ثورة تتجدد بين «التشرينين »..وصوتها يتردد من السراي إلى الأليزيه!

الثورة اللبنانية
بين "التشرينين" بات صوت الثورة مرتفعاً وصاخباً ومسموعاً من السراي الى بعبدا فعين التينة وحارة حريك وميرنا الشالوحي وبيت الوسط حتى الاليزيه ومبادرة سيده ايمانويل ماكرون والتي "ذبحت" على ابواب بعبدا وحارة حريك.

بين 17 تشرين الاول 2019 و17 تشرين الاول 2020 ، مر عام مليء بالتشويق والاثارة، بالحزن والدموع والدماء بالثورة على الظلم والفساد واسترداد المال المنهوب والموهوب وإسقاط طبقة عفنة ومتعفنة بالتجاوزات والارتكابات والمال المسروق من دم الشعب وعلى حساب صحته وحياته ولقمة عيشه.

بين “التشرينين” انطلقت ثورة، هاجت وماجت وانتفضت وكرست ادبياتها واسقطت حكومتين وفرضت ايقاعها على اكثرية فاسدة ومفسدة وعلى كل الطبقة السياسية التي باتت تمشي وتتلفت وراءها خوفاً من غضب الثوار ومراقبتهم وكشفهم لممارسات ماجنة سياسياً ومالياً واقتصادياً وعرتهم واحداً واحداً واخضعتهم لمحكمة الثورة والشعب والجوع والشارع.

بين “التشرينين” بات صوت الثورة مرتفعاً وصاخباً ومسموعاً من السراي الى بعبدا فعين التينة وحارة حريك وميرنا الشالوحي وبيت الوسط حتى الاليزيه ومبادرة سيده ايمانويل ماكرون والتي “ذبحت” على ابواب بعبدا وحارة حريك.

وخلال احياء الذكرى السنوية للثورة اكد الحراك انه متمسك بما انجزه ويستعد لتطوير حركته في الشارع رغم البطش والقمع والتخبط السلطوي ورغم الكورونا، لتكون مطالب توحيد الجبهات والمضي قدماً بمشروع موحد في طليعة الاهداف الثورية قيد التحقق.

نصرالله: تنظيف الثورة نفسها

ولعل ما يؤرق بال الثورة والثائرين، هم المتسلقون على ظهرها والناطقين بإسمها زوراً.
وفي هذا الإطار يؤكد المحامي انطوان نصرالله وهو من الاعضاء المستقيلين والوجوه القديمة والمؤسسة لـ”التيار الوطني الحر” لـ”جنوبية”، ان ينبغي التفريق بين الثورة والتي هي مطالب كل الناس خصوصا هؤلاء اللبنانيون الذين عبروا في اول الثورة عن رفضهم لاهل النظام الذين سرقوا اموالهم واحلامهم، وبين بعض الناطقين باسم الثورة الذين استغلوا حراك الناس من اجل مكاسب شعبوية رخيصة لا تمت الى النضال بصلة.

ويرى نصرالله ان الثورة فرضت وحراك الناس واقعا لم يكن موجودا قبل 17 تشرين الاول، وهذا الواقع يتمثل اولا بوعي الناس لحقوقهم السياسية الاقتصادية والمؤسساتية.

رفيق غريزي لـ”جنوبية”: كشفت الاحداث “حزب الله” وأدبياته وشعاراته التي تحكمها المصلحة وتقديم اعتمادات مع حليفه العوني للاميركيين

كما ان انفراط عقد الاكثريات والاقليات وبالتالي خلط اوراق التحالفات بين القوى السياسية التي كانت مسيطرة على الساحة اللبنانية، واعتقد بان على الثورة ايجاد روابط سياسية.اضافة الى ذلك فان مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون انطلقت من ادبيات الثورة ومن تطلعاتها الاصلاحية والمؤسساتية.

