الأسد يُجوّع شعبه ويُقنن البنزين..«رقص مميت» على حافة الإنهيار!

نفط سوريا

مع دخول الازمة السورية بدايةعامها العاشر، ومع تطبيق “قانون قيصر” مترافقاً مع عقوبات اميركية صارمة ضد نظام الرئيس بشار الاسد يتجه هذا البلد الى أزمة جديدة بالاضافة الى تفشي “كورونا”، عنوانها رغيف الخبز والبنزين الامر الذي من شأنه ان يفاقم الازمة ويدفع الى إنفجار اجتماعي كبير.

وفي تطورات الازمة المعيشية، بات لكل مواطن سوري 4 ارغفة خبز يومياً فقط كحد اقصى، فمع عجزها عن توفير «الخبز المدعوم» بالسعر الحكومي، ومادة البنزين، أصدرت الحكومة السورية أمس قرارين: الأول، يقضي بتقليص حصة العائلة اليومية من الخبز، الأمر الذي أثار غضب المواطنين واتهامهم إياها بـ«تجويع الناس للتغطية على عجزها»؛ والثاني، يقضي بزيادة فترة التعبئة لمادة البنزين، مع وصول طوابير السيارات أمام محطات الوقود إلى عدة كيلومترات. 

البطاقة الإلكترونية

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية أعلنت أمس «البدء ببيع مادة الخبز المدعوم للمواطنين عبر (البطاقة الإلكترونية)، وفق نظام الشرائح، في جميع مخابز دمشق وريف دمشق واللاذقية». وأشارت إلى أنه وفق الآلية الجديدة لبيع مادة الخبز التي تم البدء بالعمل بها أمس، فإنه «يحق يومياً للعائلة المؤلفة من شخص أو شخصين الحصول على ربطة خبز واحدة، والعائلة المؤلفة من ثلاثة أو أربعة أشخاص على ربطتين، والعائلة المؤلفة من خمسة أو ستة أشخاص على ثلاث ربطات، ومن سبعة أشخاص وما فوق على أربع ربطات»، بعد أن كانت كل عائلة تحصل يومياً على أربع ربطات، بغض النظر عن عدد أفرادها. 

وبررت الوزارة قرارها بأنه يأتي «في إطار الجهود التي تبذلها لتأمين احتياجات الأسرة بشكل عادل، ولمنع التلاعب والاتجار بمادة الخبز، وتخفيف حالة الازدحام على الأفران». 

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ عدة أسابيع أزمة خانقة في تأمين الخبز بالسعر الحكومي المدعوم أرهقت المواطنين المرهقين أصلاً من الفقر، وهي تتزايد بشكل يومي مع إغلاق كثير من الأفران بسبب نقص مادة الطحين، وحصول حالات ازدحام أمام العاملة منها غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل أكثر من 9 سنوات. ويبلغ السعر الحكومي للخبز المدعوم 50 ليرة للربطة الواحدة، المؤلفة من 8 أرغفة، على حين باتت تباع الربطة في السوق السوداء بأكثر من 500 ليرة. 

إقرأ أيضاً: الاسد يلهث لتعويمه حتى التطبيع..سكوته عن الإتفاق الإماراتي مع اسرائيل ليس مجانياً!

ولاقى قرار الحكومة الجديد تنديداً واستنكاراً شديدين في الشارع. ويقول لـ«الشرق الأوسط» مدرس في العقد الثالث: «يتحججون بتطبيق العدل، ومنع التلاعب، والحقيقة باتت واضحة؛ إن هناك حكومة عاجزة تريد التغطية على عجزها، على حساب المواطنين المعدمين وتجويعهم». ويوضح المدرس أن «غالبية العائلات، في ظل فقرها الشديد وعجزها التام عن الطبخ، باتت تعتمد على الخبز أكثر من السابق، والحكومة بذلك تدفع إلى تفاقم الجوع لدى المواطنين لأن قلة نادرة من الناس لديها القدرة على شراء الربطة بـ500 (ليرة)».

خط الفقر

وتقدر تقارير أممية ودراسات أن أكثر من 87 في المائة من السوريين في مناطق سيطرة الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، إذ لا يتجاوز معدل الدخل الشهري للعاملين في الدولة 60 ألف ليرة، على حين يقدر خبراء اقتصاديون أن العائلة المؤلفة من 5 أشخاص تحتاج شهرياً إلى أكثر من نصف مليون ليرة. 

وقبل 2011، كانت سوريا تنتج 4 ملايين طن من القمح في العام، وكان بإمكانها تصدير 1.5 مليون طن، في وقت قدر فيه تقرير أممي إنتاج القمح فيها العام الماضي بنحو 1.2 مليون طن، وهو أدنى مستوى منذ 29 عاماً، وسط معلومات عن أنها تسلمت منه نحو 500 ألف طن فقط، مع إمكانية تراجع الإنتاج أكثر هذا العام. 

