«أعجوبة» التمديد تخرج من «المجالس العونية».. وتوقظ «فتنة» دستورية!

لم يعد الكلام عن إمكانية التمديد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون مقتصرا على الصالونات السياسية والتحليلات الصحفية، بل تطور اليوم إلى كلام علني من قبل نائب في تكتل “لبنان القوي” ماريو عون (وضعه في إطار الموقف الشخصي وليس موقف التكتل)، معتبرا أن “عدم التمديد لرئيس عون هو ظلم بحقه وبحق قسم من الشعب اللبناني”، وأضاف:”على كل حال واصلين عليها ولن ندع هذا العهد”.

القراءة ما بين سطور الكلام الصادر عن النائب عون يُفيد أن رئيس الجمهورية يخوض معركته لإبقاء زمام الامور بيده وبيد حلفائه (لا سيما حزب الله)، خصوصا أن ما تبقّى من عمر العهد لم يعد يصلح عملياً لإنجاز أيّ شيء لذلك لا بد من وضع الرئيس سعد الحريري “عند حده”، بعدما تيقن أن تأليف الحكومة الجديدة وفقا لشروط المجتمع الدولي، ستطيح بسيطرته على الامور التي تؤمنها حكومة الرئيس حسان دياب، حيث أن المجلس الاعلى للدفاع هو المسير الحقيقي لشؤون البلاد والعباد وليست حكومة تصريف الاعمال الغائبة عن الوعي.

إقرأ أيضاً: «ولعِت» بين «الأخضر» و«الليموني»: عون «الخرفان» وبري «للفساد عنوان»!

الاخطر بالنسبة لخصوم عون أنه يريد أخذ البلد إلى الفراغ، بدءاً بإستحالة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022 في ظل الازمة السياسية والاقتصادية الحالية، من أجل إنتخاب مجلس نيابي الجديد مهمته إنتخاب رئيس جديد لخلافته، ولذلك فهو(برأيهم) يُعد الاسباب السياسية والمبررات القانونية التي تتيح التمديد لنفسه،(بذريعة أن تعذّر إجراء الانتخابات النيابية ستكون سببا في عدم إنتخاب رئيس جديد)، إلى أن تتغير الظروف الدولية والاقليمية فتسمح بعودة صهره النائب جبران باسيل كمرشح جدي لرئاسة الجمهورية.

مناورة سياسية؟

بغض النظر عما إذا كانت رياح التغييرات الإقليمية والدولية ستجري بما تشتهيه سفن عون السياسية وطموحاته الشخصية، إلا أن طرح التمديد له (ولو من قبل نائب من تكتله) يجعل البحث عن مدى دستورية هذه الخطوة مشروعا، وعن الالية التي يجب سلوكها وفقا لإتفاق الطائف كي تتحول هذه الفرضية أو الأُمنية إلى واقع. وفي هذا الاطار يشرح وزير العدل السابق الدكتور إبراهيم نجار لـ”جنوبية” أن “ما يقال عن التمديد مشكوك فيه لأنه لم يصدر عن دوائر القصر الجمهوري ولا عن التيار الوطني الحر، بل هو من قبيل المناورة السياسية، وإذا صح أن هناك مشروعا من هذا النوع فهو مشروع فتنة لأن غير المؤيدين للتمديد سينزلون إلى الشارع وسيزيد الطين بلة، وأعتقد أنه على الصعيد السياسي هو كلام خال من الصدقية وإمكانية التحقيق”.

نجار لـ”جنوبية”: يخضع لأصول معقدة.. و يحرك الشارع 

يشدد نجار على أن “معركة الرئاسة الاولى في لبنان لم تعد فقط مسألة لبنانية – لبنانية لأن المصالح الاقليمية والدولية باتت متعلقة بها بشكل عضوي”، لافتا إلى أنه “لولا إصرار بكركي على تكريس العرف الذي حظّر إقالة أي رئيس الجمهورية منذ أيام الرئيس إميل لحود (موقف البطريريك الراحل مار نصر الله بطرس صفير) لكانت تبدلت المقاييس والمناورات كليا في لبنان”، ويشير إلى أن “ما يصح في موقع الرئيس الماروني يصح أيضا في موقع رئيس الوزراء السني ولهذا السبب المطالبة بتنحية الرئيس الحريري عن تكليف تأليف الحكومة مليء بالمحاذير”.

