رياح الفرنسيين تُرسي سفن الحريري في مرفأ التكليف.. ماذا عن التأليف؟!

سعد الحريري

سارت رياح التكليف بما تشتهي سفن الرئيس سعد الحريري، بمعنى أنه إستطاع أن يثبت ان بإمكانه الحصول على أصوات أكثر من نصف النواب المشاركين في الاستشارات النيابية اليوم (65 من أصل 118) من دون أن يرضخ لإبتزاز رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وإعادة إحياء معادلة سعد –جبران معا في السلطة أو خارجها، لكن ما شهدناه في قصر بعبدا اليوم هو شوط من سباق يخوضه الرئيس المكلف مع الوقت لجهة تنفيذ الاصلاحات الإقتصادية المطلوبة قبل أن يذهب الكيان اللبناني برمته أدراج الرياح (وفق التصريحات المتكررة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان)، وفي مباراة تأليف حكومته التي لن تكون “نزهة” بعد أن أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأنه شريك بهذا التأليف ولن يوقع على مرسوم تأليف حكومة لا يرضى عنها.

اقرأ أيضاً: التكليف والتأليف والاستشارات.. «لا تسمن ولا تغني من جوع»!


ما يمكن تسجيله على هامش يوم التكليف الطويل ملاحظتين أساسيتين الاولى هي الخطاب الهادئ لكتلة الوفاء للمقاومة تجاه الحريري بالرغم من عدم تسميته وإن كان حزب الله لم يتوصل معه إلى الان إلى قواسم مشتركة حول كيفية تنفيذ الشق الاقتصادي من المبادرة الفرنسية، والثانية هو الخطاب المقتضب الذي ألقاه الحريري بعد تبلّغه بنتائج التأليف بأنه “سينكب على تأليف حكومة إختصاصيين بسرعة”، ناهيك عن ملاحظات أخرى مثل تسمية كتلة القومي السوري له( حلفاء حزب الله) ونواب مستقلين آخرين(جهاد الصمد وعدنان طرابلس وأدي دمرجيان ونهاد المشنوق) وهذا الامر لم يكن مألوفا في الإستشارات النيابية السابقة التي يكون فيها الحريري مرشحا، مقابل عدم تسميته من كتل نيابية كبيرة (التيار الوطني والقوات) مما يحرره من عبء الاستجابة لمطالبهم.

على ماذا يستند الحريري؟


كل هذه المعطيات كيف يمكن “تقريشها” خلال عملية التأليف القادمة وعلى ماذا يستند الحريري حين يصرح بأن “تأليف حكومته سيكون سريعا”؟ من البديهي القول أن أول مدماك يساند الحريري في رحلة التأليف هو المبادرة الفرنسية التي يريد الفرنسيون والمجتمع الدولي تحويلها إلى واقع وهذا أمر لا يمكن لأي طرف لبناني أن يعلن صراحة بأنه سيقف عقبة بوجهه، لكن السؤال هو هل التنفيذ سيكون على الطريقة “اللبنانية” أم سنشهد محاولة فرنسية أخرى لتنفيذ هذه المبادرة على غرار ما شهدناه عند تكليف السفير مصطفى أديب؟
يعتبر مصدر دبلوماسي أن الاجابة على هذا الامر ينطلق من حقيقتين أساسيتين الاولى أن الفرنسيين هم برغماتيين وواقعيين والثانية أنهم يستخلصون العبر من الانتكاسات التي يواجهونها، ويشرح ل”جنوبية””أن الفرنسيين سينطلقون من هاتين الحقيقتين في مساندتهم الرئيس الرئيس الحريري لتأليف الحكومة، بمعنى أنهم لن يتصرفوا على نفس النهج الذي إتبعوه مع حكومة السفير مصطفى أديب لجهة تحديد مهلة لتأليف الحكومة، لأنهم بعد المراجعة وجدوا أنهم أخطأوا في هذه الخطوة وأن تحديد مهل لتأليف الحكومة غير مجدي ويورط فرنسا في الوحول اللبنانية وهذا ما لا يريدونه”.
يضيف:”سيكتفون هذه المرة في تشجيع الافرقاء اللبنانيين على التفاهم لأن إضاعة الفرصة هذه المرة يعني تهديد للكيان اللبناني ووجوده في ظل التغييرات التي تحصل في المنطقة والصراعات والتسويات، الفرنسيين سيعظون المسؤولين اللبنانيين وسيستخدمون نفوذهم من دون الدخول في الوحول اللبنانية ومن دون تحديد مهل، وسيقولون للمسؤولين صراحة أنه إذا بقيت الامور في هذا المنحى لجهة عدم تحملهم المسؤولية وغياب الرؤية، فهذا الامر سيدفع الدول الكبرى إلى تقرير مصير لبنان بمعزل عن رأي هذه القوى بما يعني أن “البلد راح”.