وتحتاج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى ما بين مليون ومليون ونصف طن سنوياً لسد احتياجاتها من مادة الطحين، ولذلك تقوم «المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب» التابعة للحكومة منذ اندلاع الحرب في البلاد بطرح مناقصات عالمية للشراء. 

وكانت محافظات الجزيرة، الحسكة ودير الزور والرقة، التي تسيطر على معظمها «قوات سوريا الديمقراطية» العربية – الكردية، إضافة إلى حلب، تشكل الخزان الاستراتيجي للقمح لأكثر من 23 مليون سوري. 

وفي العام الحالي، أبدت الحكومة استعدادها لشراء كل القمح الذي يقدم لها عبر مراكز الشراء والتجميع، بينما أعلنت الأمم المتحدة العام الماضي أن هناك 13 مليون شخص من السكان في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. 

وفي حين يقوم عدد من المزارعين في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» ببيع محاصيل القمح لـ«الإدارة الذاتية»، يقوم مزارعون في مناطق الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا ببيع القمح لمراكز تابعة للحكومة المؤقتة المدعومة من تركيا. 

وبالترافق مع قرارها تقليص حصة العائلة اليومية من مادة «الخبز المدعوم»، أصدرت الحكومة قراراً آخر بزيادة مدة التعبئة لمادة البنزين للسيارات الخاصة والعامة، مع وصول طوابير السيارات أمام محطات الوقود إلى عدة كيلومترات، وانتظار أصحابها ليوم كامل، وبعضهم ليومين، للحصول على المادة، لدرجة أن كثيراً من المواطنين باتوا يتندرون بالقول إن سوريا يجب أن تدخل موسوعة «غينيس» بأطول طوابير أمام محطات الوقود.

«بطاقة ذكية» للوقود

قالت وزارة النفط والثروة المعدنية، في بيان، إنها قررت تعديل مدة تعبئة مادة البنزين على «البطاقة الذكية» لجميع الآليات العامة والخاصة، وذلك بهدف تخفيف الازدحام على محطات الوقود قدر الإمكان، وتوزيع الكميات على الشريحة الأوسع من المواطنين. 

وذكرت أنه «تم تحديد مدة التعبئة مرة واحدة لكل آلية خاصة بفارق زمني 7 أيام من آخر عملية بيع، سواء من الشريحة المدعومة أو غير المدعومة، وفق مخصصاتها الشهرية، ومرة واحدة لكل آلية عامة بفارق زمني 4 أيام من آخر عملية بيع، وفق مخصصاتها الشهرية».

كما حدد القرار التعبئة مرة واحدة كل 7 أيام للدراجات النارية، وفق الكمية المخصصة لها. ومع اندلاع أزمة توفر البنزين، بداية سبتمبر (أيلول) الحالي، خفضت الحكومة كمية تعبئة البنزين للسيارات الخاصة من 40 إلى 30 لتراً كل 4 أيام، علماً بأن مخصصات السيارة الخاصة شهرياً عبر «البطاقة الإلكترونية» تبلغ 100 لتر. 

ويبلغ سعر اللتر الواحد من البنزين المدعوم عبر «البطاقة الإلكترونية» 250 ليرة سورية، في حين بات يباع في السوق السوداء في ظل الأزمة الحالية بأكثر من ألفي ليرة. 

وكانت دمشق قد شهدت، في أبريل (نيسان) 2019، أزمة توفر البنزين، إذ انحسرت إلى حد كبير حركة السيارات في الشوارع، وارتفع مستوى التذمر الشعبي. 

انخفاض انتاج النفط

وتتقاسم الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» السيطرة على حقول النفط، لكن غالبية النفط السوري يقع تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، في محافظتي الحسكة ودير الزور، وتنحسر سيطرة الحكومة السورية على حقول النفط في مناطق غرب الفرات، في دير الزور وسلسلة الجبال التي تعرضت للتخريب خلال المعارك مع تنظيم داعش. 

وبلغ إنتاج سوريا قبل اندلاع الحرب في عام 2011 نحو 400 ألف برميل نفط يومياً، أكثر من نصفها للاستهلاك المحلي، والباقي للتصدير. أما اليوم، فلا تتجاوز نسبة الإنتاج 14 ألف برميل يومياً، حسب مصادر حكومية. 

ويأتي تفاقم أزمتي توفر الخبز والبنزين في دمشق، وعموم مناطق سيطرة الحكومة السورية، لتضاف إلى أزمات قائمة، تشمل أسطوانات الغاز المنزلي والكهرباء والماء والدواء، وسط عقوبات اقتصادية مشددة تفرضها الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية وإقليمية على الحكومة السورية.

السابق
الاسد يلهث لتعويمه حتى التطبيع..سكوته عن الإتفاق الإماراتي مع اسرائيل ليس مجانياً!
التالي
«السايبر» الإسرائيلي يخترق العقل الأمني لـ«حزب الله»..هذا هو قاتل مغنية!