين على إنهاء وجود إسرائيل لوحدهم ما لم تقف معهم جيوش المنطقة، وهم بحاجة للدعم الدولي للقضاء على خلافات أزمة الحكم التي لن تنقضي لو تركت للقادة المحليين المتخبطين في كل الملفات وانتاج الحلول ولو المؤقتة، وهذا بالفعل ما كان يتجه إليه الوضع بقبول المبادرة الفرنسية والتي انقلب عليها حزب الله وفريقه السياسي بشكل تكتيكي وممنهج، رغم قبوله بداية بالمبادرة عقب مشاركته بلقاء الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر !  

وإزاء كل هذه الانقلابات المتكررة من قبل حزب الله وفريقه السياسي يصبح الحوار معه كحوار الطرشان، ويصبح حل تدويل الأزمة اللبنانية واقعاً مريراً لا بد من تجرع مرارته سواء أكره أم رضي البطريرك الراعي وكره الكارهون … 

السابق
اطلالة ثانية لباسيل في يومٍ واحد: بسبب التفاهم مع «حزب الله» يعتبروننا ضد السنّة!
التالي
بالفيديو: مبادرة مميزة من مغترب لبناني.. حتّى الليرة «ترجع تحكي»!