«مولد بلا حمص»

يلفت المصدر بأن “الفرنسيين سيقبلون بحكومة تكنوسياسية وهم يريدون حكومة لتثبيت الوضع وإجراء الاصلاحات ُتبقي البلد على قيد الحياة ولا يطمحون إلى حصول تغيير جذري لأنهم يعرفون أن الامر صعب”، مشددا على أن “الامور ليست خلافا بين باسيل والحريري بل القصة اكبر، وحقيقة الامور هي التالي التيار الوطني الحر بشخص باسيل يعتبر أن الامور سبقته لجهة حصول تواصل إقليمي مع بعض الاطراف اللبنانية وهو سيطلع “من المولد بلا حمص”، لاسيما أن هناك إستحقاقات آتية على لبنان تخصه ولا سيما منها الانتخابات الرئاسية وبالتالي باسيل يتصرف على مبدأ “خالف ُتعرف” وهذا ما نبّه له رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حين قال”إذا إستمر فريق بلعب بهذه اللعبة سنصبح مثل الهنود الحمر لأننا لا نحسن قراءة المتغيرات الدولية”.
يذكر المصدر”بأن وزير الخارجية الفرنسية ردد ثلاث مرات بأن الكيان اللبناني مهدد، والفرنسيين دخلوا المبادرة الفرنسية من منطلق حسن النية بما يؤمن لهم دور في منطقة الشرق الاوسط، وهم لا يحبذون ربط حماسهم لإنقاذ لبنان عبر المبادرة بسبب حفظ حصتهم مصالحهم في الغاز في منطقة الشرق الاوسط”.

والسؤال الذي يصرح هنا هل يساند الاميركيون الرئيس الحريري في رحلة تأليفه على غرار ما يفعل الفرنسيون؟ يجيب المصادر:” تأثير الاميركيين أكثر فعالية في الملف اللبناني، لكنهم يتحركون وفقا لأجندتهم الخاصة مع ترك هامش للفرنسيين في التحرك بما يبقي لبنان على قيد الحياة بالحد الادنى”، لافتا إلى أن “إنفراط عقد الكيان اللبناني مسألة تقلق الاميركيين لجهة إمكانية سيطرة الطرف الاقوى على البلاد أي محور 8 آذار وهذا ما لا يردونه ولا يريدون الدخول في تدخل مختلف لتغيير المعادلة عبر حرب إسرائيلية-لبنانية أو حرب داخلية على طريقة اليمن”.

رياض طبارة

أجندة خاصة

يوافق سفير لبنان السابق في واشنطن طبارة على أن الاميركيين لهم مقاربتهم الخاصة للملف الحكومي اللبناني ويقول لـ”جنوبية” “الاميركيون في المرحلة الاولى من المبادرة الفرنسية كانوا خلفها وليس إلى جانبها، واليوم دخلوا بقوة ومباشرة على الملف اللبناني من خلال إتصالات وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واللقاء المطول للسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا مع باسيل”، لافتا إلى أنه “يمكن التوقف عند عدم حدة حزب الله في التعاطي مع تكليف الحريري بما يعني ان هناك ضوء أخضر إيراني لتكليف الحريري، من دون أن يتضح إذا كان هذا الامر نتيجة تسوية فرنسية –إيرانية – أميركية على غرار مع يحصل في المنطقة (إطلاق رهائن أميركيين في سوريا وتبادل أسرى في اليمن) والامر يحتاج إلى المزيد من الوقت ويمكن تلمسه من مدى سرعة تأليف الحكومة اي أنه حصل إتفاق على المستوى الدولي أميركي – إيراني”.

طبارة لـ”جنوبية”: الاميركيون يتدخلون بشكل جدي


يضيف:”اعتقد ان الاميركيين يتدخلون بشكل جدي اكثر من السابق وهم يساندون الحريري في التكليف وربما في التأليف، ويدل كلام الرئيس عون يوم الاربعاء على مساندته النائب باسيل ويبدو انهم غير راضين عما حصل من مساندة أميركية للحريري وما سيحصل لاحقا، ولذلك فهم يدفعون نحو إطالة أمد التأليف عل أمل حصول تغيير في الظروف الدولية وإن كان لا مفر لهم من السير بالارادة الدولية ولو على مضض”.

السابق
الراقصة البرازيلية لورديانا تشغل الشارع المصري وتشعل الانستغرام!
التالي
كورونا لبنان تهاجم بشراسة: عدد المصابين قياسي.. ورقم الوفيات صادم!!