يشوعي لـ«جنوبية»: إنخفاض الدولار وهمي.. وقد يتجاوز الـ10 آلاف!

ايلي يشوعي خبير اقتصادي

لعلّ الإنخفاض الملحوظ بسعر صرف الدولار الذي شهده اللبنانيون بعد تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة كان بالنسبة لهم وكأن الدولار عاد الى سعر الصرف الرسمي اي 1500 ليرة للدولار الواحد، فيما سجّل حينها في السوق السوداء ما بين 6000 للشراء-و 6500 للمبيع، ولكن الإنخفاض الذي برز بشكل واضح عقب تكليف الحريري من 8000 ليرة للدولار الواحد الى الـ 6000 جعل اللبناني متفائلاً آملاً ان تكون عودة الحريري الإبن الى رئاسة الحكومة كعودة والده الشهيد في التسعين.

إلّا ان الإنخفاض بسعر الصرف ما لبث ان عاد ليرتفع مُجدداً مع العراقيل التي بدأت تواجه ارئيس المكلف الى ان بدأت القوى السياسية في الأيام الماضية تنعي الحكومة وسط الحديث عن توجه الحريري لتقديم اعتذاره عن التشكيل، ليرتفع بعدها سعر صرف الدولار مسجلاً يوم أمس الخميس واليوم الجمعة ما بين 8250-و8350 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وسط التساؤلات حول ما إن كان الإنخفاض بسعر الصرف مع عودة الحريري حقيقياً أم سياسياً بحت؟ وما مصير قيمة العملة الوطنية في الأيام القادمة؟ وهل من حلول بامكانها إخراج اللبناني من أزماته المالية الخانقة؟

في هذا السياق، يُجيب الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي على التساؤلات في حديث لموقع “جنوبية” قائلاً: “التعقيدات، التأخير بالتشكيل والتأليف، استنزاف ما تبقى من الاحتياطات في المصرف المركزي واستمرار الشركات بالانهيار وجائحة الكورونا والإقفال والخسائر المتراكمة على الجميع كلها من شأنها زعزعة الثقة أكثر فأكثر وبالتالي نتيجة انعدام الثقة هو المزيد من الطلب على الدولار ليس لأغراض تجارية إنما خوفاً من تدهور إضافي بسعر صرف الليرة اي نوع من اللجوء الآمن الى عملة الدولار، بالرغم من ان سعر صرف الدولار حالياً من الممكن ان تؤثر عليه الأحداث السياسية في الولايات المتحدة الأميركية (الإنتخابات) سلباً ايضاً”.

وعن الإنخفاض الذي حصل عقب تكليف الرئيس سعد الحريري قال ياشوعي: “لم يكن إنخفاضاً حقيقياً في السوق المالية إنما كان بمثابة عامل نفسي لا عامل إقتصادي، على قاعدة ان الحريري “سيأتي لنا بالمنّ والسلوى” والمساعدات والقروض وغيرها، أما فعلياً فالأزمة لم تكن لتُحلّ مع الحريري لأن الحريري سيذهب بنا نحو صندوق النقد الدولي بشروطه وارغاماته وقيوده على الإنفاق الرسمي وعلى الدعم”.

اما عن توجه مصرف لبنان لرفع الدعم عن المواد الأساسية مع نهاية العام وعلاقة هذه الخطوة على سعر الصرف، حّر يشوعي من اننا “سندخل بدوامة صعبة جداً، لأن الإرتفاع الكبير الذي سيحصل بالأسعار بسبب الغاء الدعم ولو كان جزئياً، فهذا من شأنه ان يتسبب بارتفاع في جملة الأسعار وبالتالي سيرافق البنك المركزي الإرتفاع بالأسعار بمزيد من طبع الليرة. وعادةً، عندما يقوم اي بنك مركزي في العالم بطبع عملة جديدة عليه ان يضمن لها اعلى قيمة حقيقية ممكنة، اما في لبنان فلم يعد باستطاعتهم ضمان اي قيمة لأي طبع جديد لليرات الجديدة وذلك بسبب نفاذ الإحتياطات من العملات الأجنبية في النظام المصرفي ككل، وبالتالي فالحلقة تلخص بـرفع دعم كلي او جزئي، ارتفاع الأسعار، طبع نقد جديد، لا قيمة للنقد الجديد، فسيترجم بارتفاع أكبر بالأسعار، فطبع نقد آخر جديد وبعده ارتفاع بالأسعار.. وهكذا دواليك”.

سعر صرف الدولار سيستمر بالإرتفاع ولا سقف له وقد يتجاوز بالطبع الـ10 آلاف ليرة للدولار الواحد!

وتابع: “إذ استمر الوضع على ما هو عليه، فسعر صرف الدولار سيستمر بالإرتفاع ولا سقف له وقد يتجاوز بالطبع الـ10 آلاف ليرة للدولار الواحد، لأنه في الأيام العادية حتى لو كان هناك حكومة، بينما لا يوجد أموال في المصارف ولا في المركزي إنما يوجد دولار في السوق الحرة فقط ، يلجأ الناس للحصول على دولار للحاجة التجارية فقط لأنهم يروون في الحكومة ضمانة نفسية، أمّا مع غياب الحكومة وفي ظل الفجوة السياسية الكبرى فهذا من شأنه ان يجعل الطلب على الدولار في السوق الحرة ليس طلباً تجارياً إنما طلباً نفسياً”.

وما حصل مع تكليف الحريري عندما قام اللبنانيون ببيع دولاراتهم لإيمانهم أن الليرة ستقوى مع تكليف الحريري كان عامل نفسي إيجابي، والعامل النفسي السلبي سيعمل تلقائياً مع تأخير تشكيل الحكومة أو إعتذار الحريري “.

وأشار يشوعي الى ان “حلقة الإنهيار هذه لا يمكن كسرها إلّا مع قلب الطاولة، فلا حلّ إقتصادي يمكن تبنيه سوى من خلال السلطة عبر الإطاحة بكل الفريق النقدي الذي سيطر على لبنان من عام 1993 الى اليوم ومحاسبته ايضاً على كل ارتكاباته، لأنه هناك العديد من الدول حول العالم أفلست ولكن الشعوب بقيت أموالها في المصارف وبقيت قادرة على سحب ودائعها، أما في لبنان فالوضع لا مثيل له بتاتاً ولا سابقة تاريخية لما يحصل في لبنان في العالم، وبالتالي يجب محاسبة الفريق المالي الحاكم والمسؤول عما يجري”.

عملة سلامة الرقمية

وعن العملة الرقمية التي يمهّد لها مصرف لبنان لتخفيض “التضخّم” كما يدّعى يقول يشوعي بسخرية: “ليتحّدث الجميع عن الحلول إلّا مصرف لبنان، فلا ثقة بتاتاً بالمركزي”.

يضيف: “اما الحديث عن العملة الرقمية فهو أمر خطر جداً، لأن لا قاعدة لها سوى قاعدة العرض والطلب، ولا يوجد شيء يحميها، من يحميها هم طالبوها فقط، فإذا وقف الطلب عليها إنهارت بينما العملات الأخرى ضمانتها الإحتياطات من العملات العالمية”.

وختم: “العملة الرقمية لا مصرف مركزي دولي ورائها ولا اي مؤسسة مالية دولية وبالتالي فهي عملة “وهمية” لا حقيقية”.

السابق
بالفيديو والصور: إشتباكات عنيفة بين عشيرتي آل جعفر وزعيتر.. ومقام السيدة خولة بمرمى القذائف؟!
التالي
«عيد الدني».. احتفالية تلفزيون لبنان بميلاد جارة القمر!