يلبس السوق التجاري القديم في مدينة صور حلة جديدة، بعد عقود طويلة من التشوهات وشبه الفوضى في عملية تنظيم الواجهات والتعديات على حرم الشارع الضيق، المكتظ بالوافدين من ابناء المدينة وبلدات المنطقة والجوار على مدى ايام الاسبوع .
ويأخذ هذا السوق الذي يتفرع منه اسواق فرحات والسمك والخياطين دوره، في عملية اعادة التأهيل والترميم التي انطلقت قبل اكثر من عشرين عاما، في اطار مشروع الارث الثقافي الممول من البنك الدولي ووكالات دولية للتنمية، وينفذه مجلس الانماء والاعمار بالتعاون والتنسيق مع بلدية المدينة، ويمتد الى ثلاثة مراحل كانت شملت على التوالي توسيع الطرقات وترميم مبان اثرية وتاريخية وآثار في موقعي البص وصور وسواها .
إقرأ أيضاً: الأسعار نار.. والمحجورون تحت رحمة «الدكنجي» و«الديليفري»!
الاعمال التي تنفذ في السوق منذ فترة وشارفت على نهايتها ، في القسم الاول الممتد من ساحة البوابة مرورا بمطعم “فتايل محفوظ” الشهير، وصولا الى منطقة المنشية حيث تقع بلدية صور والسراي الحكومي التاريخي، تأتي ضمن المرحلة الثالثة والاخيرة من المشروع بكلفة حوالي مليوني دولار، كانت مخصصة للسوق وتأهيل منطقة رأس الجمل البحرية التي أطيح بها بسبب اعتراضات “المستثمرين” من جهة، وعدم تبني وزارة الاشغال بشكل واضح تنفيذ اعمال اماكن ثابتة “استراحات”على املاك عامة ،حيث تم نقل هذا الاعتماد الى تاهيل القسم الثاني من السوق القديم الذي يضم في غالبيته القصابين و محال بيع السمك و كذلك الالبسة.
تتركز طبيعة الاشغال في السوق المبني في معظمه من حجارة “الكدان”، ومضى على انشائه اكثر من قرن من الزمن، على أظهار المعالم التاريخية للسوق لناحية ترميم الحجارة وتكحيلها، وازالة التشوهات الاسمنتية واسلاك الكهرباء ووضع واجهات حديدية، تتلاءم مع كل طبيعة مؤسسة “محال الذهب مثالا”، وتكريس طابع الالوان في بعض الزواريب اسوة باعمال التلوين في الحارة الشمالية للمدينة “حارة المسيحيين”.
يواكب نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي الاشغال عن كثب للاسراع في انجاز المشروع المنتظر منذ وقت طويل، ويؤكد لـ”جنوبية” ان الاعمال الجارية في السوق “تسير وفق ما هو متفق عليه من معايير، وخاصة اعمال البنية التحتية المتمثلة بشبكة الصرف الصحي، والحفاظ على التمايز العمراني للسوق الذي يعتبر روح المدينة، خاصة وانه يفتح ذراعيه على ميناء الصيادين والاماكن السياحية بما فيها المطاعم”.
ويضيف ان “:الاشغال المنفذة حالية ممولة من الوكالة الفرنسية للتنمية بصيغة “قرض” ضمن مشروع الارث الثقافي، ويهدف الى اعادة تحسين وتجميل السوق وجذب الاسثمار والنشاط التجاري والسياحي ،خاصة بعد ادخال عناصر التلوين “الابيض والازرق” للجدران والنوافذ والابواب لمتفرع من السوق ،وتعزيز الالوان التراثية على واجهات المحال “القرميدي والبني ” وصب الارض بالباطون المطبع كنموذج للمدن الواقعة على البحر الابيض المتوسط”.
يلفت عضو جمعية تجار صور غزوان حلواني لـ”جنوبية” الى “اهمية تنفيذ المشروع في هذه المرحلة الصعبة اقتصاديا وتجاريا، عله يساعد في تحفيز النشاط التجاري للسوق الذي يعتبر شريان المدينة تاريخيا وحديثا”.
ويؤكد بأن “اعمال التجميل والتلوين تتناسق مع طبيعة المدينة التاريخية وبحرها، وان دلت على شيء فانها تدل على التقدم في مفاهيم التطوير والازدهار”.