ويشير نصرالله الى ان التحديات الاساسية للثورة تكمن في توحيد الجهود، طرد المنافقين منها، خلق جبهة موحدة ، وضع برنامج سياسي اقتصادي واجتماعي بهدف انقاذ لبنان، التحلي بالواقعية السياسية، ومعرفة المجتمع اللبناني،عدم الوقوع في فخ الاحزاب التقليدية القائم على “انا دائما على حق وغيري هو المخطىء”.

غريزي: العصيان المدني بات حقاً

في المقابل يذهب المحامي رفيق غريزي، وهو العضو الفاعل في ثورة 17 تشرين الاول والشريك في لجنة الدفاع عن المودعين، بعيداً في اشعال فتيل الثورة الدائم لأن الناس يعيشون في حالة من اليأس والخمود، فقد تم تسكير كل منافذ التنفس بوجههم.

ويرى ان التحدي الاول هو اعادة إحياء النفوس وحث الناس على العودة الاعتراضية المطلبية، ليس فقط في الشارع، ولكن بكل الوسائل المتاحة. العصيان المدني بات حقاً. لا بد من اخضاع السلطة على تغيير ادائها، لا بد من اجبار السلطة على التخلي عن “الجوكر”.

التحدي الآخر هو تحدي الملفات، والزام السلطة على إقالة رموز الفشل مثل رياض سلامة وغيره.

استحالة توحيد الشعارات والقيادات الثورية

وعن توحيد الجبهات والشعارات والمطالب والقيادات، يؤكد ان الذهاب الى مواجهة مع هذه السلطة المهترئة الفاسدة يكون اقوى بالتكاتف والتعاضد، الا ان قوى الثوة هم جزء من هذا النسيج المتنوع على كافة الصعد والمستويات.

وكما ان هذا النسيج متنوع وديموقراطي ويتضمن أهداف مختلفة ومتنوعة مع الاشارة الى ان هنالك إجماع وتوحد خلف المطالب المعيشية والحياتية والاقتصادية.

إقرأ أيضاً: معلومات لـ «جنوبية» : «تكتيك» جديد لـ« حزب الله» لتشغيل دولاراته..شراء الصيدليات المتعثرة!

وبالتالي من الطبيعي ان تعمد قوى المنظومة الى محاولة شرذمة الثورة، عبر الدخول من بوابة بعض الشعارات وتجاهل البعض الآخر المجمع عليها. هذا اسلوب النظام البوليسي، الذي لم يمر في السابق ولن يمر اليوم.

ويرى ان هناك شبه استحالة بتوحيد القيادات والشعارات وإلى ما هنالك، الا انه من الداعين والذين يتمنون اقله رص الصفوف وأن يسير الناس أمام الثوار لاسقاط الباب العالي، كائن من كان سلاطينه.

ماكرون ومهمته الخطيرة المزدوجة!

وعن مبادرة ماكرون وتأثيرها على لبنان والثورة وتبنيها لبعض أدبياتها، يقول غريزي: حضر ماكرون الى لبنان مرتين، وهذا دليل على التفاف واهتمام أوروبي وفرنسي.

ولكن ما كان ملفتا من زيارة ماكرون الحديث عن عقد اجتماعي جديد. هذا الامر يمكن ان يفهم من عدة وجهات نظر، الأولى والتي تعنينا بان العقد القائم على المحاصصة الطائفية والمكاسب والمغانم قد سقط، وهذا امر مشجع.

ماكرون
ماكرون

الثانية، ان هنالك تدخلاً لفرض ارادة متلبسة بالثورة، ومستغلة ثوب الثورة، وهذا ما نخشاه، وكأن في الامر ابعاد اخرى جيو سياسية واعادة تموضع ونفوذ إقليمي.

البعد الثالث، وضع حد لـ”حزب الله” ولحكوماته المتعاقبة التي فجرت كامل الوضع في البلاد.

