المحال التجارية «تُصفر» من نقص البضائع والزبائن..وأصحابها على طريق الإقفال!

مواد غذائية
"محل برسم الايجار" "مستودع برسم البيع أو الاستثمار". إعلانان باتا شائعان في كل الاسواق التجارية في لبنان من الكسليك مرورا بإنطلياس والزلقا وصولا إلى بيروت وصيدا وصور والنبطية وجبل لبنان والضاحية الجنوبية، حيث يزداد شهريا عدد المحال التجارية التي تُقفل أبوابها بسبب الازمة الإقتصادية.

وهذه الازمة، دفعت الكثير من اللبنانيين إلى الاحجام عن التسوق وشراء الثياب والاحذية والجزادين والكماليات، كما كل ما يتعلق بمفروشات المنازل والاكتفاء بشراء ما يسد قوت عيالهم، ومما زاد “الطين بلة” هو إنتشار جائحة كورونا وما فرضته من إقفال عام زاد من تراجع المبيعات لدى أصحاب هذه المؤسسات.

جباعي لـ”جنوبية”: 60 بالمئة من المؤسسات التجارية مرشحة للإقفال والبقاء لكبرياتها

 أما السبب الآخر فهو إنهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار ما يدفع الكثير من المالكين،  إلى زيادة إيجاراتهم على المستأجرين (لأن القانون بنص على دفع بدل الايجارات على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد)، عندها يضطر المستأجر إلى ترك محله لأنه لا يستطيع دفع الزيادة المطلوبة بسبب تراجع المبيعات.

يشرح جواد جابر (صاحب محال تجارية) هذه المعضلة التي يقع فيها أصحاب المحال والمستأجرين  بالقول ل”جنوبية”، “أتكل على إيجار محالي لكي أعيش، قبل الازمة كان مبلغ مليون ليرة (إيجار المحل الذي يملكه) يساوي حوالي 650 دولار أما اليوم فيبلغ 125 دولار، فكيف يمكن أستمر بهذا الوضع وفي ظل الغلاء المستفحل الذي نعانيه؟ علما أن العديد من المستأجرين لم يسددوا لي الايجار السنوي نهاية العام2020 بسبب ضيق حالهم”.

من جهة المستأجرين يروي صاحب دكان بقالة في حارة حريك محمد حمزة ل”جنوبية” أنه ترك دكانه بعدما أصر صاحب الملك على زيادة 500 ألف ليرة على مبلغ 750 ألف ليرة (قيمة الايجار)، يقول:”زبائني من الموظفين والعمال المحدودي الدخل وقد تراجعت كثيرا نسبة البيع عندي، بسبب تراجع أحوالهم ولا قدرة لي على دفع هذه الزيادة، ففضلت الانتقال إلى مكان أرخص ولو في الامر مغامرة و خسارة زبائني”.

الحمرا تودع مؤسساتها تباعا

على ضفة محال الالبسة والمقاهي الوضع أكثر سوءا، إذ يقول رئيس نقابة تجار الحمرا زهير عيتاني ل”جنوبية” أن”نسبة كبيرة من المحال التجارية أقفلت أبوابها في شارع الحمرا ولا سيما المقاهي والمطاعم التي تدفع  بدل إيجارات كبيرة”، شارحا أنه “لم يبق إلا المحال التي تدفع على نظام الايجار القديم، إذ أن هناك محال تجارية ومؤسسات تدفع بدل إيجار يزيد عن 130 ألف دولار سنويا، هذا النوع من المتاجر أقفل أبوابه تقريبا وعددهم نحو 14 متجر في شارع الحمرا”.

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: الوحش والبهي والمرآة

يلفت عيتاني إلى أن “الاقفال العام يساهم في زيادة الازمة لكن المشكلة هي في الوضع الاقتصادي السيء، وهذا الوضع في الحمرا متطابق مع أسواق بربور ومار الياس، إذ أن كل متاجر الكماليات والالبسة متأثرة سلبا بالأزمة الاقتصادية وحال هذه الاسواق هو كحال الأسواق الاخرى في كافة المناطق اللبنانية”.

