كلام ماكرون لن يكون «صرخة في برية».. هل تولد الحكومة في شباط؟!

ماكرون

أعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الزخم لمبادرته الفرنسية منذ أيام، واضعا نصب عينيه الدفع بكل قواه السياسية والدبلوماسية والدولية، حتى لا يتحول كلامه “حول ضرورة ولادة “حكومة مهمة” تُنقذ بلاد الارز من براثن الزوال إلى صرخة في برية، في الوقت الذي يجمع كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون و المكلف سعد الحريري كل أسلحتهما، لإستخدامها في حرب البيانات حول الصلاحيات الدائرة بينهما منذ نحو 5 أشهر، والتي تزداد حماوتها وشراسة مفرداتها بشكل غير مسبوق.

اقرا أيضاَ: ماكرون لم يتصل بالحريري.. «الأصفر»و«البرتقالي» بطلا التعطيل ؟

اليوم دخلت عين التينة على هذه الحرب من خلال إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري في بيان  أنه “لا يجوز لأحد على الإطلاق الحصول على الثلث المعطل” راميا قنبلته في  وجه رئيس الجمهورية، ومشددا على أن “ان العائق الذي يقف في وجه ولادة حكومة الرئيس الحريري ليس من الخارج بل من “عندياتنا”. لكن سرعان ما جاءه نفي مكتب الاعلام في الرئاسة الاولى بأن “الرئيس عون الذي لم يطالب مطلقاً بالثلث المعطل، حريص في المقابل على ممارسة حقه في تسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاءة”.

كل هذه التطورات الداخلية من حرب بيانات وتبادل إتهامات وإنفلات أمني في طرابلس وتدهور معيشي في كل لبنان، يدفع للتساؤل عن مدى فعالية التحرك الفرنسي وعن الجديد الذي يحمله، لكي يضمن وصوله  إلى النتيجة التي يريدها المجتمع الدولي، المتمسك بالنسخة الاصلية للمبادرة ومن دون تعديلات اي حكومة تكنوقراط وأخصائيين؟.

 يجيب مصدر دبلوماسي “جنوبية” على هذه الاسئلة بالقول أن “الفرنسيين برغماتيين ويعرفون أن الواقعية السياسية تقتضي بأن لا يستثنوا أي طرف داخلي أو خارجي  من مروحة مشاوراتهم،  منذ أن أطلق الرئيس ماكرون مبادرته في 6  آب من العام الماضي”، لافتا إلى أن “هذه المبادرة قد خفت وهجها في الشهرين الماضيين لأسباب متعددة منها تعنت الطبقة السياسية ونكثها لوعودها، ألا أن الفريق الفرنسي المخول متابعة تنفيذ المبادرة طوال الفترة الماضية، كان على تواصل يومي مع الافرقاء اللبنانيين للبحث في المخارج المتاحة، ويقدم تقريره حول هذه المباحثات إلى الرئيس الفرنسي، إلى أن حانت اللحظة السياسية لإعادة تسويق هذه المبادرة لدى الاطراف الدولية المعنية، أي الولايات المتحدة الاميركية وايران والمملكة العربية السعودية”.

هذه المرة حصّن ماكرون مبادرته  بالتنسيق مع هذه الدول، التي لها مصالح مشتركة في أكثر من ملف في الاقليم ومنها لبنان

يضيف المصدر :”هذه المرة حصّن الرئيس ماكرون مبادرته  بالتنسيق مع هذه الدول، التي لها مصالح مشتركة في أكثر من ملف في الاقليم ومنها لبنان، وهو اليوم في مرحلة طهي كل هذه المساعي حتى تنضج، فتكون “حكومة المهمة” في لبنان إحدى أطباقها السريعة التي ستُقدم على مائدة التسويات الدولية، حيث من المتوقع أن تولد حكومة الرئيس الحريري خلال شهر شباط الحالي”.

رياض طبارة

 يوافق سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة رياض طبارة على أن “الجهد الذي يبذله الفرنسيون يجري بالتنسيق مع الايرانيين ودول الخليج وبرضا أميركي، والدليل هو الحراك الداخلي بين الاطراف المعنية وبيان الرئيس بري الذي لا يمكن ان يصدر من دون التنسيق مع حليفه حزب الله”، إذ يقول ل”جنوبية”:المبادرة الفرنسية – الاميركية هي الوسيلة لتحقيق أهداف الفرنسيين والاميركيين الذين لا يضعون ملاحظات كبيرة على المبادرة، وهي رأس الحربة بالنسبة لهم رغم أنها فقدت من زخمها نتيجة تطورات كورونا في فرنسا أو الانتخابات الاميركية في الولايات المتحدة، لكنها تبقى الاساس في تحرك الفرنسيين في لبنان”، مشددا على أن “الفرنسيين أعادوا  إحياءها، و حزب الله سيساعد في نجاحها هذه المرة، لأن ماكرون إستحصل من الادارة الاميركية الجديدة على وعد بعدم تطرفهم في التعامل مع حزب الله، مقابل  شروط معينة على الحزب الالتزام بها”.

طبارة لـ”جنوبية:” الشرخ بين عون والحريري لن يدوم جراء الضغوط الدولية  

يضيف:” لكن الولايات المتحدة لن تستعمل العصا الغليظة مع الحزب في الفترة المقبلة، من هنا يمكن تفسير كلام  بري لجهة معايير تسمية الوزراء الشيعة في الحكومة المقبلة، ورفضه الثلث المعطل وحّث رئيس الجمهورية على سلوك الطريق نفسه”، مشيرا إلى أن “الاميركيين يعرفون ان حزب الله موجود في الحكومات السابقة وفي مجلس النواب ويغضون الطرف،   وبالرغم من ذلك لم تنقطع المساعدات الاميركية للمجتمع الدولي والجيش اللبناني، مستطردا” ما يريده الاميركيون والفرنسيون في هذه المرحلة أن لا تولد حكومة يسيطر عليها حزب الله، أي حكومة تكنوقراط من دون ثلث معطل  وهذا يفي بالشروط بالنسبة لهم”.

يرى طبارة أن “الفرنسيين والاميركيين لديهم مصلحة خاصة لتأليف حكومة لبنان ومنع إنهياره، الفرنسيون لا يريدون ان يتوجه النازحون نحو أوروبا إذا حصل الانهيار، والاميركيون يريدون إنهاء ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، لافتا إلى أن  “الشرخ الكبير بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ، لن يدوم في ظل الضغوط الفرنسية والاميركية الكبيرة التي تمارس على كل الطبقة السياسية وهي غير مسبوقة، و قد جرب المسؤولون اللبنانيون “الشدة الاميركية” التي دفعتهم لقبول المفاوضات حول ترسيم الحدود بعد سنوات من الممانعة”.

السابق
الأبيض يستنكر اداء بعض وسائل الاعلام: لا يمكن زرع الشك لزيادة عدد المشاهدين!
التالي
قرار مفصلي في حياة نادين نجيم.. «فعلتها قبل أن يخطف الوقت مني وقتي»