انطوان نصرالله لـ”جنوبية”: التحديات الاساسية للثورة تكمن في توحيد الجهود وطرد المنافقين منها ووضع برنامج سياسي اقتصادي واجتماعي انقاذي

واننا من منظار سقوط المنظومة التقليدية القائمة على المحاصصة ومن منظار الفرض على “حزب الله” تحمل مسؤولياته فقد ووجهت هذه المبادرة وتهاوت بإرادة سياسية واضحة كي لا تمر.

ما يهم الثورة الا يتم تأميم قضاياها، قضايا الناس هي قضايا فساد وهي قضايا خبث السلطة السياسية، ولن ينغش الناس بكل البهلوانيات السياسية التي تحاك لاحباطها.

هل ترضخ السلطة؟

اما عن رضوخ السلطة، فالسلطة لم ترضخ، وانما تتعنت بفجور، وهي ثابتة على ادائها الكلاسيكي القائم على المحاصصة الطائفية والصفقات والسرقات. بل زادت في الفجور وقاحة، وما الدليل الى ذلك حجم الإذلال اليومي الذي يتعرض له المواطن اللبناني في المصارف مع الحد على السحوبات حتى بالليرة اللبنانية.

الثورة فرضت ادبياتها

وحتى انه لا يمكن القول ان هنالك تغير الأدبيات، بل يصح القول انه غابت الادبيات على الاطلاق.
من جهة الرئيس الحريري ليعود ويستجدي تكليفه، وكأن البلاد لم تتفجر ولم تذبح من الوريد الى الوريد. وفي المقابل يعود جبران باسيل دون خجل ويوعز الى رئيس الجمهورية من خلال خطابه الاخير بتأجيل الاستشارات. والأخير لم يمتثل. لا وجود لرئيس جمهورية، بل لجبران باسيل الذي يبتز بالدولة وبالناس وبالعباد. وعن أية ادبيات نتحدث، أنهم لا يخجلون!

“هلهلة” شعارات “حزب الله”!

ويشير غريزي الى ان ما يحدث اليوم كشف “حزب الله” وأدبياته وشعاراته التي تحكمها المصلحة وتقديم اعتمادات مع حليفه العوني للاميركيين. وما إطلاق عامر فاخوري الا دلالة على أن القضاء غائب، وهو غب الطلب . ولكن المفارقة، كيف ارتضى “محور المقاومة” هذا الاخراج؟!

اما عن ترسيم الحدود، فعلى “حزب الله” أن يجيب، ان كان قد اقتنع بنهائية الكيان اللبناني هذا أمر جيد. وإذا كان قد اقتنع ان الأرض قد استعيدت، فلا حاجة للسلاح اذا وليعد الى الشرعية اللبنانية تحت مظلة الجيش. والثورة التي لا تهدف الى قيام دولة قوية وقادرة لا جيش فيها الا جيش الشرعية، هي ثورة ساقطة.

اما عن التفاوض مع العدو الاسرائيلي، فيجب ان تحكمه الأعراف الدولية. هي مفاوضات تقنية بحتة، ونرفض بالمطلق ان تمثل بمدنيين. وان تفويض رئيس الجمهورية لمدنيين في مثل هذه المفاوضات، يجعله في خانة الشك. على كل فهذا الرئيس هو رئيس هالك، اسقط الدولة ولم يسقط، نظريا بل سقط من ضمائر الناس!

في الختام، لا الدول ستعين لبنان، ولا لبنان قادر على النهوض ما لم يرغب فعلا يأن ينشئ دولة مؤسساتية، قائمة على المؤسسات، وعلى المحاسبة والشفافية. ولنودع اي دعم من الصندوق الدولي ومن الدول المانحة طالما ان الفريق الذي يستلم البلاد هو فريق مغطرس، وغارق في الفساد.

السابق
هذا ما جاء في مقدمات النشرات المسائية لليوم 21/10/2020
التالي
الكنيسة المارونية و17 تشرين..الراعي «يلامس» الثورة «من بعيد» ولا ينتسب إليها!