مشهد الاقفال يتظهر بعد إنتهاء الحجر

والسؤال الذي يطرح هنا، هل نحن المزيد من الاقفال بسبب الركود الاقتصادي والاقفال المتكرر؟ يجيب رئيس نقابة تجار بيروت نقولا الشماس “جنوبية” بالقول:”لا يمكن  توضيح الصورة قبل الانتهاء من مرحلة الحجر الصحي  ولتظهر ما سيكون عليه الواقع”.

يضيف:” إذا ضرب قطاعنا فستعجز الدولة عن تحمّل مسؤوليتها الاجتماعية والصحية”، مطالباً بـ”إعادة النظر بمعايير إعادة فتح البلد لا سيما في تصنيف القطاع التجاري”، ويشدد على انّ “تغييب الصوت الاقتصادي بالكامل غير مقبول”.

الشماس لـ”جنوبية”: عدد المؤسسات المقفلة يظهر بعد إنتهاء الحجر   

يؤكد الشمّاس الاستعداد للالتزام بأقصى الاجراءات الوقائية والبروتوكولات الصحية، والنقابة تحضّر بروتوكولاً للمحال الفردية وللمجمعات التجارية لمناقشتها مع لجنة كورونا بانتظار إعادة الفتح”.

ركود إقتصادي خطير

على ضفة الخبراء الاقتصاديين يشرح الخبير الاقتصادي والمالي محمود الجباعي ل”جنوبية” أن “لبنان يعاني  حاليا من حالة ركود إقتصادي خطيرة جدا ومعظم  المنشآت التجارية الموجودة في البلد  معرضة للإقفال لأسباب عدة، أبرزها الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعاني منها منذ نحو سنتين من دون أي أفق أو حل، وفي غياب الافق السياسي لتشكيل حكومة توقف النزيف الاقتصادي الحاصل وتعطي الامل  بفرصة  للبقاء، لأننا حاليا في قعر الانهيار الاقتصادي”.

 يضيف:”نحن في مرحلة صعبة جدا ولا يمكن للمؤسسات التجارية والسياحية ان تستمر، في ظل وجود المهاترات السياسية التي تضيع الفرصة على لبنان للخلاص من أزمته والبدء بعملية النمو”، لافتا إلى أن “الوضع الصحي وجائحة كورونا وما سببته من إقفال للبلد كل ذلك أدى إلى إضعاف الناتج المحلي وإنتاجية العمل والربح، مما يجعلها أقل قدرة على الصمود خصوصا في ظل إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة و إنخفاض القدرة الشرائية لمعظم المواطنين”.

بعد إنتهاء مرحلة الاقفال يتوقع جباعي “صرف مزيد من العاملين في القطاعات التجارية،  بعد أن كانت المرحلة الاولى هي في تخفيض رواتبهم، ويمكن أن نصل إلى مرحلة إقفال هذه المؤسسات إذا إستمرت الامور على الحال هذه”.

عيتاني لـ”جنوبية” : الاقفال يزيد الازمة الوضع الاقتصادي السيء

ولفت إلى أن “هذه المؤسسات لم تعد تستطيع زيادة أسعارها على المواطنين لإنعكاس هذه الامر سلبا لديها، ولن تستطيع الاكمال بنفس الاسعار بسبب إرتفاع كلفة الانتاج والاستيراد، وهذا الامر سيوصلنا إلى معدل مرتفع من إقفال المؤسسات التجارية والتي قد يصل نسبته إلى 60 بالمئة، ولن تبقى في السوق إلا المؤسسات الكبيرة التي لديها مخزون من البضائع او مخزون ربحي او قوة نقدية يخولها الاستمرار وهذا يعني تفاقم بطالة أكبر وإنهيارات في القطاعات الانتاجية في البلد” .

السابق
حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: الوحش والبهي والمرآة
التالي
الحب وخريف البطريك