يوضح نجار أنه “من الناحية الدستورية يخضع التمديد لأصول ينص عليها الدستور وهي أصول معقدة، وتفترض التوافق بين حكومة ذات صلاحية وأكثرية موصوفة في مجلس النواب، وحكومة تصريف الاعمال الحالية لا تستطيع التطرق إلى هذا الامر لأن التمديد لرئيس الجمهورية ليس من الامور الجائز التطرق إليها”، معتبرا “لو أن النائب ماريو عون مطلّع على دقائق ونصوص الدستور ربما لكان أحجم عن التقدم بهكذا طروحات غير دستورية”.

يضيف:”التمديد للرئيس عون لا يحظى بالاكثرية الموصوفة التي ينص عليها الدستور في مجلس النواب، بل هو من قبيل المزايدات السياسية والتنطح بدعم حلفاء لم يكتب عليهم أنهم “متل الصبي مع خالتو” لأنهم أيضا لديهم رأي بالتمديد وكيفما نظرنا إلى الموضوع نرى أنه عاصفة في فنجان”، لافتا إلى أن “التمديد هو مشروع شقاق كبير بين فريق 8 آذار، لأني أعتقد أن نواب كتلة الوزير السابق سليمان فرنجية لن تقبل بهذا المنحى وأيضا نواب كتلة التنمية والتحرير”.

ويختم:”مجلس الاعلى للدفاع لا يمكنه تولي أمور البلاد في حال الفراغ الرئاسي وتبقى إدارة البلد بيد حكومة تصريف الاعمال، كثير من السياسيين يعملون من”الحبة قبة” وعلينا العودة إلى الاحجام الطبيعية”.

الوزير ابراهيم نجار
ابراهيم نجار

طروحات غير جدية

على ضفة الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك فالتمديد للرئيس عون دونه عقبات سياسية وقانونية، إذ يشير لـ”جنوبية” إلى أن “العودة إلى أحكام الدستور تبيّن أنه ليس هناك إمكانية تمديد ولاية رئيس الدولة على الاطلاق، والولاية تنتهي بعد 6 سنوات من بدئها عملا بأحكام المادة 49 من الدستور، دون أن يكون هناك أي إمكانية لا للتمديد ولا للتجديد إلا بتعديل دستوري على هذه المادة المذكورة”، معتبرا أن “كل الاجتهادات التي تحكى بهذا الخصوص لا تتسم بالجدية ولا إجتهاد في معرض النص ولا سيما وان المادة 49 من الدستور صريحة وواضحة بهذا الاطار”.

مالك لـ”جنوبية”: لا تعديل دستوري بغياب حكومة أصيلة

يضيف:”ما حصل سابقا من تمديد كان نتيجة تعديل دستوري يدخل على نص المادة 49 حتى يتمكن مجلس النواب من التمديد لرئيس الجمهورية، واليوم كلنا نعلم أن أي تعديل دستوري هو بحاجة إلى ثلثي أعضاء مجلس النواب فهل هذا العدد يمكن أن يتأمن بتجديد الرئاسة للرئيس عون؟ولذلك أنا أرى ان موضوع تعديل دستوري بغياب حكومة ومع عدم توافق نيابي هو أمر غير جدي على الاطلاق”.

ويختم:”تسليم البلاد إلى المجلس الاعلى للدفاع هو كلام غير دستوري والمادة 62 من الدستور واضحة بأنه عند خلو سدة الرئاسة، يتولى مجلس الوزراء بالوكالة سلطة رئيس الدولة حتى إنتخاب رئيس جمهورية جديد”.

سعيد مالك خبير دستوري
سعيد مالك
السابق
الخروقات الإسرائيلية تابع.. دبابة و20 جندياً يمشّطون الحدود الجنوبية!
التالي
طرابلس تحمل شعلة الثورة في لبنان.. وبيروت تنتفض متضامنةً!